-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
المدير العام لمركز الزيتونة للدراسات والاستشارات محسن صالح لـ"الشروق":

المقاومة ستنتصر على الكيان الصهيوني

المقاومة ستنتصر على الكيان الصهيوني
أرشيف
المدير العام لمركز الزيتونة للدراسات والاستشارات محسن صالح

يقدم المدير العام لمركز الزيتونة للدراسات والاستشارات بلبان محسن صالح، قراءة موسعة لحرب الإبادة التي ينفذها الكيان الصهيوني في قطاع غزة والتي دخلت شهرها الثالث، علاوة على سيناريو ما بعد “طوفان الأقصى” ويؤكد أن السيناريو الأقرب هو تحقيق المقاومة للنصر على الكيان الصهيوني وحلفائه الغربيين وعلى رأسهم أمريكا.
ويشرح الدكتور محسن صالح في هذا الحوار مع “الشروق”، الأسباب التي جعلت الإدارة الأمريكية في موقع متقدم في حرب الإبادة جنبا إلى جنب مع الصهاينة، ويثني على الدور الذي يقوم به محور المقاومة لنصرة غزة.

حرب الإبادة الصهيونية تدخل شهرها الثالث، ما هي الملاحظات التي سجلتموها الفترة السابقة؟
الملاحظة الأولى، زيادة حرب الإبادة والعدوان الصهيوني على شعبنا الفلسطيني خاصة في قطاع غزة، بعد اليوم الستين من حرب الإبادة مجموع ما ألقي على قطاع غزة يزيد عن حجم ما ألقيت على هيروشيما خلال الحرب العالمية الثانية بمرتين ونصف، وهذا خطير وهائل جدا مقارنة بأي حرب جرت في التاريخ.
لدينا الآن أزيد من 17 ألف شهيد ثلثاهم من النساء والأطفال وأكثر من 45 ألف جريح، الملاحظة الأخرى أن العدو الصهيوني الغاشم أراد كسر إرادة الشعب الفلسطيني من خلال هجومه على الأطفال والنساء والشيوخ ليطوع إرادتهم، وهذا الجيش الصهيوني الذي يمتلك رابع أقوى جيش في العالم لا يقاتل المقاتلين بشكل مباشر وإنما ينتقم من الشعب الفلسطيني وهذا ما كانت ترتكبه فرنسا بحق الشعب الجزائري لتطويع ثورته التي استمرت على مدار 8 سنوات وضحى الجزائريون بمليون ونصف مليون من الشهداء، وهنا نؤكد أن هذا الطريق لا يمكن إلا أن يتابعه الشعب الفلسطيني لتحرير أرضه ومقدساته وتعبيرا عن شرف الأمة وكرامتها.
الملاحظة الثالثة أننا أمام هذا العدوان الشرس، نعاني ونواجه تحالفا عالميا أمريكيا مع قوى كبرى أخرى وهي بريطانيا وفرنسا وألمانيا وايطاليا تعطي غطاء لهذا العدوان الصهيوني وتعطي الكيان الصهيوني الضوء الأخضر لتنفيذ جرائمه الهمجية بحق شعبنا وأرضنا، وبالتالي هذا غطاء دولي وضوء أخضر لهذه الممارسات الفظيعة بخلاف كل الممارسات القانونية والأخلاق والمنظومات الدولية والشرائع الإنسانية وحقوق الإنسان، وهذا يكشف بؤس المنظمات الدولية لما يتعلق الأمر بالكيان الصهيوني الذي يتم التعامل معه كدولة فوق القانون.
الملاحظة الرابعة أن المقاومة بفضل الله سبحانه وتعالى ما تزال قوية فعالة وهي تسيطر ميدانيا على أكثر من 80 بالمئة من أرض قطاع غزة وما تزال قادرة على إدارة المعركة بقدر كبير من السيطرة والتحكم، وما تزال قادرة على إطلاق الصواريخ حتى من شمال قطاع غزة باتجاه مناطق فلسطين المحتلة سنة 1948 بما في ذلك تل أبيب.
والملاحظة الأخرى أن العدوان الصهيوني يتكبد خسائر كبرى في العسكريين بمن فيهم أصحاب الرتب العليا وفي عتاده حيث تم استهداف أزيد عن 400 دبابة وناقلة جند وجرافة وهي من أكبر الخسائر التي مني بها في حرب أكتوبر 1973، والخسائر اليومية لجيش العدو وهو يحرص على إخفائها حتى لا يحبط هذا في بيئته الصهيونية.

