اقتصاد
سفير السودان عصام عوض متولي يكشف في حوار لـ"الشروق":

الكبش السوداني في الجزائر لن يتجاوز المليون

الشروق أونلاين
  • 31742
  • 51
بلال زواوي
سفير السودان عصام عوض متولي رفقة صحفية الشروق

عُين السفير والمفوض فوق العادة عصام عوض متولي سفيرا في الجزائر في شهر جويلية المنصرم، وانطلق منذ ذلك الوقت في مهمة استكمال الخطوات والاتفاقيات والمشاريع العالقة وعلى رأسها مسألة فتح خط جوي مباشر بين الجزائر والخرطوم، لتسهيل عملية التبادل التجاري وفي مقدمتها اللحوم والمنتجات الزراعية. وكشف في لقاء مع الشروق بمقر السفارة في حيدرة عن أهم فحوى اللقاءات التي جمعته مع المسؤولين الجزائريين وعن عوائق الاستثمار الجزائري في السودان وحقيقة الدور السوداني في الأزمة الليبية وعلاقة الخرطوم بالحركات الإسلامية وتنظيم الإخوان ومدى تأثيرها على العلاقة مع دول الخليج هامشا مهما في هذا الحوار.

   

لماذا لم تجسد بعد العلاقات السياسية القوية بين الجزائر والخرطوم في شكل مشاريع ملموسة على أرض الواقع؟ 

العلاقات في تطور مستمر، وهناك توافق في المواقف السياسية على المستوى الدولي والإقليمي بين البلدين. وكان وفد قد زار الخرطوم في إطار التشاور، كما ستنعقد اللجنة الوزارية المشتركة والمقرر تنظيمها  بالجزائر وهي مكلفة بإعداد كل الاتفاقيات والبروتوكولات القديمة التي ستعمل على تفعيلها أو عقد اتفاقيات جديدة. الأكيد أن للجزائر دورا هاما ومحوريا في المنطقة ونتطلع لترجمة العلاقة الطيبة إلى مشاريع ملموسة. 

 

من أهم المشاريع التي لم تر النور بعد الخط الجوي بين الجزائر والخرطوم.. هل من جديد؟  

هذا من أهم الانشغالات الشخصية أيضا، لأن السودان بلد غني في ميدان الزراعة والمياه الجوفية. وكان السودان بإمكانه أن يكون سندا للعالم العربي في هذا الجانب، ولكن المعوق الرئيسي هو عدم وجود خط جوي مباشر يضمن وصول الأغذية أو الخضر أو الفواكه في الوقت المناسب وقبل نهاية الصلاحية. وسيبقى هذا الموضوع من أهم انشغالاتنا وسأعمل جاهدا خلال فترة وجودي في الجزائر أن ننجح في الوصول إلى خط جوي ولو خطا تجاريا فقط، لأن منتجات جزائرية مهمة تصلح للسودان والعكس صحيح. 

الخط الجوي المباشر مع الجزائر أهم عوائق الاستثمار

ويمكن أن نتكلم عن اللحوم بشكل خاص، لأن الرعي عندنا طبيعي. الدولة تشجع القطاع الخاص في هذا الموضوع، والقطاع الخاص يهمه الربح، وإذا لم يضمن هذا الربح من صفقاته مع السودان باستيراد لحومها لن يقبل عليه أكيد. سنجري بعض الاتصالات مع الشركات الجزائرية وبعض رجال الأعمال لنحقق تبادلاا تجاريا مهما. 

 

أعلنت السودان مؤخرا عن تسهيلات للاستثمارات العربية، وأيضا سينظم منتدى حول الاستثمار بمشاركة 22 دولة عربية.. ماذا عن الدور الجزائري؟ 

نتطلع ونطالب بشدة بدور جزائري قوي في السودان فيما يتعلق بمجال الاستثمار . السودان عنده أفضل قانون استثمار في المنطقة العربية، ومن ميزاته الرئيسية انه لا يفرق بين المستثمر السوداني والعربي، نفس الامتيازات، وهناك إعفاءات تصل إلى عشر سنوات عندما يتعلق الأمر بالمشاريع الإستراتيجية وخمس سنوات إذا كانت المشروعات عادية. والسماح بشراء كافة المواد الخام المتعلقة بالصناعة. فضلا عن ذلك، يسمح للمستثمر أن يصدر منتوجه إلى أي بلد يشاء ويسمح له أيضا بتحويل عائدات منتوجه في السودان إلى بلده أو إلى أي بلد آخر. ونتوقع أن يكون في المنتدى القادم حشد عربي كبير.

