-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
تألق وتفوق ثم عنتريات ومهازل أخرجته من الباب الضيق

القصة الكاملة لبلماضي مع “الخضر”..  من البداية حتى النهاية

صالح سعودي
  • 5189
  • 0
القصة الكاملة لبلماضي مع “الخضر”..  من البداية حتى النهاية

انتهت مسيرة المدرب جمال بلماضي على رأس العارضة الفنية للمنتخب الوطني، وهذا بعد ما تم ترسيم القرار بناء على البيان الذي أصدره الاتحاد الجزائري لكرة القدم الذي أكد وصف مسار “الخضر” في العرس القاري بكوت ديفوار بالمخزي ولم يرق لتطلعات الشعب الجزائري، خاصة في ظل الظروف والإمكانات المسخرة للمنتخب الوطني، وهو ما يعكس آليا عدم اقتناع “الفاف” بالفشل الذي مني به بلماضي عقب عجزه في تجاوز عقبة الدور الأول من “الكان”.

أصبح رسميا المدرب جمال بلماضي في حكم الماضي بالنسبة للمنتخب الوطني، وهذا بعد حوالي 5 سنوات ونصف من توليه زمام العارضة الفنية لمحاربي الصحراء، عرف فيها أجواء من التألق والتفوق، مثلما عرف أيضا نكسات ومهازل في المنافسات الكروية الكبرى، بدليل الخروج من الدور الأول في دورتين متتاليتين من “الكان”، ناهيك عن نكسة فاصلة المونديال، في الوقت الذي يحتفظ التاريخ بالتتويج القاري الذي ناله في نسخة مصر صائفة 2019 بعد مسار مميز مكنه من التغلب على ابرز المنتخبات الإفريقية، ناهيك عن سلسلة النتائج الإيجابية المتتالية التي وصلت 35 مباراة من دون تعثر، وكذلك إنهاء العام الماضي بدون تعثر، وغيرها من المحطات الجميلة التي قابلتها تعثرات ومهازل مؤثرة في محطات ومناسبات كروية هامة وحاسمة.

من منتخب منهار إلى بطل يتحدى الكبار

تتذكر الجماهير الجزائرية جيدا الظروف التي تولى فيها المدرب جمال بلماضي زمام العارضة الفنية للمنتخب الوطني صائفة العام 2018، وهذا خلفا للمدرب رابح ماجر الذي مني بتعثرات متتالية في مباريات ودية خلفت وراءها الكثير من الضغط على صاحب الكعب الذهبي، خاصة وأن تعيينه على رأس العارضة الفنية لـ”الخضر” قوبل بالرفض منذ البداية، ما جعل فشله بمثابة تحصيل حاصل لمدرب عجز رفقة طاقمه في إيجاد الوصفة المناسبة، فكان من الضروري البحث عن بديل آخر، ليقع الاختيار في النهاية على المدرب جمال بلماضي الذي تعاقدت معه هيئة الرئيس السابق لـ”الفاف” زطشي، وهو الذي كان ضمن آخر الخيارات التي وضعتها في أجندتها، اختيار رحبت به الجماهير الجزائرية كثيرا بناء على مساره المميز كلاعب دولي سابق تألق في مشواره الاحترافي في الملاعب الفرنسية والأوروبية بشكل عام، فتمكن بلماضي من إعادة الروح لمنتخب كان منهارا من جميع الجهات، إلى بطل قاري بعد أقل من عام من توليه هذه المهمة، ثم إلى منتخب يواجه الكبار من موقع قوة، وسط بروز لافت للعناصر الوطنية التي عرفت كيف تخطف الأضواء في مختلف المباريات الرسمية والودية التي لعبتها، بما في ذلك ضد منتخبات عالمية مثل كولومبيا والمكسب وغيرها.

