الرأي

المعجزة‮ ‬التشادية‮!!‬

رشيد ولد بوسيافة
  • 7870
  • 8

في‮ ‬يومين‮ ‬فقط،‮ ‬حققت‮ ‬القوات‮ ‬التشادية‮ ‬ما‮ ‬عجزت‮ ‬عن‮ ‬تحقيقه‮ ‬جيوش‮ ‬قوية‮ ‬في‮ ‬منطقة‮ ‬الساحل،‮ ‬بقتلها‮ ‬عددا‮ ‬كبيرا‮ ‬من‮ ‬الإرهابيين‮ ‬بينهم‮ ‬اثنان‮ ‬من‮ ‬أبرز‮ ‬قادة‮ ‬تنظيم‮ ‬القاعدة،‮ ‬هما‮ ‬أبوزيد‮ ‬ومختار‮ ‬بن‮ ‬مختار‮!!‬

وبغض النظر عن التكوين العسكري والتجربة الميدانية للجيش التشادي، والذي يعد من أهم الجيوش التي ساهمت في الحرب على شمال مالي، لكن لا يمكن التصديق بأن ألفي جندي تشادي حققوا كل هذه الإنجازات، بينما لم يحقق الجيش الفرنسي شيئا، وكأن الجنود الفرنسيين المدججين بأدق‮ ‬وأكثر‮ ‬الأسلحة‮ ‬تطورا‮ ‬منشغلون‮ ‬بصيد‮ ‬العصافير‮!!‬

إلى حد الآن يرفض الجيش الفرنسي الإقرار بمقتل أبو زيد، كما لم يسارع لتبني أية عملية جريئة ضد الجماعات المسلحة، ولم يعترف بمقتل مختار بلمختار، بل سارع إلى تقديم نفسه كضحية بإعلانه مقتل جندي فرنسي شمال مالي، وهي كلها نقاط ظل في هذه الحرب الفريدة من نوعها في العالم،‮ ‬والتي‮ ‬تجري‮ ‬بعيدا‮ ‬عن‮ ‬عدسات‮ ‬التصوير‮ ‬في‮ ‬زمن‮ ‬تكنولوجيا‮ ‬المعلومات‮.‬

إنها المعجزة التشادية التي تريدنا أن نقتنع بأن أخطر إرهابي نشر الرعب في الصحراء، وورّط الجزائر في أزمة دولية بإشرافه على أخطر هجوم تتعرض له البلاد من البوابة الجنوبية، هذا الإرهابي قتله الجيش التشادي الذي يخوض حربا بالوكالة في المنطقة، يفترض أن لا ناقة له فيها‮ ‬ولا‮ ‬جمل‮ ‬إلا‮ ‬بما‮ ‬يأتي‮ ‬من‮ ‬فرنسا‮.‬

وحتى ذلك التحليل الذي يقول بأن السلطات في التشاد، تحاول امتصاص الغضب الشعبي بسبب مقتل عدد كبير من الجنود التشاديين في شمال مالي، ذلك التحليل فيه نظر، لأننا نتحدث عن دولة متخلفة من العالم الثالث لا تقيم السلطات فيها وزنا لرأي شعبها في مثل هذه القضايا، ولو كانت‮ ‬تخشى‮ ‬الغضب‮ ‬الشعبي‮ ‬لما‮ ‬أرسلت‮ ‬جنودها‮ ‬إلى‮ ‬بلد‮ ‬بعيد‮ ‬في‮ ‬حرب‮ ‬لا‮ ‬علاقة‮ ‬لها‮ ‬بدولة‮ ‬تشاد‮ ‬من‮ ‬قريب‮ ‬أو‮ ‬بعيد‮.‬

ضبابية وغموض في الحرب شمال مالي تكشفان شيئا واحدا، وهو أن الفاعلين الرئيسيين ليسوا جنود تشاد ولا مالي، وإنما هي جهة قوية جدا تقوم بالتخطيط والتنفيذ. ثم تقدّم عرائس قراقوز لتتبنى وتحاول إقناع العالم بأنها تحقق انتصارات كبرى في الميدان، وهي حقائق غالبا ما تعرف‮ ‬بعد‮ ‬سنوات‮ ‬من‮ ‬انتهاء‮ ‬الحروب‮.‬

مقالات ذات صلة