لم نسجل أي حالة للحمى القلاعية وماشية السودان الأفضل

هناك توجه عام لدخول العرب إلى مجال الاستثمار في السودان. الأزمة الاقتصادية عالمية، ولكن نضيف على الأزمة في السودان ضعف الإنتاج والعزوف عن الإنتاج. شجعنا خريجي الجامعة على تأسيس مشاريعهم المصغرة، ولكن التضخم يضعف الأسعار. زيادة على العقوبات الأمريكية المتجددة على السودان.

 

مع قرب موعد عيد الأضحى المبارك، يطرح دائما موضوع غياب  كباش السودان في السوق الجزائرية رغم انخفاض أسعارها وجودتها؟

العائق الرئيسي لهذه العملية هو العائد المادي للخواص. سعر الترحيل المكلف لا يتناسب مع سعر السوق في الجزائر.. تكلفة الترحيل عالية جدا وتضاف لسعر الماشية، وعليه حسب ما قاله لي مسؤولون جزائريون.. يصبح سعر اللحوم أو الماشية السودانية أغلى من سعر اللحوم الأخرى، لأنها تنتقل من دولة إلى دولة ولا يوجد خط جوي مباشر، وعليه تأخذ وقتا أطول وتكلفة أعلى. أسعارنا في السودان أسعار معقولة، والسعودية هذه السنة ستستورد 30 بالمئة من أضاحي الحج من السودان. ويبلغ سعر الكبش في السودان 100 دولار بالنسبة لعملية الشراء بالتجزئة، أما في حالة الاستيراد فيتم الشراء من المراعي مباشرة بأسعار أقل بكثير.

 

هل حاولتم إجراء لقاءات أو اتصالات جديدة بعد تعيينكم مع الوزارة الوصية في الجزائر؟

نعم، كما قلت لك لايزال الخط الجوي المباشر بين الجزائر والسودان واستيراد اللحوم من أهم الانشغالات. وطلبنا موعدا من وزير الفلاحة عبد الوهاب نوري إضافة إلى عدد من المسؤولين، والمقابلات تتم بالتدريج، لأنني عينت في فترة إجازة.

قابلت الأمين العام لوزارة الدفاع وستتم مقابلات أخرى في الأيام القادمة وإن شاء الله سنبذل جهدنا حتى تصبح السلع السودانية موجودة في الجزائر والعكس صحيح.

وبالنسبة لرجال الأعمال، زار منذ شهرين رجل الأعمال الجزائري يسعد ربراب السودان وأمضى عقد إيجار لمنطقة في البحر الأحمر تضمن مصفاة لتصفية الزيوت وتكرير السكر.

 

منذ سنوات استهدفت الماشية السودانية وتعرضت لحملة روجت لإصابتها بأمراض.. هل سجلتم حالات إصابة بالحمى القلاعية؟

بشهادة المنظمات الدولية المهتمة بالتغذية والمواشي لم نسجل أي حالة للحمى القلاعية في السودان.. لأنها تتغذى على عشب طبيعي وتشرب ماء طبيعيا ولا تزود بأي مواد كيميائية أو صناعية. ولو سجلت أي حالات لما كانت السعودية أقدمت على استيراد أضاحي الحج من السودان. الماشية من أهم مصادر الدخل للسودان وعليه نحيط هذا القطاع باهتمام كبير ونوفر كوادر وبياطرة متمكنين، وخاصة في ظل تراجع البترول بعد الإنفصال عن جنوب السودان.

