-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الصحابة يقتدون برسول الله

خير الدين هني
  • 224
  • 0
الصحابة يقتدون برسول الله

كان عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- لكثرة ورعه وزهده وحبه لرسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وتأثره بأفعاله وأقواله وحركاته وسكناته وأحواله؛ يفعل كل ما كان يفعله قدوتُه، فكان ينزل حيث كان رسول الله ينزل، ويصلي حيث كان يصلي، ويبول حيث كان يبول، وينام حيث كان ينام، والمشهور أن هذا مما انفرد به ابن عمر من بين الصحابة -رضي الله عنهم.

أفعال النبي -صلى الله عليه وسلم- تختلف بحسب طبيعة الفعل، فمنها ما يدخل في باب التشريع لأحكام الدين والعبادات، وهو ما يعرف بالسنة النبوية التي هي وحي من الله -تعالى- وليست أفعالا من تلقاء نفسه، سنّها -صلى اله عليه وسلم- لتفصّل ما أجمل من القرآن، أو تؤول ما تشابه منه مما استغلق على الأفهام، لغموضه في الدلالة وحمله وجوها ظاهرية وباطنية، لا يعلمها إلا الله والراسخون في العلم، وهم قليل من الصحابة من يقدرون على التأويل، كابن عباس الذي تفرّد من دون الصحابة بتعمّقه في معرفة دلالات القرآن الباطنية.

وبعض أفعاله -صلى الله عليه وسلم- لم تكن متعلقة بالتشريع، وإنما هي داخلة في الطبيعة الجبلّية للإنسان، ممّا يدخل في باب المباح، الذي يراد به التخيير بين الفعل والترك، وليس من باب التكليف، وذلك لا يُعدّ تشريعاً لأحكام معينة، والاقتداء به من التخيير وحسب ولا يترتب عليه حرج شرعي، فمن التزم به فلا حرج عليه، ومن تركه فلا حرج عليه، والمباح ما يدخل في مساحة الحلال والجائز، وهو ما لا يتعلق به أمر ولا نهي لذاته، مثل تناول الطعام والشراب، وممارسة البيع والشراء، والسفر لطلب الرزق أو لأيّ غرض من أغراض الدنيا المسموح بها شرعا.

وكان عبد الله بن الزبير لفرط حبه للنبي -صلّى الله عليه وسلّم- قد شرب دمه من الحجامة حينما أعطاه إياه ليسكبه بعيدا عن الناس. فقد اشتهر في المصادر الإسلامية القديمة من طريق التواتر أن عبد الله ابن الزبير “أَتَى النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وَهُوَ يَحتَجِمُ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: يَا عَبدَ اللَّهِ اذهَب بِهَذَا الدَّمِ فَأَهرِقهُ حَتَّى لا يَرَاهُ أَحَد، فَلَمَّا بَرَزَ عَنِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّم- عَمَدَ إِلَى الدَّمِ فَشَرِبَه، فَقَالَ: يَا عَبدَ اللَّهِ مَا صَنَعتَ؟ قَالَ: جَعَلتُهُ فِي أَخفَى مَكَانٍ ظَنَنتُ أَنَّهُ يَخفَى عَلَى النَّاس، قَالَ: لَعَلَّكَ شَرِبتَه، قَالَ: نَعَم. قَالَ: “وَلِمَ شَرِبتَ الدَّمَ؟! وَيلٌ لِلنَّاسِ مِنكَ وَوَيلٌ لَكَ مِنَ النَّاسِ”.. وإن كان الدم المسفوح من المحرمات النجسة، وقد جاء الدليل من الكتاب والسنة والإجماع على تحريم شربه، كما جاء في الآية الثالثة من سورة المائدة: ((حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ))، وكان -رضي الله عنه -يريد كما كان يعتقد، كسب خصائص النبوة من شربه دم النبي-صلى الله عيه وسلم-مع علمه بحرمة شربه.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!