-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الصين على الخط

الصين على الخط

إشراف الصين على عودة العلاقات الدبلوماسية بين المملكة العربية السعودية وإيران، هو دليلٌ آخر على أن موازين العالم تتغير في الاتجاه الصحيح، فأكثر المتفائلين في العالم لم يكن قطّ يتصور بأن يُزهر عام 2023 بعودة العلاقات بين بلدين، أحدهما عاش للفكر الشيعي، والآخر عاش للفكر السني، فصار لكل منهما طريقٌ سريع لا يلتقي مع الطريق السريع الآخر، ضمن قطيعة ساهمت في مزيد من نيران الفتن والدمار الذي عرفه العراق وسوريا واليمن ودولٌ أخرى.

الشكر والامتنان الذي تفضلت به المملكة العربية السعودية وإيران إلى دولة الصين، واتفاقهما على فتح صفحة جديدة في علاقتهما وفي المنطقة، هو انتصارٌ كبير للذين انتقدوا الولايات المتحدة الأمريكية في العقود الأخيرة، عندما نجحت في تطبيق نظرية “فرّق تسُد” في المنطقة، فكانت لا تدخل قرية أو مدينة عالمية إلا وأفسدتها، وحتى صمتُها الذي خيّم حول اللقاء الثلاثي الصيني السعودي الإيراني، وقولها إنها “كانت على علم به”، كان أشبه براية استسلام للقوى العالمية الجديدة، التي بدأت من حيث انتهت الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن بـ180 درجة دوران.

الانضمامُ المرتقب للعديد من الدول، إلى مجموعة بريكس، التي تضم الصين وروسيا، ومن بينها المملكة العربية السعودية وإيران، سيكون ضربة موجعة للهيمنة الأمريكية التي أرادت أن يبقى العالم تحت سيطرتها أو كما كانت تتصوَّر دائما، ولن يجد أي إنسان شريف في العالم، صعوبة في المقارنة بين قوى تفرِّق بين الدول وتزرع فيها فتيل العداء، وأخرى تجمع بينها، وقوى تريد أن تبقى سوقا ضخما لبيع كل شيء لغيرها وخاصة السلاح، وقوى كما تبيع تشتري، وكل المؤشرات تؤكد بأننا نسير ببطء ولكن بكل تأكيد نحو عالم بشري جديد لا “كُن” فيه ولا “يكون”.

التعليقات التي خرجت من البيت الأبيض ومن رجالات السياسة في الولايات المتحدة الأمريكية بشأن عودة العلاقات بين إيران والمملكة العربية السعودية، خاصة وأن الأمر كان تحت المظلة الصينية، بدت وكأنها تشير إلى صعوبة في استيعاب الأمر، وبأن خروج الكثير من الأوراق في أوربا عن السيطرة، جعل واشنطن تبتلع الحقيقة الجديدة، وهي لا تعلم مسارها ولا خاتمتها، بل وجعل بعض المحللين من أمريكيين يقارنون بين معاهدة كامب ديفيد التي رعاها الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر، الذي جرّ الرئيس المصري الأسبق أنور السادات ورئيس الوزراء الإسرائيلي آنذاك مناحيم بيغن إلى الإمضاء على معاهدة سلام، أنهت السلامَ نفسه، عبر دعم صارخ على مدار قرابة نصف قرن، للعدوان الإسرائيلي على شعوب المنطقة، وبين معاهدة بيكين التي جمعت بين المملكة العربية السعودية وإيران، وستمنحهما فعلا ولشعوب المنطقة السلام الحقيقي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!