-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

المصيبة إذا عمّت فالكارثة قد حلّت!

أماني أريس
  • 7564
  • 19
المصيبة إذا عمّت فالكارثة قد حلّت!
ح.م

علّمونا في الصّغر أن المسلم لا يكتمل إسلامه ولا يتوثّق إيمانه إلا إذا أحب الخير لأخيه المسلم مثلما يحبّه لنفسه، وبنفس الدّرجة، مصداقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: {لا يؤمن أحدكم حتى يحبّ لأخيه ما يحبّ لنفسه} متفق عليه. لكنّنا كبرنا فوجدنا أن مجتمعنا يعيش بقاعدة ” إذا عمّت خفّت ” وهي قاعدة تناقض في جوهرها ما تعلّمناه في صغرنا. فالمسلم الذي يحبّ الخير لغيره فعلا مثلما يحبه لنفسه؛ لا تخفّ مصيبته إذا عمّت على إخوانه المسلمين بل تصبح أضعافا وهذا قول المنطق!

وكتعريف أكاديمي للقاعدة؛ هي حالة من الرّضا والتسلّي تنتاب الفرد في حال شمولية مشكل أو مصيبة، عكس ما لو كانت قد حلت به وحده، وهنا تسقط قيمة من بين القيم الأخلاقية لديه وهي حب الخير للغير دون رهنه بضرورة تحققه لديه، كما تبرز بشكل واضح علّة أخلاقية أخرى وهي قصر النظر ومصلحة الذّات ولو على حساب أمة برمتها.

وفي عالمنا نحن النّساء صادفتني الكثير من المواقف التي تجسّد المعنى بشكل جليّ، إذ قلّما تجد واحدة فشلت في جانب من حياتها تتمنى ألّا تفشل الأخريات مثلها، ومن بين المواقف التي عايشتها  أن إحدى الجارات كانت تنتظر نتائج شهادة الباكالوريا على أحر من الجمر، وعن غير وعي كانت تصرّح أن رسوب اِبنتها سيكون نصف مصيبة إذا رسبت اِبنة جارة أخرى. وقصص عديدة لمطلقات يتمنين طلاق غيرهن، وأخريات تأخر نصيبهن في الزواج يقمن المآتم لزواج معارفهنّ، وهناك من تنشغل عن همومها ومشاكلها المتراكمة بامتهان الحشرية والنبش في خصوصيات الأخريات عساها تسمع ما يخفف من وطأة مصابها …

 وكلّها سلوكيات تنمّ عن شخصيات لا تعرف الاستقلالية، ولا تؤمن بالابتلاء الفردي، لأنها ببساطة تعيش في شرنقة الضعف، والذهنية الارتكاسية الجامعة، فبدل أن تبحث كل واحدة من هؤلاء لنفسها عن حلول لمشاكلها، وتشحذ همتها لتنهض من كبوتها أكثر قوة، أو عن نشاطات نافعة تحقق لها النجاح على صعيد آخر؛ تجدها تنشد عزاءها في اشتمال المصيبة على غيرها.

 المصيبة إذا عمّت فالكارثة قد حلّت، وموازين المجتمع قد اِختلّت، والمصلحة العامة قد اِعتلّت. لذلك يجدر بكل عاقل أن يحدث كوة في قوقعة المجتمع ليرى الحياة بفضائها الواسع، ويملا روحه بالرضا والقناعة بما قدره له الله تعالى، ويسعى بكل ثقة وعزم على تصحيح مساره واستدراك أخطائه، بدل أن يربط مصيره وسعادته وتعاسته بالآخرين، ويحرق أوراق عمره في التلصّص والتجسّس على حياتهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
19
  • MED FARES Djèddi

    مقالك في القمة ياأختاه وفي انتظار المزيد شكرا

  • راي

    فساد الاخلاق الكل يتحمل مسؤليته لان افراد المجتمع مرتبط بعضه ببعض , لذالك اذا وقع فساد في المجتمع فالكل مسؤل عنه ولو بنسبة قليلة.

