الجزائر
تضم أطباقا كاملة و أكوام من الحلويات و الخبز والفواكه والخضر ..

المزابل تشهد على شراهة وتبذير الجزائريين

نادية سليماني
  • 5477
  • 28
تصوير: يونس أوبعيش
أمر لا يشرفنا كجزائريين..!

يبدو أن ظاهرة انتشار القمامة أضحت ميزة ملازمة ليوميات الجزائريين في رمضان، فبمرورك على كثير من الأزقة صباحا، تفاجأ بأكوام النفايات المرمية، التي لم يتمكن أعوان النظافة من القضاء عليها، لاحتوائها مختلف المواد الاستهلاكية التي كدّسها أصحابها في مكان واحد، من خبز وزلابية وأطباق مأكولات، وفضلات حيوانية، يصعب فصلها عن بعضها.
رغم نداءات المصالح البلدية والولائية ووزارة البيئة وحتى وزارة الشؤون الدينية، أصبحت القمامة وللأسف “ماركة مميزة” لأغلب أزقة وشوارع العاصمة والمدن الكبرى في رمضان، ويتبادل كل من المواطنين والسلطات الاتهامات حول مسؤولية كل طرف في الظاهرة… وهو ما وقفنا عليه في جولة استطلاعية لـ” الشروق” عبر بعض أحياء العاصمة بعد منتصف النهار.

أطباق رمضانية وأمعاء الدّجاج مرمية تحت أشعة الشمس الحارقة

استطلاعنا بدأناه من سوق الخضر والفواكه ببلدية باش جراح، فالقمامة بالمكان تضم كل شيء، خضرا وفواكه فاسدة، أكوام الكرطون، الخبز والأطباق الرمضانية، فضلات الدجاج، التي تبدأ رائحتها النتنة في تزكيم الأنوف مع ارتفاع حرارة الظهيرة. وحمّل مواطنون التقيناهم بالمكان، مسؤولية تراكم النفايات للتجار والباعة بدل السلطات المحلية، الذين لا يكلفون أنفسهم– حسبهم- عناء تنظيم فضلاتهم في أكياس، فمثلا وجدنا بالمكان صندوقين مليئين بالفراولة الفاسدة التي تركها صاحبها في مكان تحت أشعة شمس محرقة، ففسدت أكثر.

سكان يهجرون منازلهم بسبب الرائحة الكريهة

وجهتنا التالية كانت بلدية جسر قسنطينة، وهنالك شوّه منظر القمامة المنتشرة شوارع البلدية، وأعطى صورة سلبية عن المنطقة وتسبب في إزعاج كبير للمارة.
فبالقرب من سوق جسر قسنطينة، يتفنن الباعة وسكان المنطقة في رمي كل شيء خلال رمضان، لكن المقزز هو وجود بقايا الدجاج من أجنحة وأرجل وأمعاء، وهو ما ينشر رائحة مقرفة، وخاصة أن مكان القمامة بالقرب من محطة الميترو التي دشنها الرئيس بوتفليقة مؤخرا. ولطالما استعان أعوان النظافة هناك بخراطيم المياه والروائح العطرية لتنظيف المكان وتعطيره، بعد وصول الرائحة الكريهة إلى المنازل المجاورة، إلى درجة سمعنا عن هجرة عائلات لمساكنها التابعة إلى الصندوق الوطني للتوفير والاحتياط “كناب” والتحول نحو مساكن أخرى، هروبا من الرائحة الكريهة، التي يتحول وضعها إلى الكارثي في رمضان.
والوضعية نفسها، يتخبط فيها سكان بلدية القصبة خصوصا بحي ساحة الشهداء، وسوق البلدية المغطى وسط عمارات وسط باب الوادي، حيث عبّر السكان عن تذمرهم، محملين السلطات المحلية مسؤولية تراكم القمامة في رمضان، مؤكدين لـ ” الشروق” استحالة عبورهم المكان بسبب الروائح المقززة وتغطية أكوام القمامة للأرصفة، وعلى النقيض وجدنا كثيرا من الأحياء نظيفة على غرار القبة وقاريدي ووسط العاصمة.

رئيس بلدية جسر قسنطينة.. موسى عروس:
أصحاب المحلات المخالفين لقواعد رمي القمامة سيتعرضون لغلق محلاتهم

اتصلنا برئيس بلدية جسر قسنطينة، موسى عروس، الذي اعترف بغرق بعض أحياء البلدية في القمامة خلال رمضان، وبرر الأمر بالقول: “في رمضان تزداد نسبة الفضلات بنحو 50 بالمائة لأن المواطن يرمي كل شيء”، وأكد المير أن “إمكانيات البلدية المتواضعة حتى في الأيام العادية ومثلها “نات كوم” لا تسد العجز في رفع القمامة في بلدية كبيرة ممتدة من جنان سفاري إلى لامونتاني، فما بالك في رمضان”، وتحتاج البلدية حسب تأكيد عروس إلى 18 دورية لشاحنات رفع القمامة نهارا و10 دوريات ليلا في الأيام العادية.
كما حمّل المتحدث بعض التجار المسؤولية في زيادة القمامة برمضان، وحسب قوله: “بعض التجار يرمون القمامة خارج أوقات رفعها، وآخرون يرمونها خفية في زوايا غير مرئية”، ولذلك ستشرع البلدية في سنّ إجراءات ردعية تصل حدّ غلق المحلات المخالفة لتعليمات رمي القمامة.
وللقضاء على الظاهرة، فكرت البلدية في حلول آنية، ومنها تأجير 4 شاحنات خاصة تصل حمولتها إلى 20 طنا من القمامة لمدة سنة، مع شراء 4 شاحنات أخرى لدعم البلدية. ووعد عروس سكان بلديته “بتمضية الأسابيع المقبلة من رمضان في نظافة، وحتّى عيد الأضحى”.

رئيس بلدية القصبة.. عمر زطيلي:
النظافة مسؤولية مشتركة بين المواطن والمسؤول

وبدوره، تأسّف رئيس بلدية القصبة عمر زطيلي، في اتصال مع “الشروق”، لذهاب المجهودات التي يبذلها أعوان النظافة سدى، بسبب غياب ثقافة الحفاظ على المحيط لدى بعض المواطنين. حيث قال: “النظافة مسؤولية مشتركة، بين السلطات والمواطن”، وأكد أن نحو 17 بؤرة سوداء تم تنظيفها تماما على مستوى بلدية القصبة، ليتفاجؤوا بها تعود إلى سابق عهدها بعد 3 أيام فقط بسبب إهمال المواطنين..؟؟
وكأبسط مثال، عندما أصدرت البلدية تعليمة منع نشر الغسيل على الشرفات، قبل السابعة ليلا، لم يلتزم المواطنون “فصرنا نطرق أبوابهم يوميا ونناشدهم نزع الغسيل، فينزعونه وبعد ساعتين يعيدونه”، وأكد زطيلي أنه في حال تواصل “تعنت” المواطنين “سنصل إلى الإجراءات العقابية”. كما أكد أن بعض أصحاب المحلات لا ينظمون قماماتهم، ولا يضعون حتى سلة قمامة عند باب المحل.

مقالات ذات صلة