-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المخزن سرق الجزائر وبكى!

المخزن سرق الجزائر وبكى!

لا يكفّ النظام المغربي منذ نصف قرن عن ممارسة لعبة الصبيان في رسم الحدود مع دول الجوار على أوراق الأحلام، فهو مثل كل دول الاستعمار البائد لا يتعلم من دروس التاريخ ولا حقائق الجغرافيا، بل ربّما ازداد بلادة بالارتماء أكثر في حجر الكيان الصهيوني، وزاد غياب ملكه المريض عن شؤون البلاد والبلاط من ترهّل الدولة وظهورها في صورة مملكة مراهقين طائشين لا يقدّرون عواقب تصرفاتهم.

قد يعتبر مراقبون ترديد أسطوانة الحدود مع الجزائر من قبيل المُزاح الثقيل، باعتبارها مركز ثقل القارة الإفريقية والمناورات معها ستكون مختلفة جذريّا عن الحالة الصحراوية أو الموريتانية، لكنّ ما يقوم به المخازنة من تهريج مفهومٌ أيضا في سياق تنفيس الوضع الداخلي المنفجر على كل الجبهات ومحاولات صرف الأنظار عن أزمة خانقة عنوانها التطبيع والفقر والفساد والاستبداد.

ودون العودة إلى سرد المؤشرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية المنذرة بورطة المخزن، فإنّ آخر الأنباء تورد موافقة صندوق النقد الدولي على تسوّل المغرب قرضًا بقيمة 5 مليارات دولار، بعدما طرح مجددا سندات دولارية في السوق الدولية بحثًا عن التمويلات الأجنبية، في وقتٍ لا يزال يترنّح تحت طائلة الديون الخارجيّة وخدمتها.

يحدث ذلك موازاة مع انتفاضة المجتمع المدني المغربي ضدّ استمرار الفساد المحمي بالإرادة السياسية العليا، ولا غرابة في ذلك طالما محمد السادس ضمن أغنى ملوك العالم بثروة تجاوزت 8 مليارات دولار، في حين ضاعف رئيس حكومته، عزيز أخنوش، ثروته خلال عام 2022 إلى حدود 2 مليار دولار، وفق مجلة “فوربس” العالمية.

هذا الوضع أدّى بقوات الأمن المخزنية إلى قمع الاحتجاجات المتواصلة منذ أشهر عبر مختلف أرجاء المملكة، حتى إنّ وزير حقوق الإنسان، المعتقل، محمد زيان، حذّر في رسالة مسرّبة للصحافة من أن نظام بلاده “بات اليوم يشكل خطرا على استقرار دول الجوار”.

بل إنّ رقعة الغضب ضد المخزن امتدَّت إلى أوروبا بقرار جمعيات حقوقية مغربية في فرنسا، تنظيم تجمع شعبي يوم 17 مارس بالعاصمة باريس، تضامنا مع أهاليهم المقهورين في الداخل.

وعلى الصعيد الدبلوماسي المتأزّم مع أوروبا، يستعدُّ المخزن لمواجهة مصيره قضائيا في ظلّ تحضير البرلمان الأوروبي لتقديم دعوى مدنية والتأسيس كطرف مدني في فضائح الفساد التي هزَّت أركانه، للمطالبة بتعويضات مالية عن الأضرار التي لحقت بسمعته العالمية.

وما يزيد من معاناة المخزن الذي ظل مستفيدا من رعاية سيده الفرنسي أن تتزامن أزمته مع الأوروبيين مع أخرى لم تعد صامتة مع باريس، وهو ما باح به مصدرٌ حكومي مغربي، لـ”جون أفريك” بالقول إنّ “العلاقات ليست ودّية ولا جيّدة، لا بين الحكومتين ولا بين القصر الملكي والإليزي”.

في ظل هذه المؤشرات المؤرِّقة وأخرى كثيرة لا يسع المقال لذكرها، يلوّح المخزن بنكتة “الحدود التاريخيّة” مع الجارة الكبرى، مستظهرا خرائط الأطفال الملوَّنة، بعدما كانت مَهمَّة الإلهاء الشعبي مفوّضة للسياسيين ورموز نخبوية.

وإذا كان من درس أخوي نرفعه في هذا المقام إلى أهل المملكة فهو أن أقاليم السيادة تُسقى بدماء الشهداء ولا تلوَّن على أوراق الرسم كفعل الصبيان في مدارس التعليم المبكّر، وقد استرجعت الجزائر أرضها من الاحتلال الفرنسي، ولها الفضل في خروجه من المغرب وتونس وعموم إفريقيا الساحليّة والغربيّة.

وإذا كان الإخوة المغرّر بهم يشهرون في كل مرّة خرائط الأوهام السلطانيّة، فقد حان الوقتُ لتذكيرهم بأنّ حدود الجزائر الغربيّة منهوبة تاريخيّا لصالح المملكة بموجب معاهدة “للاّ مغنيّة” مع حكومة فرنسا في 18 مارس 1845، في أعقاب معركة إسلي، التي رسّمت الحدود عبر نقطة مصبّ وادي ملوية، وقد اعترف الفرنسيون لاحقا بأنهم كانوا ضحية خدعة مغربيّة، ومع ذلك طمع المخزن التوسّعي فيما هو أكبر عن طريق ابتزاز الحكومة الجزائرية المؤقتة خلال مفاوضاتها مع دوغول في 1962، على قاعدة “سرقني وبكى.. سبقني واشتكى”!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
2
  • Mohs

    حكام المروك حاقدين على ارض الجزائر الواسعة الشاسعة مراض من عقولم وقلوبهم وهو ما سينهي حكمهم ان شاء الله .. الفرق ان الجزائر حررت بالدم والبارود .. والمروك نالت شبه استقلال صدقة سنة 1956 حتى تركز فرنسا قواتها في الجزائر بعد قيام الثورة

  • سمير

    مع تعنت نظام المخزن الصعلوكي في لعب ألعاب أكبر منه.... على الجزائر أن تطالب رسميا بأراضيها التي تمتد حتى وادي ملوية والدعوة إلى استقلال الريف وإنشاء حكومة مهجر لهم ... حتى يعرف من يسير المروك أن الجزائر ليست دولة كلام ويمكنها الذهاب بعيدا جدااا