-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الكرة الجزائرية في مأزق

ياسين معلومي
  • 9179
  • 0
الكرة الجزائرية في مأزق

مرة أخرى، فشل الاتحادُ الجزائري لكرة القدم في إقناع اللاعبين مزدوجي الجنسية بتقمُّص الألوان الوطنية، بسبب الطريقة التي تنتهجها هيئة الرئيس شرف الدين عمارة في التواصل معهم، وإقناعهم باللعب للتشكيلة الوطنية، غير أنهم يفضلون المدارس الكروية التي تكوَّنوا فيها، بضغط من رؤساء أنديتهم تارة، وتارة أخرى من المناجرة الذين يشرفون عليهم، فأصبحوا يفضّلون اللعب للمنتخبات التي ساهمت في تكوينهم، مثلما قام به هذا الأسبوع اللاعبان أمين غويري، النجمُ الصاعد لنادي نيس الفرنسي، والشاب مايكل أوليز، مهاجم كريستال بالاس الإنجليزي، اللذان فضَّلا ألوان منتخب “الديكة”، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات عن أسباب عدم تمكُّن المسيرين الكرويين في الجزائر منذ سنوات من إقناع العصافير النادرة باللعب في التشكيلة الوطنية؟

ورغم أن الاتحاد الجزائري لكرة القدم قام منذ مدة بإنشاء جمعية خاصة بمتابعة اللاعبين الذين ينشطون في مختلف البطولات الأوروبية، إلا أنها فشلت في تدعيم تشكيلة جمال بلماضي الذي قال بصريح العبارة: “لا يوجد حسب علمي لاعبٌ رفض اللعب للمنتخب الفرنسي واختار الجزائر، إلا لاعبو فريق جبهة التحرير الوطني الذين ضحُّوا حقا من أجل تدويل القضية الجزائرية في مختلف الملاعب العالمية”.

في سنة 2009، تمكَّن الرئيس السابق للاتحاد الجزائري لكرة القدم محمد روراوة من إقناع أعضاء الجمعية العامة لـ”الفيفا” التي عقدت بالبهاماس بضرورة سنِّ قانون يمنح للّاعب الذي يحمل أكثر من جنسية، حرّية تغيير المنتخب، بشرط عدم اللعب لمنتخب آخر في صنف الأكابر، وهو ما منح الفرصة لعددٍ كبير من اللاعبين للالتحاق بالمنتخب الجزائري الذي تمكّن من “اصطياد” العديد من اللاعبين الذين ساهموا بفعالية في تأهيل “الخضر” مرتين متتاليتين إلى المونديال، الأولى بجنوب إفريقيا تحت قيادة رابح سعدان في 2010، والثانية بالبرازيل مع المدرب وحيد خاليلوزيتش في 2014، حين تمكنوا من التأهل للمرة الأولى إلى الدور الثاني من العرس العالمي، وأخرجوا بجدارة واستحقاق الكرة الجزائرية من النفق المظلم الذي دخلته ولسنوات عديدة، خاصة بتراجع أداء اللاعبين الذين ينشطون في بطولتنا المنحرفة، بسبب المشاكل التي كانت تتخبَّط فيها كرتُنا بسبب العشرية السوداء والسياسة الكروية التي كانت منتهجة من بعض المسؤولين الذين كانوا يفضلون مصالحهم الخاصة على تطوير كرتنا، فطغت على المنافسات الكروية المحلية مظاهر الرشوة والعنف، وهذا رغم الدخول في عالم الاحتراف الذي مات في المهد.

وإذا كان الاتحاد الفرنسي قد وضع عراقيل كثيرة أمام المنتخبات التي تريد الظفر باللاعبين مزدوجي الجنسية، إلا أن القائمين على الاتحاد الجزائري السابق والحالي عجزوا لمرات عديدة عن تقديم مشاريع رياضية وتحفيزات لهؤلاء اللاعبين المتألقين، بدليل أنهم أصبحوا يبتعدون شيئا فشيئا عن تمثيل “الخضر”، رغم أن المسيرين السابقين على شاكلة روراوة ومشرارة وحدّاج تمكنوا من جلب عديد اللاعبين الذين لازال البعض منهم في الميادين إلى يومنا هذا، على غرار محرز ومبولحي وفغّولي وماندي والقائمة طويلة… وتمكنوا حتى من الفوز على اتحادات أخرى، مثلما حدث مع بن ناصر وتايدر اللذين رفضا تباعا المنتخبين  المغربي والتونسي، وفضَّلا الجزائر، وهو ما يدل على أن المسؤولين في الاتحاد الجزائري وفي مختلف السفارات الجزائرية المتواجدة بأوروبا كان لهم دورٌ بارز في مساعدة هؤلاء الشبان ومرافقتهم للعب لصالح المنتخب الجزائري.

لقد حان الأوان ليعيد الاتحاد الجزائري لكرة القدم حساباته في طريقة الاتصال باللاعبين مزدوجي الجنسية، في ظل التراجع المذهل للمحليين، وإيجاد الطرق المثلى لإقناعهم، فلماذا لا يتم تكليف شخصيات رياضية مؤثرة للاتصال بهؤلاء اللاعبين، مع منحهم كامل الصلاحيات، خاصة أنَّ الأندية الأوروبية تملك العديد من الأسماء بإمكانها تقمص الزي الوطني، لاسيما أن بعض لاعبي الجيل الحالي الذين سيلعبون لقاء السد أمام الكاميرون سيعتزلون بعد كأس العالم، وعلينا من الآن البحث عن خير خلف لخير سلف.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!