الرأي

الشيخ حسّان وفيفي عبده

عندما كانت مصر، تصدّر للعالم فكر رجالاتها من أمثال محمد عبده وسيد قطب وأحمد أمين وعباس محمود العقاد وطه حسين، من أجل منح فسحة التفكير للطرف العلوي من جسم الإنسان، بالتدبّر، كان أنصار الطرف السفلي، ينشطون مع بداية ظهور السينما، حيث استعملوا مدرسة سامية جمال في تخدير الأمة، وتواصلت المعركة وبلغت وطيسها الحامي، بعد الانقلاب على حكم الدكتور محمد مرسي، إلى درجة أن السلطة الانقلابية، جمّدت كل القنوات الدينية التي كانت تقدم الكلمة الطيبة وكتاب الله، وفتحت أبوابها لكل القنوات العمومية والخاصة لرافضي التفكير، إلى درجة أن صفوت حجازي والشيخ حسان صارا عرضة للسخرية والنبز، من راقصات تستضيفهن الصحفية هالة سرحان وغيرها من الإعلاميين.

ولا يوجد منظر أبشع من أن تخاطب الراقصة فيفي عبده، التي تزوجت ست مرات وهي بطلة فيلم “بائعة الحب”، الجماهير، وتحذّرهم من أفكار الشيخ محمد حسان، صاحب كتاب “الثبات حتى الممات”، أو تستهزئ إلهام شاهين، بطلة فيلم “لحم رخيص” بأفكار صفوت حجازي، صاحب كتاب “نساء بيت النبوة”.

وعندما يبلغ الصراع في مصر هذا المستوى من خلال محاولة مزج العسل بالعلقم، فإننا على عتبة معركة فريدة من نوعها، الرابح فيها خاسر، والخاسر هو على الدوام مصر.

وفي غياب كبار مصر مثل محمد حسنين هيكل وحمدي قنديل وأحمد الزويل، لم يجد أصحاب القنوات الكثيرة في مصر لأجل إقناع الشعب بـ”عظمة” السيسي، و”مخاطر” الإخوان، سوى الاستنجاد بالفنانين والفنانات، وإذا كنا نجد للفنانات أعذارا في الظهور في محاولة لتطهير أنفسهن، أو استغلال فرصة الإشهار المجاني لأعمالهن الفنية، فإننا لا نفهم لماذا تلجأ هاته القنوات، وهي تعلم أنها تطعن مصر في الظهر، إلى أمثال روبي ودينة ونبيلة عبيد ولوسي، اللائي لا يتقنّ في الحياة سوى مخاطبة الجزء السفلي من الإنسان، وكيف يصرّون على تشويه مصر الحضارة والبلد العربي الوحيد الذي افتك جائزتي “نوبل” في العلوم وفي الآداب، وعرفه العالم بأزهره وبمفكريه ولم يعرفه أبدا بضيفات برامج هالة سرحان.

أكيد أن للإخوان أخطاؤهم على كثرتها، وأكيد أن للانقلابيين محاسنهم على قلّتها، ولكن كتم أنفاس الطرف الإخواني، ومنعه من إبداء رأيه وبعث تنهيداته، وتعويض هذا الفراغ بكلام الراقصات، سيجعل من بريق الأمل لأجل أن تعود مصر للطمأنينة ولو بانتصار الانقلابيين يتلاشى.

 

عندما انضم الدكتور محمد البرادعي، للانقلابيين كان لسان أبواق الفتنة لا يذكر إسمه إلا مقرونا بجائزة “نوبل” المشبوهة للسلام، التي حصل عليها بعد أن ساهم في نسف بلاد الخلافة العباسية، وعندما صحا جزء من ضميره أو هكذا خُيّل للمتفائلين، أصبح صاحب “نوبل” للسلام صديقا للإرهابيين، ويبقى هذا التحليل، ليس من اجتهاد المفكرين والمحللين، وإنما على لسان الفنانين والفنانات الذين قدموا دائما خدماتهم تحت الطلب، منذ أن غنّت أم كلثوم لجمال عبد الناصر، ولحّن سلام (كامب ديفيد) لأنور السادات، محمد عبد الوهاب، وبيّض أحمد زكي، سيرة حسني مبارك في فيلم السادات عبر وهم الضربة الجوية، وترقص الآن نجوى فؤاد وأخواتها للسيسي.  

مقالات ذات صلة