-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
تتسبب في إصابات خطيرة وحرائق سيارات ومنازل

المفرقعات.. مآس تتكرّر كل مولد وتجّارها مغيّبون!

نادية سليماني
  • 572
  • 0
المفرقعات.. مآس تتكرّر كل مولد وتجّارها مغيّبون!

استبقت المصالح الأمنية احتفالات المولد النبوي الشريف، نهاية شهر سبتمبر الجاري، بإطلاق حملات لمحاربة تجّارها، الذين شرعوا في تسويق هذه المواد المحظورة والخطيرة، التي تدر أرباحا خيالية على مروجيها، بينما تتسبّب في كوارث صحّية ومادية على مستعمليها، تصل إلى حدوث عاهات مستديمة بالعيون والآذان والأطراف، وحرائق بالمنازل.

ظهر باعة المفرقعات فجأة، استعدادا لاحتفالات مناسبة المولد النبوي الشريف، التي يفصلنا عنها قرابة أسبوعين. ورغم حظر ومنع هذه المواد من قبل السلطات العمومية، لما تسبّبه من أضرار كبيرة على الصحة العمومية وعلى استقرار المجتمع ككل، يتكرّر السلوك كل سنة.

توايمية: نستقبل كلّ مولد مصابين أغلبهم أطفال في حالات خطيرة

وباشرت المصالح الأمنية حملة مداهمات لطاولات بيع المفرقعات، التي تمّ نصبها عبر مختلف ولايات الوطن، أسفرت عن حجز كميات معتبرة منها، من مختلف الأحجام والنوعيات، البسيطة والخطيرة.

وتعرف سوق المفرقعات، أنواعا جديدة كل سنة، فمن البصلة والثومة إلى ميسي وزيدان، وصولا إلى رونالدو و”البومبة”.. وغيرها كثير.

مفرقعات المولد.. حروق باليد والوجه والتهاب بالعين

يؤكد الطبيب بمصلحة الاستعجالات لمستشفى قالمة، عبد الرحمان توايمية، أن قسمه يستقبل كل ليلة مولد نبوي عددا هائلا من المصابين ومن مختلف الأعمار، والبعض يكونون في وضعيات صحية حرجة جدا، جراء إصابتهم في حوادث ناجمة عن استعمال المفرقعات والألعاب النارية.

وقال المتحدث لـ “الشروق” إن فئة البالغين الذين نستقبلهم في مصلحة الاستعجالات يصابون عادة بجروح وحروق بسيطة ناجمة عن شظايا متطايرة، بسبب الاستعمال الخطير للمفرقعات.

بن أشنهو: تقليد احتفال صيني لا ندري كيف تجذّر لدينا؟

أما الأطفال، “فيتعرضون إلى حروق على مستوى اليد والوجه والتهابات على مستوى العين، ناجمة أيضا عن شظايا تفجير مفرقعات، قد تصل إلى فقدان البصر أو أحد الأطراف”، على حد تعبيره.

 نفرّح لولاد بالمفرقعات…!

وتأسّف الطبيب لاستقبال أطفال في حالة خطيرة جدا، تتسبّب لهم في إعاقات وتشوهات دائمة، “وكل هذا راجع للمفهوم الخاطئ للأولياء، فبدل تعليم أولادهم سنن رسولنا الكريم الحميدة، يشتري لابنه مفرقعات أو قنابل، تحت شعار (نفرّح لولاد..!)”.

ولخطورة الموضوع، سبق لتوايمية إطلاق حملة السنة المنصرمة، تحت شعار “المفرقعات والألعاب النارية خطر على أبنائنا”، معددا مخاطر هذه المنتجات خلال المولد النبوي الشريف، ومنها الحروق، الجروح، بتر الأطراف أو الأصابع، التلوث الكيميائي والفيزيائي من خلال استنشاق الغازات والأبخرة السّامة، الحرائق، إضافة إلى نشر الإزعاج والضوضاء والهلع بين الأطفال وكبار السن وتبذير المال العام.

