الرأي

القدّيس وعتريس!

جمال لعلامي
  • 3470
  • 12

حتى أنت يا أستاذ لعلامي تردد “عيد الحب”؟.. وأنت تعرف أنه “عيد قديسهم سان فالنتاين”.. بل كثير من المسيحيين لا يعترف به وينسبه إلى عيد وثني تم تحريفه وإلصاقه بالمسيحية وصنع بطله بخرافة!

..هذا تعليق القارئ “محمّد”، على عمود “الحرب في عيد الحبّ”، والحقيقة، أن الرجل “حشّمني”، وأمسكني من يدي التي توجعني، معتقدا أنني من جماعة “عيد الحب” لقديسهم الذي علمهم أو لم يعلمهم الحبّ في زمن الحرب، وسواء كان هذا “العيد” أسطورة أم خرافة، دعني أوضح يا أخي محمّد:

ألا تعتقد أننا أولى بهذا الحبّ؟ وبطبيعة الحال، فإن الذي يحبّ “العام طويل”، واختزاله من طرف جماعة القديس، هو احتقار لهذا الحبّ، أي وكأنهم يُريدون الحرب طوال أيام وشهور السنة، ولا يحبون إلاّ يوم 14 فيفري!

لكن، ألا ترى يا أخي محمّد، أننا لأسباب معينة وظروف اختيارية أو اضطرارية، جعلنا من الحبّ “حشمة”، وأحيانا خطيئة، وفي بعض الأحيان نحوّله إلى جريمة، والدليل أننا “نستحي” من قول هذه الكلمة في بيوتنا، أمام أولادنا وأمهاتنا وإخواننا، اعتقادا أنه “عيب”!

أليس نحن وكلّ العرب والمسلمين من يقولون بكلّ عفوية وتلقائية وقناعة: “يا محمّد يا حبيبي يا رسول الله”؟.. ألا يكفينا هذا النموذج والدليل، لنجعل من كلمة حبّ، مرادفا للسلم والسلام والمحبة والأمان والمودّة واللسان الطيّب؟.. ثم لماذا نترك غيرنا “يسرقون” منـّا مثل هذه الكلمات؟

من حقّ غيرنا، أن يتحابوا بينهم، لكننا قبل أن نتحاب في ما بيننا، فإننا نتحاب في الله، ونحن نردّد بكلّ طلاقة: “أحبك الله الذي أحببتني فيه”، ولك ولي ولنا، أن نحوّل هذه العبارة إلى المؤنث والمثنى والجمع المذكر السالم!

مصيبتنا، أننا نلوم بعضنا البعض حتى في تراثنا وعاداتنا وتقاليدنا الجميلة، ونقصف بعضنا البعض حتى عندما نستخدم عبارات من ديننا الحنيف، ثمّ نزعم أن بعض هذه الكلمات ليست لنا، وهي لغيرنا، يستعملونها، ولا يجوز لنا أن نستعملها، وربما هناك متطرّفون “يحرّمونها” علينا وعلى أنفسهم بجهالة!

صحيح أن المسلسلات “غير المؤدبة”، والأفلام “الوقحة” نزعت عن مجتمعنا برقع الحياء، وحوّلت الكلمات الجميلة إلى فساد للأخلاق، وصحيح أن الكبت وخنق الذات وجلدها، في المدرسة والجامع والجامعة والبيت، جعل منـّا كائنات تقول ما لا تفعل، وتفعل ما لا تقول، لكن هذا لا يعني أن نحرّم الحلال، ونجرّم المباح، ونرتجف لأيّ نباح!

للأسف، اختزلنا الحبّ في كلمات جارحة، وأخرى بذيئة، فحوّلناه إلى تهمة وشبهة، فنفيناه من ألسنتنا، فهجر قلوبنا، ثم قتلناه أو أسرناه، فعمّت الكراهية والأحقاد والانتقام وتصفية الحسابات وجرائم القتل والاغتصاب والنهب والنصب والكذب وظهر التطرّف والإرهاب.. واتهمنا “القدّيسون” بأننا أعداء الحبّ، رغم أننا أهل الحب قبل الحرب!

مقالات ذات صلة