الجزائر
في موقف مفاجئ عقب إعلان الجزائر مراجعة علاقاتها معه

المغرب “يستسلم” ويطلب تجديد عقد أنبوب الغاز

حسان حويشة
  • 83111
  • 37

بوزيان مهماه: قرارات مجلس الأمن الأخيرة سببت رعبا لدى المخزن

برز موقف رسمي من المملكة المغربية بحر الأسبوع الجاري، بشأن أنبوب الغاز المغرب العربي أوروبا المار عبر أراضيه وينقل جزء الغاز الجزائري إلى إسبانيا والبرتغال، اللافت فيه أنه انقلاب على مواقف سابقة بـ180 درجة، إذ أعلنت الرباط فجأة أنها تؤيد تجديد عقد هذه المنشأة التي تنتهي آجالها التعاقدية نهاية أكتوبر المقبل، واللافت أنه جاء مباشرة بعد قرار المجلس الأعلى للأمن بإعادة النظر في العلاقات بين الجزائر والمغرب.

في هذا السياق، أفادت المديرة العامة للمكتب المغربي للمحروقات والمعادن، أمينة خضرة، في تصريحات لوسائل إعلام مغربية محلية، الخميس، بأن المغرب يدعم مواصلة عمل الأنبوب الذي ينقل الغاز من الجزائر نحو إسبانيا عبر التراب المغربي.

وشددت المسؤولة ذاتها على أن المغرب عبر عن موقفه من مسألة مواصلة العمل بأنبوب الغاز في محادثات خاصة في تصريحات علنية، مؤكدة أنه يمثل أداة للتعاون الإقليمي، مشيرة إلى أن الأنبوب سيوفر نقل الغاز إلى أوروبا بأسعار عبور تنافسية، لا توفرها أي قناة أخرى.

وقياسا بمواقف مغربية سابقة بشأن عقد استغلال هذا الأنبوب، امتدت على مدى أشهر، أعقبت الأزمة الدبلوماسية المتعددة الأبعاد مع مدريد، فإن هذا الموقف المغربي يعتبر انقلابا بـ 180 درجة، وانتقل بالرباط من المساومات السياسية وفق متابعين إلى الحديث بمنطق تجاري اقتصادي لم ير له أثر خلال الأشهر الماضية، وهو ما يدفع لطرح تساؤلات وراء هذا الاستسلام المغربي قبيل شهر و10 أيام على انتهاء عقد استغلال أنبوب بيدور دوران فارال “أنبوب المغرب العربي أوروبا”.

في هذا السياق، يرى المحلل والخبير في قطاع الطاقة، بوزيان مهماه، أن الساسة في المغرب يبالغون في الخلط بين المصالح المشتركة وقضايا الشعوب، وبين مواقف المخزن الشاذة وغير الإنسانية والمخزية.

واعتبر بوزيان مهماه في تصريح لـ”الشروق”، أن التصريحات المغربية الأخيرة بشأن رغبة الرباط في تجديد عقد أنبوب الغاز المغرب العربي أوربا، لا حدث، وتدخل ضمن أسلوب الخلط المنتهج المعتاد لدى ساسة المغرب.

وأوضح المحلل بوزيان مهماه أن نظام المخزن يلجأ لمخاطبة الإسبان بدلا من الجزائر وهذا هو الخلط الأول، وثانيا على ساسة المغرب الإدراك بأن إسبانيا يهمها تلبية حاجات ساكنتها من الغاز الطبيعي، وما دامت الجزائر شريكا موثوقا، أثبت قدرته على استيفاء حاجاتها، والمنظومة الضامنة لذلك قائمة، فلا معنى للاستنجاد المغربي به.

ووفق محدثنا وجب التذكير بقرار المجلس الأعلى للأمن الجزائري، الذي قرر مراجعة العلاقات مع الرباط، بسبب الأفعال العدائية لنظام المخزن، فهذا بكل تأكيد سيشمل قاعدة كامل إطار العلاقات بما فيها الاقتصادية والطاقوية، وهذا هو مصدر الرعب الذي انتاب ساسة نظام المخزن.

وشرح مهماه بأنه رغم كل استفزازات نظام المخزن للجزائر والاتهامات العشوائية التي كان يلقي بها على الجزائر، ورغم مخططات إغراق الجزائر بالحشيش المغربي، ورغم تورط المخزن في عديد الأحداث في الجنوب وفي منطقة الساحل وفي أعمال عدائية تجاه الجزائر، ورغم كل التوترات السياسية المتكررة التي كانت تختلقها الرباط وتستهدف بها الجزائر، فإن التبادل التجاري بين الجزائر والمغرب كدولة جارة لم تتوقف بل شهدت تطورا بأكثر من نصف مليار دولار في السنة مؤخرا.

وتابع بوزيان مهماه “حتى إنه بالنسبة لأنبوب الغاز الجزائري العابر للأراضي المغربية نحو شبه جزيرة إيبيريا، فقد جعلته الجزائر محل تقاسم مصالح مع المغرب، وكانت تنتظر دوما ردود فعل إيجابية من قبل الساسة في المغرب لاستمرار تدفق الغاز الجزائري عبره”، لكن وللأسف يؤكد مهماه، “لم يكن الموقف المغربي واضحا ولا جادا بخصوص استمرار هذا التعاون بعد نهاية أكتوبر من هذه السنة”.

ويعتقد خبير قطاع الطاقة بوزيان مهماه، أن حرص الجزائر كان نابعا من عقيدتها الراسخة في تسبيق مقاسمة المنافع مع الجيران والأشقاء لا لضعف وغياب حلول وبدائل لديها، بل البدائل دوما جاهزة لدى الجزائر، وهذا ما نكتشفه في قضية إمدادات الغاز إلى أوروبا وخصوصا نحو إسبانيا، فكل البنية التحتية للإمدادات نحو إسبانيا جاهزة، وكامل الإطار القانوني والتعاقدي قائم، والجزائر حسبه كممون أول لشبه جزيرة إيبيريا بالغاز الطبيعي، حيث في شهر جوان الفارط، صدرت الجزائر كمية من الغاز بأزيد من 1,4 مليار متر مكعب نحو إسبانيا، لها الآن كامل القدرة لاستيفاء التزاماتها التعاقدية سواء عبر أنبوب الغاز المباشر من بني صاف نحو ألميريا”ميدغاز”، أو برفع قدرات التصدير عن طريق الغاز الطبيعي المسال “جي.أن.أل GNL”.

مقالات ذات صلة