حجيمي: التبذير والبذخ وإلحاق الأذى حرام شرعا

ونصح محدثنا التجار والأولياء بمواجهة هذه الظاهرة الدخيلة، التي تتفاقم حدتها كل سنة، بمنع بيعها وشرائها.

من جهته، تأسّف المختص في الصحة العمومية، فتحي بن أشنهو، لظاهرة الاحتفال بالمفرقعات الخطيرة، وقال لـ “الشروق”، بأن الظاهرة تتكرر كل سنة وتحولت إلى عادة وتقليد في الجزائر، رغم أنها أسلوب احتفال دخيل على بلدنا.

وتفجير المفرقعات، هي في الأصل عادة مترسخة في المجتمع التقليدي الصيني الذي اخترع غبرة البارود. “ويبدو أن المستوردين الجزائريين من الصين، تفطنوا للربح الذي يجنونه من إحضار المفرقعات الصينية التي تباع بثمن زهيد جدا في بلدها، وإعادة بيعها في الجزائر بأسعار خيالية، ليتحول الأمر لاحقا إلى عادة متجذرة في مجتمعنا”، على حد قوله.

كنا نحتفل بـ “المنارة” والشّموع والطمينة فقط

وتحدث بن أشنهو، عن عادات الأجيال السابقة في الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، التي كانت بسيطة ومعبرة، على رأسها صنع “المنارة” التي كان يتجول بها الأطفال بالشوارع ليلا، مع ترديد أهازيج دينية، وإشعال الشموع الملونة لا غير، و”فجأة تغير كل شيء، وأصبحت احتفالاتنا عنيفة وخطيرة وقاتلة”.

وقال محدثنا إن “المفرقعات باتت خطرا على الصحة العمومية، لأنها تتسبب في عاهات مستديمة للكبار والصغار، فمن يدخلها إلى أسواقنا رغم منعها من قبل السلطات العمومية؟”.

أموال المفرقعات للأعمال الخيرية

وقال المنسق الوطني لنقابة الأئمة وموظفي الشؤون الدينية، جلول حجيمي، بأن ظاهرة الاحتفال بالمفرقعات خلال مناسبة المولد النبوي الشريف، تخلف أضرارا بالمجتمع، على رأسها حرائق المنازل والسيارات المركونة في الشارع، وإتلاف ممتلكات عمومية، وإلحاق الضرر بالأرواح، زيادة على تبذير المال في أمور غير نافعة، “والإسلام حرّم كل أوجه التبذير والبذخ “.

والأفضل، بحسب المتحدث، أن توجه أموال شراء المفرقعات الكبيرة خلال المولد النبوي الشريف، لمساعدة المدارس القرآنية بما تحتاجه من وسائل مادية ومصاحف، أو التصدق بها على العائلات المحتاجة، ومنها نكسب ثوابا وأجرا عظيما، ونعلم أبناءنا قيما تنفعهم في حياتهم.

وبخصوص إقامة ولائم للاحتفال بمولد خير البرية، قال حجيمي: “إذا كانت نيّة الشخص إظهار الفرح بنبيه الكريم، وكان احتفالا بسيطا لا تتخلله مخالفات شرعية، فلا حرج في ذلك، والأفضل أن يتصدّق من هذا الطعام لزيادة الأجر”.

وأكد أن بعض العلماء أجازوا إظهار الفرح والابتهاج في ليلة مولد النبي الكريم- صلى الله عليه وسلم- “ولكن الأمر غير منصوص عليه في الشريعة الإسلامية”.

ومع ذلك، يقول المتحدث إن “الأفضل أن نحتفل بذكرى المولد عن طريق تلقين سيرة النبي الكريم وغزواته، والحديث عن نسبه وهديه- صلى الله عليه وسلم-“.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!