-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
اعتبرا المقاومة الفلسطينية الخيار الوحيد للبقاء على قيد الحياة

الصحفيان البريطانيان ديفيد هيرست وجونثان كوك يفضحان النفاق الغربي

الطاهر حليسي
  • 1616
  • 0
الصحفيان البريطانيان ديفيد هيرست وجونثان كوك يفضحان النفاق الغربي

قبل شهر من وقوع طوفان الأقصى، كتب ديفيد هيرست الصحفي البريطاني الشهير مقالا حذر فيه من عواقب الاستيطان ومن تنامي الشعور الفلسطيني اليائس من تطبيق نتائج اتفاقيات أوسلو، التي تفرض حل الدولتين، ففي مقال عنونه “أيها الإسرائيليون ماتت اتفاقية أوسلو، والفلسطينيون لن يرحلوا”، أكد كبير كتاب الغارديان البريطانية – سابقا- ورئيس تحرير موقع عين على الشرق الأوسط ما يلي: “صار واضحا إلى حدٍّ مؤلم أن إنشاء دولة فلسطينية إلى جانب دولة تُعرّف نفسها بأنها يهودية هو أمرٌ في حكم المستحيل”.
لقد مات الأمل في أن تكون ترتيبات اتفاقية أوسلو سبيلاً إلى حلٍّ ما لهذا الصراع لقد بات هناك 700 ألف مستوطِن في الضفة الغربية والقدس الشرقية، وليس هناك أي سياسي ولا حركة إسرائيلية مستعدة لإخراجهم من هذه المناطق، بل إننا نشهد نقيض ذلك، فضمُّ الأراضي الفلسطينية يجري على وتيرتين: إحداهما بأسلوب الزحف الذي تؤيده طائفة واسعة من النخبة السياسية الإسرائيلية، سواء أكانت تنتمي إلى قوى الوسط أم قوى اليمين؛ والأخرى تتبنّى أسلوب التعجيل بضمِّ الأراضي في الحال، مثل الحزب الديني القومي وأنصار الصهيونية الدينية، وهذه القوى هي التي صارت تمسك بزمام الأمور الآن.
ويفسّر الكاتب البريطاني ما يعنيه من أسباب عميقة للوضع في تضادّ مع النظرة السطحية للإعلام الغربي الذي يركز عن المسبب لا السبب في إشارة للتعنت الإسرائيلي في تجاهل اتفاقيات أوسلو بقوله “ومن عواقب أوسلو كذلك، أن جيلا جديدا من المقاومة ما انفكّ يتشكّل، فالاتفاقية لم تعط شيئاً للفلسطينيين الذين لم يغادروا حين أعلنت إسرائيل دولتها. وانخرطوا في المقاومة المباشرة للمحتل، وهم يعلمون علم اليقين أن القيادة التي ساقتهم إلى أوسلو والمجتمع الدولي قد خانوهم”، متوقعا في مقال آخر عنوانه “لماذا لا يمكن لدولة يهودية متعصبة لنفسها أن تنتصر أبدا؟”، نشوب حرب قادمة لا محالة قائلا: “بينما تتمتع إسرائيل بتفوُّق عسكري وأمني ساحق، يُظهر الفلسطينيون تصميما والتزاما كاملين بالبقاء في مكانهم والقتال، وهذا ينطبق على هذا الجيل أكثر مما ينطبق على آبائهم وأجدادهم. قد لا يُحسَم هذا الصراع من قِبل الجانب الذي يقتل بشكل أكثر كفاءة وسرعة. لقد تبدَّدت تلك الحقيقة منذ فترة طويلة؛ قد يتوقف الأمر على من لديه الإرادة الأكبر، والقدرة على التحمُّل الأكبر، والقوة الأكبر للبقاء”.
