المصيبة مصيبتان!
المتزاحمون على “منحة المحنة” أمام البلديات، يريدون المليون، لكنهم تناسوا عدوى كورونا، التي لا يُمكن مقاومتها بالمليون ولا هم يحزنون، والحال، أن التدافع والطوابير والتزاحم، تكشف من جهة “لا وعي” الكثير من المستهترين والمغامرين، ومن جهة أخرى، فإنها تكشف عُمق الأزمة وعدد ضحايا فيروس “كوفيد 19″، وقد تفضح أيضا متلاعبين وانتهازيين “والفو” الاستفادة من أيّ إعانة تقدمها الدولة للمعوزين والمتضررين!
المصيبة مصيبتان، إذا كان من بين المتزاحمين والمتدافعين، “غمّاسين” ومنتحلي صفة المستضعفين والمعوزين والمنكوبين.. نقول هذا الكلام، لأن هذا النوع من الكائنات التي لا تستحي، متعوّدة ومعروفة باختراق أيّ مسعى موجّه تحديدا وخصيصا للتضامن مع الفئات التي تضرّرت من كارثة ما، ولعلّ ما حدث خلال السنوات الماضية بالنسبة لقفة رمضان، ومنحة التمدرس، وحتى منح المعوّقين والمحتاجين، يثبت المرض الذي في نفوس أولئك!
نعم، “مول التاج ويحتاج”، لكن أن يستبق محظوظون ومرتاحون ماليا واجتماعيا، صفوف إخوانهم “المهرودين” و”المزلوطين” للاستفادة كذلك من المنحة المخصّصة تحديدا للمتضررين من وباء كورونا، فهذا ما لا يصدّقه عقل، وما لا يجب إغفاله، ولا ينبغي كذلك التعامل معه وفق مبدأ الرحمة والشفقة، بل على المكلفين بتسجيل الأسماء وتوزيع الإعانات، أن يفضحوا هؤلاء وينشروا أسماءهم وصوّرهم في جدران الشوارع!
ليس غريبا ولا عجيبا أن يلجأ بعض “الساقطين” إلى الغرف من كلّ شيء ومن أجل أيّ شيء، فهذا النوع من الناس يشبه التجار عديمي الذمة الذين يرفعون الأسعار خارج القانون والأخلاق وتعاليم الدين، ويشبهون أيضا المضاربين الذين يفتعلون الندرة لإشعال النار في سعر المواد الاستهلاكية الضرورية، ولا يختلفون كذلك عن هواة الجشع والطمع ممّن يسوّقون سلعا فاسدة ومنتهية الصلاحية في عزّ المحن والأزمات!
للأسف، أن لكلّ محنة تجارا، ولكلّ أزمة مستثمرين، ولكلّ مصيبة سماسرة، وهاهو كورونا، يكشف ملّة أناس لا يخافون الله، ولا يخشون “دعاوي الشرّ”، لكن بالمقابل، الحمد لله، أن هناك رجالا ومخلصين ومتعاونين ومتضامنين، يجدهم البلد في السراء والضراء، واقفون مكافحون مثابرون مضحّون، من بداية المعركة إلى نهايتها، لا يستسلمون أبدا، ينتصرون أو يستشهدون!
تزاحم “تجار الحروب” في طوابير المستضعفين والمعدومين والضحايا، هو كذلك فساد، على الجميع كشفه ومحاربته وملاحقة منتفعيه ومدعّمين ومشجعيه، حتى تفلح الأغلبية الساحقة والمسحوقة من النزهاء والشرفاء والأتقياء، في مهام بناء جزائر جديدة، لا مكان فيها للأوبئة والفيروسات الأخطر من السيدا والسارس والكوليرا والتيفوئيد والإيبولا وكورونا.. فاللهمّ لا تؤاخذنا بما فعله السفهاء التعساء منّا وبنا!