-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الفيفا.. مكيالان بين أوكرانيا وغزة

ياسين معلومي
  • 416
  • 0
الفيفا.. مكيالان بين أوكرانيا وغزة

يواصل الإتحاد الدولي لكرة القدم فرض سياسة الكيل بمكيالين، حين قرّر حرمان منتخب روسيا من خوض الملحق المؤهِّل إلى نهائيات مونديال قطر 2022، كما تم أيضا استبعاد الأندية الروسية من المشاركة في جميع المسابقات، على خلفية العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، حيث لن يتمكن المنتخبُ الروسي جراء هذه القرارات من خوض الملحق المؤهِّل إلى مونديال 2022 ضد بولندا، كما لن يتمكن منتخب السيدات من المشاركة في كأس أوروبا المقررة في إنجلترا جويلية المقبل، وكذلك نادي سبارتاك موسكو الممثل الوحيد لروسيا في المسابقات الأوروبية، وتحديدا في “يوروبا ليغ”، إذ كان من المتوقع مواجهة لايبزيغ الألماني في دور ثمن النهائي. قرارٌ اعتبره المتتبعون للشأن الرياضي مجحفا وارتجاليا في حق الكرة الروسية، خاصة وأنه اتُّخذ بسرعة فائقة ودون اللجوء إلى الإطار القانوني باعتبار أن لجنة الطوارئ التابعة لـ”الفيفا” هي الوحيدة المخول لها اتخاذ مثل هذه القرارات الشائكة.

منذ مغادرة بلاتير رئاسة “الفيفا” وانتخاب أنفانتينو خليفة له، فقدت هذه الهيئة مكانتها ومصداقيتها، وأصبحت تغرِّد خارج السرب، وتحاول قهر الدول التي لا تملك القوة الحقيقية في أروقتها، وتساند فئة قليلة فاسدة على حساب فئات أخرى لا تملك قوة الوقوف في وجه صناع قرار الجلد المنفوخ الذي أصبح وسيلة ضغط  للتستُّر على جرائم حدثت دون أن تحرِّك هذه الهيئة ساكنا.

تاريخ “الفيفا” الأسود يحمل العديد من التجاوزات الخطيرة التي قامت بها بعض البلدان على حساب أخرى، لكن الهيئة العالمية بقيت كـ”الأطرش في الزفة”، ولم تسلط أي عقوبة على المهيمنين، والكل يحمل في ذاكرته تلك التجاوزات التي قام بها الصهاينة في فلسطين الطاهرة، إذ قتلت وشرّدت الكثير من الفلسطينيين، ومنهم رياضيون أبرياء، ودمرت منشآت رياضية وحرمت عديد الفرق والمنتخبات من الدخول إلى فلسطين للعب منافسات رسمية وودية. في المقابل، لم تعاقب “الفيفا” لا المنتخبات والأندية الأمريكية بعد غزو الولايات المتحدة للعراق، ولا أحد أيضا عاقب من هاجم الأبرياء في سوريا وليبيا، بل حرموا هاتين الدولتين من التنافس داخل قواعدهما، ولم تصدر أي عقوبة على المعتدين، ويطلّ علينا اليوم من لا ضمير له ولا إنسانية له ليقرّر منع المنتخبات والأندية الروسية من اللعب على ملاعبها ولا يحق لها أن ترفع علم بلادها.. هذه هي سياسة الكيل بمكيالين التي نسجت خيوطها مافيا تسيّر كرة القدم، تحمي الظالمين وتدين المستضعَفين.

عندما نشاهد اليوم عديد اللاعبين يحملون رايات مكتوب عليها: “لا للحرب”، لكنهم لم ولن يعاقَبوا، لأنهم تابعون لأنديةٍ لها نفوذٌ كبير في أروقة “الفيفا”، تعود بنا الذاكرة إلى سنة 2010، حين كتب النجم المصري أبو تريكة على قميصه الداخلي عبارة: “كلنا غزة”، فتمّت معاقبته، فلماذا يعاقَب أبو تريكة ولا يعاقَب اليوم من يحملون راياتٍ مضادة للحرب؟ هذا الكيل بمكيالين دفع النجم المصري السابق إلى أن يخرج عن صمته ويقول عبر صفحته الرسمية على “تويتر”: “قرار منع الأندية والمنتخبات الروسية من المشاركة في كافة البطولات يجب أن يشمل منع مشاركة الأندية والمنتخبات التابعة للكيان الصهيوني، لأنه محتلٌّ ويقتل الأطفال والنساء في فلسطين منذ سنين، ولكنكم تكيلون بمكيالين”، تغريدة أثارت تفاعلا وتأييدا واسعا في شتَّى أنحاء العالم، واعتبرها البعض رسالة واضحة إلى المكلَّفين بتسيير الكرة العالمية لإعادة حساباتهم ومعاملة كل البلدان معاملة واحدة، رغم أن ذلك يعدُّ اليوم من سابع المستحيلات، لأن السياسة أصبحت تتحكم في الرياضة، والسياسيون هم من يقررون مستقبل الرياضة مستقبلا، بعيدا عن التنافس الشريف الذي عهدناه من قبل، وهو ما يجعلنا نقرّ بأنّ النتائج في كل الرياضات تحكمها قوة خارجية تابعة لمافيا كبيرة همُّها الوحيد جمع المال وقهر البلدان الضعيفة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!