الصناعات البتروكيماوية.. استراتيجية سوناطراك لمضاعفة المداخيل

تسارعت مشاريع مصانع شركة سوناطراك في قطاع البتروكيماويات في الفترة الأخيرة، التي تعتبر مصدرا لتثمين المحروقات بقيمة مضافة تصل ما بين 10 إلى 15 ضعفا من قيمة الصادرات الخام. وجاء فرع الصناعات البتروكيماوية على رأس برنامج الرئيس المدير العام رشيد حشيشي، وقد خصه بالإشارة في يوم تنصيبه على رأس الشركة، إضافة إلى رفع الاحتياطات والإنتاج.
في هذا السياق، كان آخر مشروع أعلنت عنه سوناطراك ما تعلق بمركب إنتاج “ألكيل البنزين الخطي” “LAB في سكيكدة، الذي أسندت مهمة انجازه لشركة “مار تتيكنيمونت” الإيطالية، بتكلفة إجمالية بلغت 1.05 مليار دولار.
وكما هو معروف، فإن “ألكيل البنزين الخطي”، هو المادة الخام المستعملة في إنتاج مواد التنظيف والمنظفات الصناعية، ومن المنتظر أن يبلغ الإنتاج السنوي لهذا المجمع البتروكيماوي 100 ألف طن من المادة، ما سيغطي احتياجات السوق الوطنية من هذا المنتج الذي يتم استيراده حاليا.
وكان الرئيس المدير العام لسوناطراك قد زار قبل أيام مشروع إنتاج الفوسفات المتكامل بجيل العنق بولاية تبسة الذي تشرف عليه شركة أسمدال بالشراكة مع “ووهوان” و”تيان آن” الصينيتين، وهو المنجم الذي تقدر احتياطاته بـ2.8 مليار طن ويتوقع إنتاجه لـ10 ملايين طن سنويا، من الفوسفات والمخصبات الزراعية والأسمدة الآزوتية وغيرها.
وقبل ذلك أطلقت سوناطراك عام 2022 بأرزيو بولاية وهران، مشروع مركب لإنتاج مثيل ثلاثي بوتيل الإيثر MTBE، وهو مادة مشتقة تستخدم في إنتاج البنزين الخالي من الرصاص، وهي مادة تستورد حاليا من الخارج، ويتوقع أن يدخل هذا المصنع مرحلة الإنتاج في عام 2025.

مصنعان بأرزيو وتركيا لمرافقة مشاريع السيارات
وفي مجال البتروكيماويات دائما، وقعت شركة “ستيب بوليمرس”، فرع مجمع “سوناطراك” في شهر جوان 2023، عقدا مع مجمع شركات يضم “بيتروفاك” البريطانية و”اش.كيو.سي” الصينية، لإنجاز مركب بتروكيماوي جديد لإنتاج البولي بروبيلين بأرزيو بولاية وهران، وهي مادة بلاستيكية تدخل في عديد الصناعات أهمها السيارات.
ومن المنتظر أن ينتج هذا المركب عند استلامه، 550 ألف طن/سنة من البولي بروبيلين بمدة انجاز حددت بـ42 شهرا، سيخصص 120 ألف طن في سنة من انتاجه إلى عدة قطاعات محلية على غرار الصناعات الصيدلانية والفلاحة والنقل والنسيج والمنشآت القاعدية والبناء وكذا السيارات والسفن، فيما سيوجه فائض الإنتاج للتصدير نحو الأسواق الأوروبية والآسيوية والإفريقية على وجه الخصوص.
ويجري العمل على تنفيذ مصنع مشابه بولاية أضنة بجنوب تركيا بشراكة بين سوناطراك و”رونيسانس هولدينغ” التركية، سينتج هو الآخر نحو 450 ألف طن من هذه المادة جلها سيوجه للسوق التركية والتصدير.

مداخيل بالعملة الصعبة بـ10 أضعاف من تصدير المحروقات الخام
في هذا السياق، يرى الخبير والمحلل الطاقوي بغداد مندوش أن سوناطراك كانت لها مشاريع واستراتيجية في هذا القطع قبل عدة عقود، لكن لاحقا حدث تأخر لعدة أسباب، لكن الأهم، حسبه، هو أن هذه الصناعة وضعتها الشركة ضمن 4 أولويات رئيسية في برنامجها الممتد من 2024 إلى 2028.
وأوضح مندوش في تصريح لـ”الشروق”، أنه يمكن الحصول على مداخيل معتبرة من الصناعات البتروكيماوية بفضل تثمين المحروقات بقيمة مضافة، موضحا أن المتر المكعب الواحد من الغاز الذي يباع في حالته الخام على الخارج، يمكن ان تتضاعف قيمته بـ10 أو 15 مرة في حال معالجته في إطار مشاريع بتروكيماوية.
وشرح الخبير في هذا الصدد أنه إذا كان سعر المتر المكعب الواحد من الغاز مثلا هو 100 دولار، فإن نفس الحجم حينما يتم تحويله في إطار صناعة بتروكيماوية سيكون بـ1000 دولار على الأقل.
ولفت الخبير إلى أن “إعلان الجزائر” الذي توج القمة السابعة لمنتدى الدول المصدرة للغاز، تضمن فقرة تتحدث عن تثمين واستعمال الغاز لتطوير الصناعات البتروكيماوية.
وشدد المتحدث بالقول “في اعتقادي أن سوناطراك بدأت في تطبيق إستراتيجية للعودة إلى هذه الصناعة والتي تمكن البلاد من مداخيل بالعملة الصعبة أكبر وبكثير من بيع المحروقات في شكلها الخام”، مضيفا أن الشركة أيضا بصدد تنفيذ ما تضمنه إعلان الجزائر بقمة الدول المصدرة للغاز من خلال ما يتم توقيعه من عقود لإنجاز مركبات بتروكيماوية.
ولفت الخبير إلى أن مخطط سوناطراك في الفترة ما بين 2024/2028 يتضمن استثمارات في هذا المجال تتراوح من 6 إلى 10 مليار دولار، سواء بإسهام من الشركة الوطنية لوحدها أو مع شركاء أجانب، مرجحا أن يتم توقيع عقود مماثلة في الفترة القادمة.
وختم بالإشارة إلى أن سوناطراك كانت في السنوات الماضية تسوق الغاز بالسعر المنصوص عليه في العقود، وكانت البلاد تستورد منتجات بتروكيماوية على غرار البلاستيك وغيرها، لكن الاستراتيجية الآن تغيرت حسبه، وتقوم حاليا على أساس تحويل كميات من الغاز ومعالجتها في إطار مشاريع جزائرية، وتوجيه الإنتاج للاستعمال المحلي والتصدير.