موقعتا بوركينا فاسو الاختبار الذي كشف التراجع

وسارت أمور المنتخب الوطني بشكل جيد سنوات 2018 ثم 2019 التي عرفت تتويجا قاريا تاريخيا في الملاعب المصرية، ليعرف العام 2020 اضطرابات بسبب وباء كورونا، اضطرابات أثرت بشكل مباشر على الكرة المحلية والعالمية على حد سواء، قبل أن يعود ابنا بلماضي إلى الواجهة مجددا في عام 2021 بخوض مباريات كبيرة وهامة، سواء ودية أو رسمية، إلا أن خريف ذات العام واجه المنتخب الوطني اختبارين هامين أمام منتخب بوركينا فاسو، وذلك لحساب تصفيات مونديال 2022، الأول انتهى بالتعادل في المغرب، حينها ضيع رفقاء محرز فرصة الفوز للتحكم في المجموعة مثلما تجنبوا الخسارة في لقاء كان مفتوحا على كل الاحتمالات، وآخر ضد نفس المنتخب انتهى بالتعادل في ملعب تشاكر لحساب جولة اختتام التصفيات المؤهلة لمونديال 2022، وذلك قبل المرور إلى الدور الفاصل، حيث كشف الاختباران المذكوران عن تراجع واضح لأداء المنتخب الوطني، ما تطلب حينها إيجاد الحلول المناسبة قبل فوات الأوان.

سلسلة النتائج الإيجابية.. الوهم الذي “خدّر” بلماضي وكشفه “كان 2022”

ومن الجوانب التي لم تخدم العناصر الوطنية هو عزف المدرب جمال بلماضي على نغمة سلسلة النتائج الإيجابية التي وصل مجموعها 35 مباراة من دون هزيمة، سواء في الوديات أو الرسميات، وهو الأمر الذي كان بمثابة مخدر لبلماضي ولاعبيه، ما حال دون الوقوف على النقائص الحقيقية للمنتخب الوطني في ظل منطق تحقيق إنجاز وهمي حال دون النظر بواقعية إلى نقاط قوة وضعف المنتخب الوطني، ليواصل الأمر على هذا الحال إلى غاية مهزلة “كان 2022” بالكاميرون التي شكلت صدمة حقيقية لدى الناخب الوطني واللاعبين والجماهير الجزائرية بشكل عام، حيث وبعد التعادل في اللقاء الأول أمام سيراليون مني رفقاء مبولحي بهزيمة مدوية أمام غينيا الاستوائية تلتها خسارة أخرى أمام فيلة كوت ديفوار، ما عجل بالخروج من الدور الأول رغم ان محاربي الصحراء تنقلوا بنية الدفاع عن اللقب الذي أحرزه في الملاعب المصرية.

نكسة فاصلة المونديال كشفت عجز بلماضي في المواعيد الحاسمة

وفي الوقت الذي استهلت الجماهير الجزائرية مطلع عام 2022 على وقع مهزلة “الكان” بالكاميرون اثر الخروج المخيب من الدور الأول بعد أداء باهت لا يشرف صاحب اللقب السابق، فقد جاءت صدمة أخرى بعد أقل من شهرين عقب نكسة الدور الفاصل المؤهل لمونديال قطر، ورغم أن بلماضي وضع هذا التحدي نصب أعينه حتى يكون حاضرا في العرس العالمي، إلا أن الميدان كشف بأن مثل هذه المواعيد التي تلعب على جزئيات صغيرة تتطلب الكثير من الحنكة والتركيز، حيث ورغم عودة رفقاء سليماني بفوز على وقع هدف لصفر من الكاميرون لحساب لقاء الذهاب، إلا أن الصدمة كانت كبيرة في ملعب تشاكر لحساب مباراة العودة التي عرفت أخطاء فنية فادحة في اختيار اللاعبين والخطة المعتمدة، ناهيك عن تلقي هدف مبكر أخلط الحسابات، إضافة إلى عدم التسيير الجيد للحظات الأخيرة من المباراة، ما جعل هدف التعادل الذي سجلته العناصر الوطنية يقابل بهدف قاتل من “الأسود غير المروضة” في آخر لحظات الوقت بدل الضائع، فضاع حلم التواجد في قطر، مثلما تأكد مجددا عجز بلماضي في التفاوض مع المواعيد الحاسمة.

