“القاتل الصامت” يواصل حصد الأرواح ويبيد عائلات بأكملها!

مع تصاعد موجة البرد وانخفاض درجات الحرارة، ترتفع الحوادث المأساوية المنزلية، التي تصاحب الاستعمال السيئ لأجهزة الغاز، إلى جانب عدم أخذ احتياطات كافية لمنع تسرب غاز أحادي أكسيد الكربون بالمنازل، الذي يتسبب في حصد أرواح العشرات من الضحايا سنويا.
مآسي الاختناق بـ”القاتل الصامت” تتكرر كل سنة، وخلف تسرب غاز أحادي الكربون منذ بداية شهر جانفي الحالي، حالات اختناق وحوادث مؤسفة نتيجة انبعاث الغاز المميت بعدة ولايات في الوطن، وشهد وفاة عائلات بأكملها. وفي السياق، كشف المكلف بالإعلام على مستوى المديرية العامة للحماية المدنية، كريم حفصي، لـ”الشروق”، عن حصيلة ثقيلة سجلتها ذات المصالح، منذ بداية السنة الحالية إلى غاية تاريخ 16 جانفي الجاري بـ26 حالة وفاة، من مختلف الفئات العمرية، إلى جانب تسجيل 298 ضحية كانت على وشك الوفاة، تم إسعافهم من موت محقق ونقلهم إلى المراكز الصحية لتلقى العلاج.
وأضاف محدثنا أن الغازات المنبعثة من المدفأة ومسخن الماء، تكون سببا رئيسا في إصابة الأشخاص بالتسمم بعد استنشاقه ببضع دقائق فقط، كما أن انعدام التهوية وترك المنافذ لدخول الهواء، يتسبب في مخاطر كبيرة تؤدي إلى احتباس غاز أول أكسيد الكربون داخل الغرفة.

المسيلة تسجل أثقل حصيلة خلال 24 ساعة
وسجلت الحصيلة الأكبر للوفيات، خلال الأسبوع الفارط، بولاية المسيلة، أين تم تسجيل وفاة ستة أفراد من عائلة واحدة بسبب الغاز المنبعث من المدفأة، كما تم تسجيل حالة حرجة لوالد الضحايا، البالغ من العمر 47 سنة، وقد تم إسعافه بمنطقة عين الملح، فيما تم تحويل جثث المتوفين إلى مصلحة حفظ الجثث بالمستشفى.
وارتفع عدد ضحايا غاز أحادي أكسيد الكربون في ولاية المسيلة إلى 8 خلال الـ24 ساعة الأخيرة، من بينهم ستة أشخاص من عائلة واحدة، بحسب ما صرحت به المصلحة الولائية للحماية المدنية، مفاده أن ولاية المسيلة سجلت ثماني وفيات اختناقا بغاز أحادي أكسيد الكربون في كل من عين الملح وونوغة، من بينهم ستة أشخاص من عائلة واحدة، لقوا حتفهم في مقر سكناهم بمدنية عين الملح، جنوب ولاية المسيلة، مع إصابة شخص آخر بضيق في التنفس تم إسعافه ونقله إلى مستشفى عين الملح.

3 وفيات في يوم واحد بقسنطينة
وسجلت ولاية قسنطينة، يوم الاثنين 15 جانفي، 3 وفيات جراء التسمم بالغاز، حيث لقي شخصان مصرعهما، تسمما بالغاز المنبعث من عادم سيارة في مرآب منزل طور الإنجاز ببلدية الخروب، وبحسب بيان الحماية المدنية، فقد تدخلت إسعافاتها من أجل حادث تسمم بغاز أحادي أكسيد الكربون المنبعث من عادم سيارة، مركونة في مرآب منزل طور الإنجاز بمفترق الطرق عين الباي بلدية الخروب، وخلف الحادث وفاة شخصين من جنس ذكر كانا على متن السيارة، تم تحويلها إلى مصلحة حفظ الجثث للمستشفى المحلي، ولقيت في نفس اليوم امرأة مصرعها، إثر تسرب الغاز من مدفأة داخل مسكن بنهج شكرلي محمد ببلدية قسنطينة.