 

هل لنا أن نعرف فحوى اللقاء الذي جمعكم مع الأمين العام لوزارة الدفاع في ظل تدهور الوضع الأمني في المنطقة العربية وحادثة الطائرة السودانية التي اتهمتها الحكومة الليبية بنقل حمولة أسلحة للإسلاميين المسلحين؟

كانت زيارة مجاملة عادية يؤديها أي سفير جديد في الجزائر لفتح باب للتواصل المستقبلي، تطرقنا إلى العلاقات الطيبة بين الجزائر والسودان ونفكر في تشكيل وفد من مسؤولين أقل من وزير لزيارة الجزائر للبحث عن آفاق تعاون عسكري مستقبلا. وأكدنا أن ما روجته الحكومة الليبية لا أساس له من الصحة ونطالب ليبيا بالاعتذار عن توجيه اتهامات باطلة للسودان.

 

ما حقيقة علاقة السودان بإسلاميي ليبيا في ظل ما تروجه المعارضة السودانية للتحالفات السرية والعلنية للخرطوم مع الحركات الإسلامية في الوطن العربي؟

ما حدث في المنطقة العربية ليس “ربيعا عربيا” فقد تحول إلى واقع أحر من الشمس. هذا كلام غير صحيح.. السودان يقف على مساحة واحدة مع كل دول الجوار ومع كل الدول الصديقة. اتهامات باطلة وغير صحيحة ننفيها نفيا قاطعا، وليس لدينا أي علاقات مع أي تنظيم إسلامي دولي، بل على العكس السودان دولة إسلامية سنية ولا تتدخل في الشأن الداخلي للدول وهو أيضا موقف الجزائر المعروف. وليس هناك أي علاقة من نوع خاص مع أي تنظيم إسلامي.

30 بالمئة من أضاحي الحج استوردتها السعودية من السودان

ولكن لأن النظام في السودان نظام إسلامي فتروج مثل هذه المعلومات المغلوطة ضده. السياسة الخارجية السودانية واضحة لا تدخل ولا تآمر إلا إذا طلب منا تقديم النصح، كما فعلت الجزائر مع الفرقاء في مالي بطلب من الماليين. وهي تحقق نجاحات مهمة في الملف المالي وتطمح إلى تحقيق نجاح أكبر يكلل بالسلام في هذا البلد الجار. وحتى وزارة الخارجية السودانية تولي اهتمامات كبيرة لدول الجوار، وبإقامة مناطق سكنية مستقرة على الحدود. فمثلا كانت علاقتنا بالتشاد متوترة جدا، ولكنها تعرف الآن تحسنا مهما على كل المستويات.

 

وما مدى صحة أن السودان أبدى قبوله استضافة قيادات إخوانية كانت ضيفة قطر في إطار تسهيل عملية المصالحة الخليجية “قطر والسعودية والامارت”؟

لا نستقبل قيادات إسلامية بهذا المسمى، ولكن يمكن أن نستقبل أي مواطن عربي يقصد السودان، ولكن ليس بصفته التنظيمية والحزبية. أما أن يفرض على السودان فرضا من خلال ضغوط، هذا مرفوض رفضا قاطعا. وحتى قطر ليست حريصة على أن تضع السودان في هذا الموقف. هل يعقل مثلا أن نستضيف قيادات معارضة للنظام في مصر؟ هذا أكيد سيعكر العلاقات مع الشقيقة والصديقة مصر، وهذا ليس من صالحنا، خاصة وان العلاقة مع مصر متيمزة. ننفي تماما نية السودان استقبال قيادات معارضة إخوانية أو غير إخوانية.

 

حتى لو طلبت الدوحة استضافة الشيخ القرضاوي؟

مرحبا به في إطار زيارات لأشخاص أو مؤسسات معينة. الآن هو مستقر في قطر، وإذا طلب أن يستقر بصفة نهائية في السودان فكل شيء يقدر حسب الظروف وقتها.


وهل أقدمت الخرطوم على غلق المركز الثقافي الإيراني بناء على طلب السعودية والإمارات اللتان لعبتا ورقة “المعاملات البنكية”، أم بسبب انتشار ظاهرة التشيع في المجتمع السوداني؟

السبب الرئيسي الذي أعلنت عنه وزارة الخارجية هو الفكر الشيعي الذي انتشر في المجتمع السوداني السني الذي يرفض هذا الفكر. وتسجيل عدد من الحالات التي أصبحت متشيعة فعلا.

