الرأي

المشكلة في الرأس لا في الرئيس

محمد سليم قلالة
  • 3198
  • 5

الأمل في الجزائر اليوم وقبل الغد، هو أن يتم حل مشكلة الرأس قبل حل مشكلة الرئيس، ونعني بذلك ألا تُعطى الأولوية لمن سيحكم الجزائر، بقدر ما ينبغي أن تُعطي الأهمية للأفكار والقيم التي ينبغي أن تحكمها في هذا القرن بغض النظر عن طبيعة الأشخاص… ذلك أن مشكلتنا بالأساس خلال العقود الثلاثة الأخيرة، أننا في ظل ظرف ضاغط واستعجالي يعرفه الجميع، بدأنا في البحث عن الأشخاص من غير أن نلتفت لطبيعة الأفكار والقيم التي يحملونها أو يصنعون من خلالها سياستهم، المهم ألا تنهار الدولة وأن لا ينتصر مخطط أعدائها…

وحكم هؤلاء بصيغ مختلفة فيها الكثير من الأشياء وقليل من الأفكار… كانت بمثابة الخيارات التي مازالت لم تخضع للاختبار. أصابت أحيانا وأخطأت أخرى، إلا أنها حكمت الدولة طوال تلك الفترة وطبعتها بطابعها. 

وكان من نتيجة ذلك أن تحولت هذه الدولة من منطق البناء على أساس الخيارات الفكرية والاستراتيجية والقيم العليا، إلى منطق البناء على أساس الأشخاص وما يستطيعون توفيره للناس من أشياء على شكل غذاء أو دواء أو أجور أو مساكن وقروض وإعفاءات أحيانا… لا هي  لبّت حاجات الجميع، ولا هي أرضت الجميع…

ودخلنا من حينها في دوامة عنوانها: الشعب يريد المزيد، والدولة لا تستطيع أن تزيد… و أحيانا تُعطي لمن تريد…

وفي ظل هذه الدوامة لم تعدالعقول تهتم بالعمل والإنتاج والتضحية والكفاءة وحب الوطن…، بل أن مثل تلك القيم (السامية) أصبحت وكأنها تنتمي إلى عهود غابرة أو عفا عنها الزمن، لا يمكنها أن تتلاءم مع مرحلة أصبحت فيها البطون هي سيّدة القرار، والرؤوس الفارغة هي صاحبة الدار...

وأصبح لزاما علينا اليوم، أن نعود إلى جادة الصواب إذا أردنا بحق أن نحل مشكلة الجزائر، ونفتح باب الأمل على مصراعيه للأجيال القادمة: أن نقتنع بأن المشكلة ليست في الشخص الذي سيحكمها، إنما في استعادة القيم التي سادتها منذ جيل التحرير وينبغي أن تسودها اليوم.

هل نستطيع، كأمة لا كأفراد ذلك.. هل نستطيع استعادة جوهر ما كان دوما يحركنا: حب العلم وحب العمل وحب التضحية والتفاني من أجل بناء الوطن…؟ أم أن مثل هذه العبارات (القيم العليا) أساس وجودنا ستبقى أغنية عفا عنها الزمن، مرتبطة بالرأس الذي يسعى الكثير أن يبقيه مفصولا، بعيدا عن أي تأثير، ليس فقط عن جسم الأمة، بل أيضا عن جسم الرئيس؟..

جوابنا بالإيجاب عن السؤال الأول، وبالنفي عن السؤال الثاني، هو وحده الذي سيحطم جدار اليأس ويوسع مساحة الأمل أساس إعادة بناء الدولة التي ضحى من أجلها الأبطال.

مقالات ذات صلة