حملات تحسيسية بالمساجد لغرس الوعي الوقائي لدى المواطنين
وأشار الملازم كريم حفصي إلى أن مصالح الحماية المدنية بمختلف المديريات على مستوى الوطن، برمجت تنظيم حملات تحسيسية مع بداية فصل الشتاء، عبر خرجات ميدانية وعلى الصفحات الافتراضية بمواقع التواصل الاجتماعي، ودعوة المساجد والأئمة لتنشيط الندوات وخطب الجمعة تتضمن توجيهات ونصائح مهمة، لتفادي أخطار التسمم والاختناق بالغاز، والمساهمة من جهة في رفع درجة الوعي الوقائي لدى المواطن لتجنب الوقوع في فخ الاختناق بغاز أحادي أكسيد الكربون.

هذه الأخطاء التي تسبب الوفيات بالغاز
بالمقابل، دعا المتحدث إلى ضرورة رفع درجات الحيطة والحذر لدى المواطنين، خاصة في ظل الانخفاض المحسوس بدرجات الحرارة، ما يدفع الكثيرين إلى استخدام أدوات التدفئة بشكل خاطئ، الذي ينجر عنه انبعاث غاز أكسيد الكربون من المدفئة إذا لم تتوفر المنازل على الشروط الأمنية المطلوبة، على رأسها ترك منافذ التهوية على مستوى البيوت والغرف، وكذا مراقبة أنابيب تصريف الدخان والغاز المحترق، مشيرا إلى ضرورة وضع أنابيب تصريف صلبة ومثبتة بإحكام، وكذا الحرص على تنقية وتنظيف فوهة المدخنات باستمرار خاصة بالبنايات التي تحتوي على مدخنة مشتركة مثل العمارات، وهو ما يتسبب في منع خروج الغازات المحروقة التي تعرقلها أعشاش الطيور عادة.
كما حذر الملازم حفصي من التهاون في مراقبة لون شعلة الغاز الذي يكشف عن نوعية الغاز المنبعث، مع ضرورة منع استخدام سخان الماء داخل الحمام، ووضعه بفضاء مفتوح مع وجود أنبوب خاص لتصريف الدخان نحو الخارج، وأردف أن هذه الأخطاء يقع فيها الكثير من الأشخاص وتتسبب في كوارث وحوادث مؤسفة، بعد تجاوز نسبة تركيز أكسيد الكربون على مستوى الشقة التي تنعدم فيها منافذ التهوية بنسبة 10 بالمائة، فإن دقيقة واحدة تكفي لوفاة الأشخاص الموجودين بالمكان بحسب المتحدث.

الاستمرار في وضع كواشف الغاز المجانية في المنازل
وثمّن المكلف بالإعلام على مستوى الحماية المدنية، قرار رئيس الجمهورية الرامي إلى توفير جهاز كاشف لغاز أكسيد الكربون، الذي منح الضوء الأخضر لمصالح سونلغاز من أجل توفيره مجانا للمشتركين لدى مصالحها.، وتم الشروع في تركيبه في العديد من ولايات الوطن مع الاستمرار في العملية حتى تغطية جميع منازل الجزائريين، “كما أن الجهاز يتوافق مع شروط السلامة والأمن المتعارف عليها دوليا، لتجنب حوادث تودي بحياة العشرات سنويا، خاصة بعد تسجيل 156 حالة وفاة سنة 2023 وإنقاذ أزيد من 3000 ضحية كانت على وشك الوفاة”.

وزارة التجارة تواصل سحب كواشف وأجهزة الغاز غير المطابقة
ومن جهتها، تواصل وزارة التجارة وترقية الصادرات، السحب الفوري لأجهزة وكواشف الغاز، منها 4 أجهزة خاصة بالتدفئة، وأربعة أنواع من كواشف أحادي أكسيد الكربون، لعدم مطابقتها لمعايير السلامة المعتمدة.
وأوضحت الوزارة أن قرار السحب الفوري لهذه الأجهزة من السوق الوطنية، يأتي بعد التجارب المنجزة بمخابر قمع الغش التابعة لها، وذلك في إطار مواصلة العملية الرقابية الخاصة بالتأكد من مطابقة أجهزة التدفئة بالغاز وكواشف أحادي أكسيد الكربون لمتطلبات الأمن الخاصة بها.