-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الكنيسة الإسلامية والسلطان جوزيف

الكنيسة الإسلامية والسلطان جوزيف

في كلمتي ليوم الخميس الماضي (01/06/2023) ذكرتُ مسجد باريس، وأشرتُ إلى أنه أُطلِقَ عليه اسم “كنيسة إسلامية”. ظنَّ بعضُ القرّاء أنني أنا صاحِبُ ذلك التعبير، ولكن أحد الإخوة أراد أن يستبين الأمر فكلّمني مُسْتفسِرًا عن صاحب الوصْفِ.

الحقُّ والحقَّ أقولُ إنني بريءٌ من هذا التعبير، وأنا أُؤمِنُ أن أبناء العقول كأبناء الأصلاب، هؤلاء لا يُدْعَون إلاّ لآبائهم، وأولئك لا يُعْزَوْنَ إلاّ لأصحابهم، وهذا ما يُعبَّرُ عنه حديثا بمصطلح “الحقوق المحفوظة” التي صار لها هياكل ومؤسسات ودواوين وطنية في مختلف البلدان ومنظمة عالمية مقرها في باريس.

إن الإسلام لا يقبل أي عمل مهما يكُنْ حسنا إلا إن توفر فيه شرطُ “النِيّة”، استنادا إلى حديث نبوي رواهُ عمر بن الخطاب وأخرجه الشيخان وغيرهما وهو: “إنما الأعمال بالنيّات…”، وقد ذهب بعضُ العلماء إلى أنّ هذا الحديث يُعدُّ “رُبُعَ الإسلام أو ثلثَهُ أو نصفه” (سليمان الأشقر، مقاصد المكلفين صفحة 90. مكتبة الفلاح. 1981).

ولهذا فإن الإسلام لا يقبل أي عمل لم يُقصد به وجه الله، والجميع يعلم أن مسجد باريس لم يؤسَّس على تقوى من الله ولا لوجهه الكريم، وإنما أسَّستْهُ فرنسا أعدى أعداء الإسلام، تلبيسا على المسلمين وإن كانت الأموال هي أموالهم. (انظر التفاصيل في كتاب المعهد الإسلامي وجامع باريس للدكتور التليلي العجيلي).

وقد كان الشيخ العباس ابن الحسين يردِّد أن مما أدركه في منطقته أن الناس كانوا يتحدَّثون عن ضريبة تُسمَّى “غرامة بن غبريط”. وابن غبريط هذا خُلِقَ ليكون خادما لفرنسا حتى عدّه لويس برتراند “الأكثر ولاءً لفرنسا”. (المعهد الإسلامي وجامع باريس. صفحة 197)، وقد أنعمت عليه فرنسا بما لم تُنْعِم به حتى على أبنائها الأصليين، لأنه كان يعتبر استقلالَ الجزائر “ميكروبا”. (أبو القاسم سعد الله. على خطى المسلمين. صفحة 114).

وتعبيرُ “الكنيسة الإسلامية” أطلقته جريدة تسمى “العالم الأحمر” في عددها بتاريخ 01/05/1926، وأما كلمة “السلطان جوزيف” فأطلقته الجريدة نفسها على سلطان المغرب آنذاك “يوسف” مع رسم يُصوِّره في شكل حيوان مربوط بسلسلة يمسكها ضابطٌ فرنسي ومكتوب تحت هذا الرسم هذه الجملة: “السلطان الخائنُ مُغلْغَلُ العُنُق يتبعُ الاستعمارَ الفرنسي وعبارة moulay joseph”. (التليلي. صفحة 434).

ومعلومٌ أن هذا السلطان هو الذي دشَّن صحبة رئيس فرنسا هذا المسجد أو “الكنيسة الإسلامية”، وقد دُعِيَ إلى هذا الافتتاح الشاعرُ الكبير محمد إقبال ولكنه رفض الدعوة، لأنه مستيقنٌ أن الخير لن يصدر عن شرير، ومصدر الشر عند “فقهاء الاستعمار” هو فرنسا، ومن استنّ بسُنّتها واهتدى بهداها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!