أظهرت الإدارة الأمريكية انخراطا كبيرا في الحرب، لم ذلك؟
بالتأكيد هنالك تحالف صهيوني غربي لإنشاء قلعة متقدمة للمشروع الصهيوني في فلسطين وفي قلب الأمة الإسلامية والعربية، وهذه القلعة المتقدمة تستجيب لتطلعات الصهاينة اليهود في إنشاء كيان لهم في أرضنا المباركة المقدسة بفلسطين، وفي نفس الوقت تستجيب للشروط الغربية بأن تكون هذه القلعة المتقدمة وأن تمارس دورا أساسيا وهي شرطي في المنطقة وتمثل هيمنة القوى الغربية على بيئتنا الاستراتيجية وتضمن مصالح العالم الغربي وتحقيق سيطرته على هذه البيئة، وهي مصلحة مشتركة بين الطرفين.
إذن وجود هذه القلعة المتقدمة في قلب هذا العالم سيكون كالسرطان في جسدنا ولا يستطيع أن يواصل أو يتابع وجوده إلا إذا كانت البيئة الاتراتيجية حوله ضعيفة ومتخلفة ومنقسمة ومشتتة حتى يضمن مهامه في البقاء، وشرط البقاء أن تكون بيئتنا العربية والإسلامية بها الضعف والتخلف الذي نراه على مدى الـ75 سنة من عمر هذا الكيان، وهو المتحقق فعلا وبالتالي لما تصبح هذه البيئات ضعيفة ومتخلفة يسهل على الأمريكان تطويع المنطقة وإضعافها ويسهل عليهم بالتحالف مع الجانب الصهيوني أن يحولوها إلى أرض منتجة للمواد الأولية ومستقبلة للمواد الاستهلاكية المنتجة في العالم الغربي، وأن تكون كذلك سوقا كبيرا لمصانعهم، فهنالك مصالح اقتصادية وجيواستراتيجية، إذن بهذا الضعف يضمن العالم الغربي والصهاينة أن لا تقوم حالة نهضوية في قلب عالمنا العربي والإسلامي وتحد للمشروع الغربي وتقدم بديلا إسلاميا متقدما على مشروعهم.

التساؤل المشروع كذلك، هل ترى واشنطن في الكيان الصهيوني ابنها المدلل الواجب الدفاع عنه؟
هو كذلك، ابنها المدلل من ناحية، ونؤكد ما تحدثنا به سلفا بأن الكيان الصهيوني مشروع استراتيجي يؤدي دورا متبادلا باتجاهين، فالعالم الغربي يتعامل مع الكيان الصهيوني باعتباره كيانا فوق القانون، وبالتالي بالتأكيد سيكون ابنا مدللا نظرا للمصالح الاستراتيجية التي يحققها وجوده في قلب عالمنا العربي والإسلامي.
وفي نفس الوقت هنالك نفوذ هائل للمشروع الصهيوني اليهودي في البيئة الغربية، اللوبي اليهودي في أمريكا وفي بريطانيا وألمانيا وفرنسا قوي جدا ومؤثر على صناعة القرار وله دور فاعل في السياسة والإعلام والاقتصاد، إذن نحن أمام علاقة متبادلة والمصلحة متبادلة والمشروع الصهيوني لا يستطيع المواصلة في بيئتنا إلا إذا تلقى هذا الدعم، وبالتالي هذه العلاقة المتبادلة تخدم في اتجاهين، لذا فالمشروع الصهيوني هو ابنهم المدلل فالقوى الغربية تخدم الكيان الصهيوني بشكل أو بآخر وتضمن له بقاءه بما لديها من إمكانيات وما يقدمه لها من خدمات.