عندما صدقت مقالات ديفيد هرست ووقعت الحرب الفعلية يوم 7 أكتوبر الجاري، كتب جوناثان كوك وهو مؤلف ثلاثة كتب عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وحائز على جائزة مارثا غيلهورن الخاصة للصحافة، مقالا في موقع “ميدل أيست أي” بعنوان “إن نفاق الغرب تجاه اندلاع حرب غزة أمرٌ مثير للاشمئزاز”، شرح فيه التناقض الصارخ مزدوج المعايير بقوله “التدفق الحالي من التعاطف مع إسرائيل من شأنه أن يجعل أي شخص نصفه بائس القلب، لا لأنه ليس من المروع أن يموت ويعاني المدنيون الإسرائيليون بهذه الأعداد الكبيرة. ولكن لأن المدنيين الفلسطينيين في غزة واجهوا هجمات متكررة من إسرائيل عقدًا بعد عقد، مما أدى إلى معاناة أكبر بكثير، لكنهم لم يُبدوا أبدًا جزءًا صغيرًا من القلق الذي يعبِّر عنه حاليًا السياسيون أو الجمهور الغربي” مقدما نظرة أخرى تكسر جليد التجاهل للإعلام الغربي، حين أوضح: “إن كل التحليلات الحالية التي تركز على “الأخطاء” الاستخبارية الإسرائيلية تصرف الانتباه عن الدرس الحقيقي المستفاد من هذه الأحداث سريعة التطور، فلم يهتم أحد حقا بينما كان الفلسطينيون في غزة يتعرّضون للحصار الذي تفرضه إسرائيل والذي حرمهم من أساسيات الحياة. إن بضع عشرات من الإسرائيليين الذين يحتجزهم مقاتلو حماس كرهائن يتضاءل بالمقارنة مع مليوني فلسطيني تحتجزهم إسرائيل كرهائن في سجن مفتوح منذ ما يقرب من عقدين من الزمن”، مقدّما بعض الوقائع الحقيقية: “لم يهتم أحدٌ حقا بينما كان الفلسطينيون في غزة يتعرَّضون للحصار الذي تفرضه إسرائيل والذي حرمهم من أساسيات الحياة، ولم يهتم أحد حقا عندما تبيّن أن الفلسطينيين في غزة قد فرض عليهم “نظام غذائي للتجويع” من قبل إسرائيل -ولم يُسمح إلّا بدخول كميات محدودة من الطعام، وذلك محسوبا لإبقاء السكان بالكاد يحصلون على الغذاء، ولم يهتم أحدٌ حقًا عندما قصفت إسرائيل القطاع الساحلي مما أدى إلى مقتل مئات المدنيين الفلسطينيين في كل مرة. أطلقت عليها إسرائيل ببساطة اسم “قص العشب”.
إن تدمير مساحات شاسعة من غزة، وهو ما يفاخر به جنرالات إسرائيل باعتباره إعادة القطاع إلى العصر الحجري، ثم إضفاء الطابع الرسمي عليه باعتباره استراتيجية عسكرية تُعرف باسم “عقيدة الضاحية”، “حقًا عندما استهدف القناصة الإسرائيليون الممرضات والشباب والأشخاص على الكراسي المتحركة الذين خرجوا للاحتجاج على سجنهم من قبل إسرائيل. وتُرك عدة آلاف من مبتوري الأطراف بعد أن تلقى هؤلاء القناصون أوامر بإطلاق النار على المتظاهرين بشكل عشوائي في سيقانهم أو كاحليهم”.
ليختتم الكاتبُ الذي وصف الهجوم الذي شنَّه الفلسطينيون بـ”الهروب من السجن” بقوله: “الآن قاموا بعملية هروب جريئة. وسوف تقوم إسرائيل بقصف القطاع وإعادته إلى حالة الاستسلام بقصف مكثف، ولكن فقط “انتقامًا” بالطبع. إن تطلّع الفلسطينيين إلى الحرية والكرامة لن يتضاءل. وسوف يظهر شكلٌ آخر من أشكال المقاومة، وهو بلا شك أكثر وحشية.

والطرفان الأكثر مسؤولية عن هذه الوحشية هما إسرائيل والغرب الذي يدعمها بسخاء، لأن إسرائيل ترفض التوقف عن التعامل بوحشية مع الفلسطينيين الذين تجبرهم على العيش تحت حكمها”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!