-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

“اللّي قال يخلّص”!

قادة بن عمار
  • 9129
  • 5
“اللّي قال يخلّص”!
ح.م
كمال بلجود

من يستمع إلى تصريحات وزير الداخلية كمال بلجود، وهو يعلّق على ما ارتكبه والي وهران من فعل سيّء وغير مقبول إنسانيا ولا إداريا ضدّ أستاذة يوم الدخول المدرسي، سيدرك أن الأزمة أعمق من مجرّد خرجة رسمية غير موفقة، رصدتها الكاميرا فنشرها الفايسبوك، ثم أثارت غضب وانزعاج الرأي العام.

بلجود مثل غيره من وزراء الداخلية الذين سبقوه يدرك تماما أن الدولة صرفت الملايير على دورات تكوين فارغة من أجل تحسين الاتصال السياسي، وفي سبيل استعادة الثقة بين المسؤولين والمواطنين، لكنها في نهاية الأمر، لم تكسب لا هؤلاء ولا أولئك، بل خرجت صفر اليدين وبخسارة كبيرة في الأموال، وللوقت، وبنتيجة واحدة: أنه يصعب ترميم تلك العلاقة بمجرّد دورات تبدأ بتشكُّرات وتنتهي بتوصيات.

الأزمة أعمق من الوالي الذي أخذته العزّة بالمنصب، فأزعجته عبارة “طاولات من وقت الاستعمار”، وحتى من وزير الشباب والرياضة سيد علي خالدي الذي نصح رافضي دسترة بيان نوفمبر بأن “يغيّروا البلد”، والواقع أن كلام هذا الأخير يُذكِّرنا بالنكتة السياسية الشهيرة التي تقول، إنّ حاكما سئم الناسُ من استمراره في منصبه عقودا طويلة، فنصحه المقرَّبون منه بالتغيير، فأجابهم متسائلا: “تغيير..؟ لكن من أين آتي بشعبٍ جديد؟!”، فالحاكم عموما لا يعرف من التغيير سوى استبدال كل ما هو “تحت” للبقاء أطول مدة ممكنة “فوق”!

لذلك، فإنّ أيّ إصلاح سياسي سيُعدّ مستحيلا طالما لم يبدأ أوَّلا بتوفير إرادة ملموسة في تجديد الطبقة السياسية وبالبحث عن كفاءات حقيقية يمكنها تولي مناصب مسؤولية، وبتجاوز منطق الولاء في التعيينات، وهو المنطق الذي جلب لنا الويلات ورفع أسهم الفاشلين بأن حوّلهم إلى مسؤولين يسبّون الشعب ويترفَّعون عليه.

لن تنجح أيّ مبادرة حقيقية للإصلاح طالما بقيت الإدارة “غولا” لا يجوز الاقتراب منه، والبيروقراطية “شبحا” لا تتم محاربته سوى بالملتقيات والجلسات، وطالما استمر المواطن يشعر، وهو يدخل مقر بلدية أو ولاية أو أيّ جهاز إداري آخر، أنه مُدان حتى يثبت العكس، وبأنّه خادمٌ لدى غيره، وليس سيّدا في وطنه.

أمرٌ آخر، يجب التوقف حالا عن استغباء الشعب والتعامل مع مثل هذه السلوكيات الفاسدة والتصريحات الخطيرة على أنها أخطاءٌ فردية يمكن تجاوزها باعتذار هنا أو ببيان هناك، بل يجب تفعيل قاعدة “اللي قال يخلَّص” تيمُّنا بقاعدة “اللي دار يخلَّص”، وبأن يمتد الأمر إلى إحداث ثورةٍ حقيقية في الخطاب السياسي، والاستنجاد حالا بالكفاءات التي يمكنها أن تتحدث للشعب بلغته بعيدا عن أيّ وصاية أو تعجرف أو استعلاء.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • sohbi

    قلت فابلغت كالعادة لا فض فوك ولا توقف قلمك.

  • خليفة

    يجب ان تتغير ذهنيات بعض المسوولين،حتى تواكب متطلبات الجزائر الجديدة و التي يجب ان تخلو من تلك الممارسات البالية،و التي يظن فيها المسوول انه حر ليفعل ما يشاء ،و انه فوق الجميع،انتهى عهد المافيا،و التجبر و التكبر،و التسلط و احتقار المواطن ،يجب على المسوول ان يزن سلوكه و كلامه جيدا عندما يريد التحدث مع المواطنين .

  • أعمر الشاوي

    ولاة جبابرة لأنهم معينين بمرسوم رئاسي بمعنى وحده رئيس الجمهورية الذي يستطيع إنهاء مهام والي من الولاة.أما تحير أو توبيخ
    الوالي معين من طرف رئيس الجمهوريةو بمرسوم رئاسي.هذا يجعله فوق سيطرة الوزير و إن تعلق الأمر بالوزير الأول.وفقا للقانون الذي وضعه بوتفليقة في أطار مكافحة الفساد ليمي الوالي من الضغوطات الخارجية.طبعا هذا من حيث المبدأ ففي حقيقة الأمر بفظل هذا القانون تشكلت شبكات العصابة و أصبحت لها قاعدة إدارية صلبة و متشبكة.لهذا السبب أصبح الوالي غولا متسلطا و متجبرا و لا يخاف أحدا ضاربا عرض الحائط قرارات الرئيس بشهادة هذا الأخير شخصيا تحت عنوان الثورة المضادة.

  • عمر

    تحليل موضوعي في محله،
    بلغة الشعب وقلت ما يجب أن يقال،
    فالمشؤل في الجزائر يظن نفسه أنه من طينة شعب الله غير المختار ،
    أي شعب المريخ أو زحل...
    فالمسؤول ما هو سوى في خدمة الشعب،
    ولكن في الجزائر 'بالمقلوبي' يحسب 'روحو'
    ملك برطانية غير العظمى الكل في خدمته،
    بل الكل عبيد له...
    أصلح الله أحوالنا وأحوال الجزئر فالوقت 'راهو يجري'،
    والجزائر لازالها في سبات أهل الكهف،
    وفقك الله إلى الخير وإيانا.

  • لزهر

    (لِنترك الشعب يحكُم)
    إذا ظهر الحمار بِزي خيل
    إنكشف أمره عند النهيق