كيف تقرأ ردود أفعال ما يسمى بمحور المقاومة خاصة حزب الله؟
في الإطار العام كانت هنالك شعارات مطروحة خلال السنتين الماضيتين مرتبة بوحدة الساحات والجبهات، ولذلك كانت التوقعات في الإطار الفلسطيني والعربي والإسلامي أنه إذا خيضت معركة كهذه فإن انخراط حزب الله وإيران وقوى المقاومة سيكون مباشرا مع توسيع دائرتها، ولكن في الإطار الموضوعي الفعلي ولأن المعركة أخذت شكلها المفاجئ الذي لم يعرف به محور المقاومة ولم تكن جاهزة له كانت ظروفها الموضوعية بحسب حساباتها وتمكنها من مشاغلة أو مشاركة محدودة ضمن خوض اشتباكات محدودة تشغل العدو الصهيوني وتتبعه وترهقه ولا تدخل إلى حرب شاملة نتيجة للتعقيدات الشديدة في الحالة اللبنانية وكذلك للتعقيدات في إيران وإمكانية دخولها واحتمال انعكاسها إلى حرب إقليمية قد تتطور إلى حرب عالمية.
لكن في شكل عام أداء حزب الله ومحور المقاومة يبقى متقدما جدا عن أداء البيئات العربية المؤسف والمثير للألم والغضب كما في البيئات العربية الأخرى يبقى متقدما ومعينا ومساعدا ونطمح أن يزيد ويتسع مع الزمن.

لقد أثبتت دولة الاحتلال للعالم أنها لا تريد عملية سياسية ولا مقاومة وأنها تريد احتلالا مجانيا وشعبا بدون كرامة، وقد أثبت الفلسطينيون أن هذا غير ممكن، كيف ترى نهاية الحرب؟
ما بعد 7 أكتوبر لن يكون قبل ذلك اليوم، وعملية طوفان الأقصى هي عملية تاريخية ونوعية، نقطة فاصلة في تاريخ القضية الفلسطينية وبالتالي أثبتت حقائق جديدة على الأرض وضربت كل النظرة الأمنية الصهيونية وبالتالي قالت بما لا يدع مجالا للشك للصهاينة أن بقاءكم بالطريقة التي تريدونها من تطويع واحتلال لشعبه وأرضه وتهويد لمقدساته هذا لن يكون ولن يستمر، وأنكم ككيان صهيوني غاصب هو عكس حركة التاريخ وهو عكس سنن الله في الكون، وأن طبيعة الشعب الفلسطيني المسلم المؤمن المجاهد على أرضه القابض على الجمر ابن الطائفة المنصورة التي أشار إليها الرسول عليه الصلاة والسلام، هذا لا يمكن إلا أن يمثل عزة الأمة وكرامتها وشرفها.
وبالتالي كانت رسالة السابع من أكتوبر وما بعدها هي للكيان الصهيوني أن هذا بداية العد العكسي لنهايته وإشارة كبيرة للهزيمة والبداية على اندحار المشروع الصهيوني ونرجو من الله سبحانه وتعالى أن يكرم هذه البيئة المجاهدة في قطاع غزة التي بذلت وسعها وأسبابها واستنفدت كل طاقتها بعد ما فعلت كل هذا وصمدت هذا الصمود أن تكون النهاية بهذا الاتجاه الذي يكون إيذانا ببدء العد العكسي لنهاية المشروع الصهيوني على أرضنا المقدسة والمباركة.

