-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

العالم ليس فرنسا!

العالم ليس فرنسا!

التّطوُّرات الأخيرة على صعيد العلاقات بين الجزائر وفرنسا أثبتت أنّ الهالة التي أرادها البعض حول النّفوذ الفرنسي في الجزائر مجرد فقاعة هشّة، وأنّ أيّ تدهور في العلاقات بين البلدين فإنّ المتضرّر الأكبر منه هو فرنسا ما دامت الجزائر تمثّل أكبر سوق للمنتجات الفرنسية من الخدمات والسّلع ومع الثّقافة واللّغة.

فرقٌ كبير بين العنجهية والمكابرة التي ظهر بها الرّئيس الفرنسي إمانويل ماكرون الأسبوع الماضي وهو يتكلم عن الجزائر ويلغي تاريخها ويشوّه حاضرها، وبين ما قاله وزير الخارجية الفرنسي “جون إيف لودريان” أول أمس، أمام الجمعية الوطنية الفرنسية، في سياق محاولة رأب الشّرخ الذي تسبَّب فيه رئيسه، إذ قال معلقا على موضوع الماضي الاستعماري لفرنسا في الجزائر “هذا الأمر -التاريخ الاستعماري- يعني بالتأكيد الاحترام الرّاسخ للسيادة الجزائرية.. وهو يعود للجزائريين، ولهم وحدهم أن يقرروا مصيرهم وتحديد أطر خياراتهم ونقاشاتهم السياسية”.

هذا التّصريح يكشف مدى الحرج الذي وقعت فيه الحكومة الفرنسية بسبب التصريحات المنفلتة للرئيس ماكرون، والذي تسبَّب في أزمة غير مسبوقة للعلاقات الثنائية، وصلت إلى سحب السفير الجزائري للتشاور وغلق المجال الجوي الجزائري أمام الطائرات العسكرية الفرنسية.

لقد كشفت التّصريحات القوية للرئيس تبون التي أطلقها في سياق حديثة عن العلاقات مع فرنسا أنّ الوضع لم يعُد كما كان، وأنّ مقابلة الإساءات الصّادرة عن الرّسميين الفرنسيين بالصّمت أو العتاب الهادئ، لم يعُد سياسة متّبعة، وأنّ تلك الحادثة الغريبة التي وقعت قبل سنوات بإهانة وزير جزائري في أحد المطارات الفرنسية، أمرٌ لا يمكن أن يتكرّر.

وفي المقابل؛ فليعلم بعض الجزائريين الذين لا زالوا يعتبرون باريس قبلتهم الأولى أن فرنسا ليست هي العالم، وأنّ مصالحنا لا يمكن أن ترتبط بهذا البلد الذي لم نسوِّ حساباتنا التّاريخية معه بعد، وأنّ العالم كله مفتوحٌ أمامنا، وقد جاءت الفرصة للتّخلي عن الإرث المسموم الذي تركته فرنسا في الجزائر.

آن الأوان لبناء علاقة تحكمها المصالح المتبادلة بعيدا عن الاستغلال والفوقية، أمّا ما يتعلق بالماضي الاستعماري فهو ملفٌّ سيبقى مفتوحا، إن لم يفعل جيلُنا فيه شيئا، يبقى للأجيال القادمة للفصل فيه بما يعطي لكل جانب حقه؛ سواء ما تعلق بالتعويضات عن الملايين من الشهداء الذين سقطوا خلال 132 سنة، وكذا التّعويض عن الخيرات التي نُهبت، وبينها خزينة الجزائر التي استولى عليها “دي بورمون” وكذا تعويض ضحايا التفجيرات النووية وغيرها من الملفات، وبعدها يُمكن الحديث عن الاعتذار وبناء علاقات غير مكبلة بأحقاد الماضي الاستعماري.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
4
  • محمد

    ستبقى الدولة الفرنسية المستعمرة القديمة والحديثة عدوة للجزائر ما دامت الأطماع العدوانية الأوربية قائمة.لكن وضعنا الاقتصادي والثقافي مازال جامدا إن لم نقل بأنه يتقلص نسبيا يوما بعد يوم.من يريد بناء شخصية قوية مستقلة يجب عليه إقامة أسس التطور في جميع الميادين دون انتظار اليوم الموعود في خيالنا بعيدا عن الواقع الذي ننفر من رؤيته.أساس أية نهضة هو التعليم ونحن نشكو منه لا ضعفا فقط ولكن كل يوم يمر ونحن نفقد وسائل رفع مستوى مدرستنا وكل ما له اتصال بها.كيف يمكن لمدرسة أن تعلم الأجيال الصاعدة ونحن نقضي على التعليم بالامتناع عن تكوين المعلمين وتوفير حاجيات المدرسة من الوسائل اللازمة للقضاء على الجهل والتخلف.كيف يمكن إزاحة اللغة الفرنسية ونحن نرفع من عدد ساعات تعليمها ونقلص مدة تعليم اللغة العربية الرسمية؟يجب أن نكون صادقين في ادعاءاتنا حتى لا يسخر من عقولنا أي أجنبي وخاصة من لدينا بيننا وبينهم حسابات تاريخية لم تحل إلى اليوم.

  • باش جراح

    في زمن قريب كنتم تقولون مصر ام الدنيا والقاهره مركز العالم...

  • Mohamed

    C'est pour cela que j'ai immigré au Canada.

  • ديدوش مراد

    اقطعوا كل علاقة لكم بفرنسا النازية الفاشية الاجرامية والي الابد. الجزائر يجب ان تحول كل علاقاتها وشراكاتها الي المانيا والصين وروسيا وامريكا واستراليا وسويسرا وايطاليا والسويد واليابان والدانمارك والنرويج ............... مستقبل اجيالنا وبلادنا وشعبنا ومصيرنا يعتمدعلي قطع كل المعاملات مع هذا الكائن الماكر الخبيث الارهابي التي تسمي فرنسا الصليبية الصهيونية الكافرة الفاسدة العدو الاكبروالاخطر للجزائر ولشعبها ولشهدائها الابرار .