  • راي

    الكل يتحمل فساد الاخلاق ِ لان ولا واحد يقوم بدوره كما يجب _ افراد المجتمع مرتبط بعضه ببعض لذالك الامر اذا حدث فساد في المجتمع فالكل مشترك فيه ولو بنسبة قليلة.

  • سارة

    أولا أقسم بالله العلي العظيم أنني لست صاحبة المقال ، ثانيا تابعت كل مواضيع جواهر الشروق تقريبا وبالأخص مواضيع الرأي ومواضيع الكاتبة أماني أريس ، وكل مواضيعها جيدة وأسلوبها جميل ومفهوم ووالله انني يوم رأيتك تنتقد مصطلحاتها شعرت بالإحباط تريدون ان تجعلوا القارئ الجزائري في مستوى سطحي دائما ؟ لماذا ؟ ان كنت لا تفهمين مصطلح جندري فهذه كارثة لان المصطلح يفهمه كل شخص مستواه متواضع فما بالك من وضع نفسه من ضمن المثقفين الذين يحق لهم انتقاد غيرهم . لا تتحدثي باسم كل الشعب الجزائري
    اتمنى من كل الاعلاميين

  • أماني أريس

    السلام عليكم
    إلى رقم 13 مقالاتي السابقة يفهمها حتى المراهقين ويتفاعلون معها، مصطلح اومصطلحين ليس تكلفا ولا يعقّد المعنى بل من الواجب استخدام بعض المصطلحات لاختصار المعاني مثل مصطلح " الجندرية " الذي انتقدته فلا يوجد مصطلح واحد يعوضه ..من جهة من جهة اخرى احب التعمق في النقاط التي تسميها - نها - خلافية انا اعتبرها نقاط حساسة بنيت عليها قناعات خاطئة بشيء من التعمق والتحليل بدل السطحية واستهلاك مواضيع شعبوية.
    أحترم وأسعد أيضا بأي نقد بأسلوب محترم خال من الاستفزازات والشخصنات تحياتي للجميع

  • عبد الرحمان

    هي ظاهرة منتشرة للاسف بين الرجال ايضا فالرجال ايضا انانيون جدا ولا يحبون الخير لغيرهم مثلما يحبونه لانفسهم

  • لم اظنك هكدا

    لديك اسلوب رائع و بسيط في الكتابة وتوصيل الفكرة وكدا انتقائك الرائع لفكرة المقال واستعمالك للغة راقية سهلة الفهم بسيطة مباشرة و لمادا لم تستعملي هدا الاسلوب في مقالاتك السابقة.لقد انتقدت الكثير من مقالاتك السابقة لعتمادك على اسلوب معقد و استعمال مصطلحات خاصة باهل الاختصاص و كدا استعمالك للتكلف في كتاباتك واعتمادك الدائم على النقاط الخلافية بين الجنسين و اثارتها مع الميل الى جانب جنسك.لقد ظهر لي بانك مختلفة تماما في هدا المقال من حيث الاسلوب الرائع و الفكرة العامة و مضمون المقال ولغته.اهنئك ..

  • االونشريسي

    الحمد لله الذي هدانا للحق وجعلنا..مؤمنين

  • samia

    تفسير الآية: {إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم}
    هلموا ونبدا بتغير انفسنا و نستاصل الحقد و البغض بيننا ونعيش بسلام هذه الحياة الدنياوية
    الله ما اهدى النفس اللامارة بالسؤ

  • amira hamdi

    تعلمت في الصغر اشياء جميلة تعلمت ان الكذب حرام و لا يجوز لشخص كبير ان يكذب .تعلمت حب الوطن .تعلمت احترام الكبير واجب تعلمت احب لاخيك ماتحبه لنفسك تعلمت وتعلمت لكن لما كبرت صدمت بالواقع يكذبون عليك بكل صحانية وجه الموازين انقلبت المنطق اصبح غير المنطق اصبحت نفسي نفسي اصبحت الجملة السائدة انا ومن بعدي الطوفان لا يوجد احترام بل يوجد قوة و عنف المعريفة البروقراطية الحسد الكذب النفاق الشيينة الضلم ان لم تكن معي في الراي انت ضدي الحقد .عدم الاحساس بالاخر و كان القلوب قست يجب ان ابدا اتعلم من جديد.

