-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
عقب تعيين الجزائر لمؤرخيها والتأكيد على كامل العهد الاستعماري

اللجنة المختلطة لكتابة التاريخ.. صمت مريب في قصر الإليزيه

محمد مسلم
  • 810
  • 0
اللجنة المختلطة لكتابة التاريخ.. صمت مريب في قصر الإليزيه
أرشيف

انقضت أكثر من 10 أيام على إعلان الجزائر عن ممثليها المؤرخين في اللجنة المختلطة الجزائرية الفرنسية لبحث ملف الذاكرة، ومع ذلك لا يزال الطرف الفرنسي متسترا على هوية ممثليه، عكس ما كان الحال في المبادرة الأولى (بنجامان ستورا ـ عبد المجيد شيخي)، والتي انتهت إلى الفشل، كما هو معلوم.
التأخر الفرنسي في الكشف عن ممثليه في اللجنة المختلطة فجّر الكثير من الأسئلة، وما إذا كانت المسألة تتعلق بتردد الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، في الذهاب بعيدا في هذا الملف الحساس، وهو الذي تظاهر منذ البداية بالحرص على حل مشكلة الذاكرة.
وفي رسالة قد تفهم على أنها مشفرة، جدد الرئيس عبد المجيد تبون التأكيد على أن اللجنة المختلطة، مهمتها “إجلاء الحقيقة حول الحقبة الاستعمارية الفرنسية للبلاد (1830-1962) بتمحيص دقيق”، وذلك في رسالة بمناسبة الذكرى الـ 62 لمظاهرات الجزائريين في 11 ديسمبر لعام 1960 للمطالبة برحيل الاستعمار الفرنسي.
في المبادرة السابقة التي أطلقها ماكرون، كان الجانب الفرنسي السبّاق في الكشف عن ممثله، وهو المؤرخ بنجامان ستورا، أحد المختصين في الحرب التحريرية، وبالمقابل تأخر الجانب الجزائري في تعيين ممثله، عبد المجيد شيخي، أما الانطلاقة فكانت عرجاء، وكان طبيعيا أن يتوقف المشروع في منتصف الطريق، لأن الفرنسيين اختزلوا 132 سنة من احتلال مدمر، في ثماني سنوات هي عمر الثورة التحريرية (1954 ـ 1962)، لاعتبارات لا يخطئها أي عارف بخبايا تلك الفترة.
رسالة الرئيس تبون بمناسبة 11 ديسمبر حملت عبارة يتعيّن على أي متابع، الوقوف عندها مطولا وبدقة، هي “إجلاء الحقيقة حول الحقبة الاستعمارية الفرنسية للبلاد (1830-1962) بتمحيص دقيق”.
الشاهد الأول يتمثل في الفترة الزمنية (الاحتلال من بدايته على نهايته)، أما الشاهد الثاني فيتمثل في “التمحيص الدقيق”، بمعنى الوقوف عند كل صغيرة وكبيرة طيلة 132 سنة، من الحرق في المغارات بالنار وبالأسلحة الكيميائية، والقضاء على قبائل بأكملها، والتقتيل الجماعي بقنابل النابالم والقصف العشوائي والتدمير والتجريد من الممتلكات، والتجنيد الإجباري في الحرب العالمية الأولى والثانية، وأثناء الثورة التحريرية، وطمس الهوية والتفقير والتجهيل، والديون الجزائرية، وضحايا التجارب النووية.. وأمور أخرى قد يطرحها الطرف الجزائري المشكل من مختصين، وعلى رأس كل ذلك، التعويض عن عدد الشهداء الذي يتراوح ما بين خمسة ملايين و700 ألف وسبعة ملايين منذ بداية الاحتلال.
ومعنى هذا أن فرنسا مطالبة بتأدية فاتورة ثقيلة قد لا تقوى على حملها، بسبب إجرامها في حق الجزائريين، من الخامس جويلية 1830 إلى 05 جويلية 1962، وهي المسؤولية التي يكون الطرف الفرنسي قد استشعرها، وبدأ يفكر في وضع العصا في العجلة، برأي بعض المراقبين المستقلين.
وقبل أن تصل الأمور إلى هذا المستوى من الجدية، كانت الجزائر قد وقفت على عبثية المبادرة الأولى، التي تكشّفت من خلال التقرير الذي أودعه المؤرخ بنجامان ستورا في قصر الإليزيه في جانفي 2021، والذي أخرج باريس كالشعرة من العجين، من فظائع مجازر دموية يندى لها جبين الدولة الفرنسية، فاقت حدود الإنسانية، بمجموعة من التوصيات الشكلية، من قبيل إقامة تمثال هنا وهناك تكريما لرمز من الرموز، وإعادة سيف الأمير عبد القادر ومدفع بابا مرزوق.. وهي مطالب على أهميتها تبقى رمزية، ولا تغوص في أعماق المأساة.
أما المبادرة الثانية وبعد الكشف عن تفاصيلها، باتت تبشر بـ “مقابلة” عالية المستوى، بين فريقين ليس بلاعبين وإنما بمؤرخين، تبدو نتيجتها محسومة مسبقا لصالح الفريق الجزائري، ليس فقط لمؤهلات الأعضاء الذين تم اختيارهم، وإنما لعدالة القضية كونها تتعلق بطرف هو بمثابة جلاد ممثلا في فرنسا، وضحية من دون منازع، هي الجزائر التي دفعت الكثير من دم أبنائها ومن ثرواتها وخيراتها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!