-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المدرسة العبء!

المدرسة العبء!

ما يحدث هذه الأيام في كل العائلات الجزائرية يُثبت أن المدرسة أصبحت عبئا ثقيلا على الجميع، وأنّ فكرة الاعتماد عليها وحدها في تعليم وتربية النشء خاطئة، لأنّ التّلميذ لم يعد يكتفي بما يتلقاه خلال الفصل الدراسي، وعليه أن يتوجه إلى الدّروس الخصوصية بعد نهاية الدروس الرسمية لاستدراك ما فاته وفهم ما استشكل عليه داخل القسم.
إنّ الأولياء في حد ذاتهم أصبحوا أساتذة ومدرِّسين بل خبراء في التّعليم دون اختيار منهم، فقد اضطروا لذلك اضطرارا، وأصبحوا يتابعون أبناءهم في كل المواد، يشرحون الدّروس، ويختبرونهم قبل أن يتوجَّهوا إلى الامتحانات الرسمية، لقناعة راسخة لديهم بأن ما يتلقاه أبناؤهم داخل القسم لا يكفي لاستيعاب الدروس الكثيفة في جميع المواد الدراسية.
يجب أن يُفتح نقاشٌ وطني حول الوضع الذي آلت إليه المدرسة، وإعادة تقييم ما أطلق عليه “الجيل الثاني من الإصلاحات”، بل المطلوب مراجعة النّظام التّعليمي ككل، ومحاولة الاستفادة من تجارب الدّول التي حقّقت تقدّما في مجال التّعليم، والوقوف على الاختلالات والنقائص، والتي على رأسها كثافة البرامج الدراسية والحجم الساعي الكبير الذي يتسبَّب في إرهاق التلاميذ.
لقد أثبتت تجربة تخفيف البرامج وحذف الكثير من الدّروس خلال سنوات الحجر الصحي واعتماد حجم ساعي أقل… نجاحها في العملية التعليمية، فلماذا العودة إلى وضعية ما قبل كورونا دون محاولة التخفيف وإعطاء مجال أكبر للأنشطة التعليمية غير التقليدية التي تحاول تنمية المهارات المختلفة لدى التلاميذ وإخراجهم إلى الفضاء الرحب؟
في الكثير من الدّول، يكتفي التلاميذ بالدّراسة خلال النصف الأول من اليوم، أمّا في الفترة المسائية فتُخصَّص لمختلف الأنشطة الاجتماعية بما فيها اللّعب والترفيه، ولذلك إيجابيات كثيرة، أولها أن التلميذ يكون حاضر الذّهن خلال الفترة الصّباحية ولديه القدرة على ممارسة الأنشطة الفكرية، أمّا بعد وجبة الغذاء، فإنّ القدرات الإدراكية تتراجع، ويسود نوعٌ من الخمول والثقل لدى الجميع، وهذا ملاحظ في كل المؤسسات التربوية، فهل يعقل أن يستمر التلميذ في التّركيز ومتابعة الدروس إلى غاية الخامسة مساءً؟!
أمّا ما يتعلق بالمستوى العامّ للأساتذة، فإنّ تلك قضية أخرى، لأن منتوج الجامعة خلال السنوات الأخيرة فيه ما يقال، وهو في الأصل منتوج المدرسة في عهد “الإصلاحات”، وكان للنزيف الكبير الذي تعرَّضت له المدرسة خلال سنة 2017 أثرٌ عظيم في تراجع المستوى العام في المدرسة، لأن عشرات الآلاف من الخبراء في منتصف حياتهم المهنية قرّروا الاستفادة من تدابير التقاعد النسبي والتقاعد المسبق، قبل وقف العمل بهما، بعدها اضطرت الوزارة إلى فتح مسابقات كبرى للتوظيف والتحق الآلاف من خريجي الجامعة مكان الخبراء الذي غادروا المدرسة.. ولهذا أصبحت المدرسة عبئا على الجميع!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
1
  • ابو فراس

    لا فض فوك استاذ رشيد.لقد وضعت اصبعك على الجرح النازف منذ عقود.تحياتي الخالصة.