العودة إلى سلسلة النتائج الإيجابية و”كان 2024″ بمهزلة جديدة

وبعد مهزلة “كان 2022” التي تلتها نكسة فاصلة المونديال، فقد سدد رئيس الفاف الأسبق فاتورة فشل فني، تاركا مكانه لزفزاف الذي انتخب خليفة له، في الوقت الذي تم الاحتفاظ بالمدرب جمال بلماضي بناء على الشعبية الكبيرة التي بقي محافظا عليها رغم فشله الذريع في تحقيق هدفين هامين مطلع عام 2022، فكانت أمامه الفرصة للقيام بورشة واسعة أملا في تشبيب التعداد والبحث عن عناصر شابة تكون قادرة على منح الإضافة اللازمة، إضافة إلى خوض غمار التصفيات المؤهلة لنهائيات “كان 2024″، تصفيات خاضها بنجاح، وحسم التأهل قبل الأوان، ولم يضيع فيها سوء نقطتين وسط هجوم قوي ودفاع صامد، ناهيك عن إنهاء العام 2023 بدون هزيمة، لكن مثل هذه الإنجازات التي كثيرا ما يتباهى بها البعض سرعان ما أخلطها العرس القاري بكوت ديفوار مطلع هذا العام (2024)، اثر الخروج مجددا من الدور الأول في ثاني دورة قارية على التوالي، بعد الاكتفاء بتعادلين أمام أنغولا وبوركينا فاسو ثم خسارة مدوية أمام موريتانيا، حدث كل ذلك رغم العناصر البارزة التي يتوفر عليها المنتخب الوطني إضافة إلى الإمكانات المسخرة لتحقيق أهداف فنية طموحة، إلا أن بلماضي فشل فوق الميدان، وبدا عاجزا عن إيجاد الحلول، خاصة وأنه شده الحنين إلى التشكيلة التي أحرزت اللقب القاري 2019، فخرج مجددا من دور المجموعات بيد فارغة وأخرى لا شيء فيها.

توالي المهازل والتصريحات النارية جعلته يخسر منطق الميدان وثقة المسيرين

ويذهب بعض المتتبعين إلى التأكيد بأن المدرب جمال بلماضي لم يحسن توظيف الكثير من العوامل التي كانت في صالحه، وفي مقدمة ذلك الشعبية الكبيرة التي كان يحظى بها وسط الجماهير الجزائرية، وكذلك ثقة المسيرين، خاصة بعد التتويج باللقب القاري عام 2019، وتواصل سلسلة النتائج الإيجابية المتتالية من دون تعثر، حيث أن انشغاله بالمزاجيات والعنتريات والتصريحات الاستعراضية والنارية في الندوات الصحفية، ناهيك عن تصريحاته النارية التي أزعجت عدة أطراف فاعلة موازاة مع فشله المتتالي فوق الميدان عجلت بخروجه من الباب الضيق، خاصة وأن الفشل في الدور الأول في ثاني دورة قارية على التوالي جعلت الاتحادية الجزائرية لكرة القدم تقرر إيجاد مخرج يقضي بفسخ العقد بغية البحث عن مدرب جديد يتولى زمام العارضة الفنية للمنتخب الوطني تحسبا للتحديات الرسمية المقبلة، وسط رغبة كبيرة في إعادة “الخضر” إلى الواجهة، من خلال التواجد في “كان 2025” وكذلك ضمان التواجد في مونديال 2026، وبذلك تنتهي مسيرة بلماضي مع المنتخب الوطني التي دامت 5 سنوات ونصف، عرف فيها الجمهور الجزائري أجواء كبيرة من الفرح مثلما عرف أجواء مماثلة من الخيبات، خاصة في المواعيد الحاسمة، بدليل عدم الفوز في نهائيات “الكان” لدورتين متتاليتين، في انتظار مستقبل أفضل مع المدرب الجديد الذي سيقع عليه الاختيار خلال الأيام المقبلة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!