  • فرح

    مقال جميل و هادف ،،، وواقع معيش
    أصبحنا نتصبر بمصائب غيرنا
    و نتسلى بنكبات معارفنا
    و نشمت لانتكاسات أعدائنا

  • hana

    السلام
    صحيح تغار و لا اقول تحسد البنت غيرها..و الغيرة فطرة ...لكن المجتمع لا يخفف عليهن بل يزيد من معاناتهن ... تصوري فتاة في 24 متزوجة و غيرها 30 و ليست متزوجة ....حتى لو كانت صبورة محتسبة ستتعامل معها الاخرى على انها تحسدها و تتمنى لها الشر.... حضرت مواقع من هذا النوع تجعل عيناك تقطر دما و ليس دموعا.......عن كل من فتح له الله بابا فتجبر

  • عبد الله

    خرج الفيلسوف جان جاك روسو في صباه صحبة والده يتنزهان في مدينة جنيف فاوقفه أبوه عندما اقتربا من سوق و نظر اليه ثم اشار بيده الى جمهورالمارة والحرفيين والتجار والمشترين والمهرجين والممثلين وقال له :"هؤلاء هم مواطنوك ومن واجبك ان تحبهم".
    كيف لايخصب كلام عظيم مثل هذا وجدان صبي بريء? كيف لايقع هذا الخطاب الرباني على روحه الملائكية كوقع الغيث على ارض خصبة ضمأى? كيف لا تنفجر ينابيع الخير والعبقرية في رجل تلقى تربية كهذه وعاش طفولته مع والد كوالد السويسري جان جاك روسو?
    لايؤمن احدكم حتى يحب..الخ.

  • عبد الله

    الشر هو غياب الخير والخير هو حب الاخرين .
    المحبة بين المواطنين هي سر نجاح الامم السعيدة
    علمنا افلاطون في كتابه "الوليمة" ان غياب المحبة بين افراد جماعة انسانية يجعلها عاجزة عن بناء دولة او اي انجاز جماعي. الجزائري لا يتعلم في صباه محبة الاخرين فهو بالكاد يتعود الميل الى ذويه الاقربين بيولوجيا بالغريزة اما الحب فهو طاقة روحية تنبع من اعماق الوجدان و تصقل شخصية المرء فتفيض على سلوكه وتخصب حياته. الجزائري يتربى و يعيش في محيط تحكمه انانية حيوانية بعيدا كل البعد عن دواعي الخير التي هي عماد الحضارة

  • بدون اسم

    حقيقة تحاصر المتميزين من كل جانب إلى حد أنها تخنقهم فيجابهون ضغوطا لا تنتهي إذ ينسى غيرهم أن لكل نجاحه ولكل ابتلاء أما سر التميز هو الترفع

  • عبد الغني

    مقال في القمة! هذه هي الأقلام التي تبني و لا تهدم، فما أحوجنا اليها كجزائريين و كمسلمين فنحن فعلا بحاجة إلى تهذيب و توعية و تذكير و ذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين.

  • عماد

    بالفعل مقال ولا أروع ، هي انتكاسة القيم في عصر نبذ ومصادرة القيم والمبادئ ككلّ ولعل الأمثلة الواقعية المجسدة في مقالك خير دليل على الانحدارية و الدونية التي صار الانسان يطبقها بجفاء تجاه الاخرين ! و يتمنى زوال النعم و فناء الفرح و الغبطة ولا يقبل بذلك إلا عداه ، هو مرض العصر ! الأنانية حبّ الذات فمتى نتعلم كيف نحب الآخرين و نحب لإخواننا ما نحبّ لأنفسنا !

  • سارة

    حقا ما قلتيه و الحمد لله أن الموت بيد الله لو كانت بيد الخلائق لا قتلى كلهم بعضهم البعض

  • منال

    بوركت مقال في القمة