“لن نخسر مصر من اجل قيادات الإخوان المسلمين”

القرار كان سليما وجاء في الوقت المناسب. العدد قليل وتأثر نتيجة ضعف الإيمان والفكر وحتى ما تعلموه لا يبدو كالفكر الشيعي المعروف، ولكن بعض السلوكات الغربية. ولا علاقة لهذا بتهديدات اقتصادية خليجية، لأن الإيرانيين موجودون أيضا في المملكة وفي الإمارات.

 

ما جديد المفاوضات الدائرة في الفترة الأخيرة بين الحكومة ومتمردي دارفور عبر “الآلية الإفريقية”؟

تعمل السلطة الإقليمية لولايات دارفور بتناغم تام مع حكومات ولايات دارفور. وواقع التنمية ايجابي جدا عقب اتفاقية الدوحة لسلام دارفور، حيث تم إنشاء عدد من القرى النموذجية.

الاتفاقيات مع الحركات في تقدم مستمر، حيث تم تنفيذ بند الترتيبات الأمنية بين حركة العدل والمساواة والحكومة بإدماج 1350 متمرد درافوري سابق في القوات النظامية السودانية “جيش وشرطة”.

والحركات المتمردة خارج مظلة السلام توجد فقط في بعض الجيوب والمناطق الصغيرة. والعدد الأكبر من حركات التمرد متواجد حاليا في جنوب السودان. هناك جهود تبذلها الحكومة لإقناع بعض الفصائل المتمردة بالحوار الوطني.

 

كيف ستنجح هذه المفاوضات في ظل تصدع داخلي بين الحكومة والمعارضة.. خاصة وأن الأخيرة تطالب بإسقاط النظام في السودان؟

الحوار بين الحكومة والمعارضة قائم على آلية “السبعة زائد سبعة” يعني سبعة أحزاب معارضة مع سبعة أحزاب مشاركة في الحكومة. وعلى الرغم من عدم مشاركة حزب “الأمة القومي” في اجتماعات الحكومة مؤخرا، إلا انه لم يعلن انسحابه.

وتوصلت الآلية في نهاية أوت الماضي إلى ورقة مبادئ عامة، حيث يشارك عضوان من اعضاء الآلية هذه الأيام في اللقاءات التي تدور بأديس أبابا بشأن إلحاق الحركات المسلحة بالحوار الوطني وهما احمد سعد عمر وغازي صلاح الدين.

 

وهل التزمت السودان بالاتفاقيات التسع المنظمة لعلاقة الجوار مع جنوب السودان؟

“نطالب ليبيا بالاعتذار عن اتهاماتها الباطلة للسودان”

للتاريخ، السودان التزم باتفاقية “أديس أبابا” سنة 2005 وأعطى حق تقرير المصير لجنوب السودان. منذ يومين التقى الرئيس السوداني بثابو مبيكي، رئيس الآلية الإفريقية وتعهد له بتنفيذ كل الاتفاقيات وفق الآليات والقوانين المتوفرة.

 

لماذا لا تتعامل السودان بحزم مع تكرر استهدافها بالطائرات الإسرائيلية؟

إسرائيل من خلال توجيه ضرباتها للسودان تستفز العالم العربي والإسلامي كافة. فهي تضرب في وضح النهار، وتتحجج بأن السودان يدعم حركة حماس في غزة. وفي كل مرة نقدم شكوى لمجلس الأمن، تسجل وتحفظ.

وبالمناسبة أشيد بالموقف الجزائري المشرف من القضية الفلسطينية والمبادرة القوية في العدوان الأخير على غزة من أعلى مستوى عندما أعلن الرئيس بوتفليقة عن الدعم. وموقف السودان هو نفسه موقف الجزائر من القضية الفلسطينية. نتمنى أن تصل فتح وحماس إلى اتفاق بعيدا عن أي تدخلات دولية هي سبب تأزيم الوضع في فلسطين.

مقالات ذات صلة