ما هي محددات نهاية هذه الحرب في ظل الاندفاع الصهيوني والحماس الغربي والتخاذل العربي؟
هذا سؤال كبير ولكن باختصار الجانب الصهيوني سيسعى إلى تحقيق انتصار أو صورة انتصار، فقد أعلن منذ البداية أن هدفه الرئيس هو سحق حركة حماس وإعادة تطويع الشعب الفلسطيني وتأمين قطاع غزة وتشكيل حكومة لما بعد حماس تضمن له أمن غلاف غزة وتكون هذه الحكومة مطواعة وتعمل على قمع سلاح المقاومة كما هو الحاصل في حكومة رام الله بالضفة الغربية، هذا ما يريده هو، وما يريده التحالف الغربي بقيادة الإدارة الأمريكية، ولكن نحن أمام صراع إرادات، ما يريده هو لا يستطيع تنفيذه، لأن هنالك حالة تدافع تمثلها المقاومة التي تبذل أسبابها على طريقة “وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا” وحماس نجحت في ضرب نظرية الأمن الإسرائيلية وأحدثت هزة كبرى لفكرة الملاذ الآمن للمشروع الصهيوني في أرضنا المحتلة وأحدثت هزة كبرى لفكرة أن يزدهر هذا المشروع وأن يستقر في أرض فلسطين المحتلة، لأنها ضربت نظرية الأمن والاستقرار، وأي كيان يريد أن يستقر لا بد له من الأمن والاستقرار، فهذان العمودان ضُربا في أساسهما خلال العملية الكبرى وأصبحت البيئة الصهيونية في فلسطين هي بيئة طاردة للمهاجرين المستوطنين اليهود الصهاينة، وهذا ما أحدثته المقاومة وبالتالي هذا يفسر شراسة الحرب الصهيونية في عدوان غزة، لأنه أراد أن يسترد الصورة التي حرص على إيجادها لنفسه طيلة 75 سنة.
من المحددات أيضا أن الكيان الصهيوني يريد أن يستعيد صورته كشرطي للمنطقة، لأنه كان يقدم نفسه كأقوى قوة في الشرق الأوسط، وأنه مستعد للتحالف مع القوى الإقليمية للتطبيع معه في مواجهة إيران وأي قوة أخرى، وأن يعمل اختراقات طائفية وعرقية ويشتت المنطقة باعتباره القوة المهيمنة، هذه النظرية ضُربت وبالتالي محدد أن يكون شرطي المنطقة ضربت في الصميم، لأنهم الآن لن يثقوا بهم بعدما استطاعت ثلة مؤمنة من 1500 مجاهد أن يضربوه في عمقه، فمن باب أولى أنه لا يستطيع أن يؤمن من أي دولة عربية أو نوع من الأمن والاستقرار إذا كان عاجزا عن تأمين نفسه وذلك أولى.
المحدد الأساسي مدى قدرة المقاومة والتفاف الحاضنة الشعبية حول المقاومة في غزة، وبالتالي إدخال العدو في خسائر هائلة ومتتالية طوال مكوثه في قطاع غزة ومحاولته احتلاله للقطاع، بحيث يكون على صفيح ساخن ويتم إجباره على الانسحاب، والمحدد الأكبر هو قدرة المقاومة على الصمود في وجه العدوان وإفشاله في تحقيقه أهدافه وهذه القدرة متحققة والمقاومة قادرة على إثبات نفسها في الأيام القادمة إن شاء الله.
هذا الأسئلة الصعبة حقيقة، في مركز دراسات الزيتونة نتابع المئات من الدراسات والتقارير وعقدنا حلقات نقاش، ولكن وجدنا أن الحرب بهذه التداخلات والتشعبات الهائلة يصعب جدا تحديد سيناريو لمآلات الحرب.

ما هي السيناريوهات المستقبلية لما بعد الحرب؟
التوقعات حول الحرب صعبة للغاية بسبب كثرة العناصر المتدخلة وبالتالي التوقعات في الإطار العملي لا تتجاوز بضعة أيام، ولكن هنالك كلاما حول سيناريوهات مرتبطة حول رغبات أو تطلعات، لكن باختصار هنالك سيناريو أن المقاومة ستنتصر بإذن الله وتستطيع أن تفرض شروطها وأنها لن تستسلم بدون تحقق انجاز ليس بالضرورة التحرير وإنما على الأقل إفشال المشروع الصهيوني بحده الأدنى ودحر العدو خارج قطاع غزة، هذا بالحد الأدنى والقدرة على فتح المعابر وكسر الحصار إن استطاعت وإعادة إعمار قطاع غزة.
هنالك سيناريو يتحدث وهذه الرغبة الإسرائيلية الأمريكية عن سيطرة العدو بعد انهاك القطاع ومحاولة إيجاد قيادة بديلة لحماس وهذا سيناريو مستعبد، لأن الشعب الفلسطيني زاد التفافه حول المقاومة، والحاضنة الشعبية بعد أكثر من شهرين من حرب الإبادة لا تزال الحاضنة الشعبية حول المقاومة مستمرة وقوية، وبالتالي هذا تفكير رغائبي، لكن نضعه كسيناريو على الأقل ضمن الدراسات العلمية وإن كان مستبعدا من ناحية الطرح في البيئة الواقعية وإن شاء الله تكون حظوظه ضعيفة ومستعبدة، وهنالك سيناريو وسط وهو أن يُجبر الصهاينة على الانسحاب وأن يعود لوضع لما كان، أي ينسحب الصهاينة دون أن يحققوا انجازا ويدخل الوضع في هدنة بين الطرفين، وبالتالي يعود الوضع إلى سابقه وهنا المقصود على الأقل تتوقف المعارك وسيحاول الصهاينة في هذا السيناريو أن يتابعوا الحصار على غزة وبالتالي تستمر معاناة أهله لعدم حصول إعادة الإعمار وإعادة تأهيل البنى التحتية وهذا سيخلف معانات كبيرة للفلسطينيين، وهذا الأمر قد يراهن عليه الطرف الآخر الصهيوني الغربي إن لم يستطيعوا تحقيق منجزاتهم.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!