الرأي

المواطن وراء كل الكوارث!

لغة جديدة، بدأنا نسمعها، على لسان المسؤولين، من وزراء وولاة وغيرهم، يحملون من خلالها المواطن سبب الأزمات والكوارث التي تحدث.. فتغوّل مافيا “الباركينغ” سببه تساهل المواطن وتواطؤه واستجابته للابتزاز الذي يقوم به أصحاب الهراوات دون مقاومة أو تبليغ مصالح الأمن.
وانتشار القمامة والأوساخ في الشوارع والطرقات، سببه المواطن كذلك، لأنه لا يحترم الأوقات التي حددتها البلديات أو المؤسسات المكلفة برفع القمامة. كما أن المواطن هو السبب الرئيس في مجازر الطرقات والحوادث الخطيرة التي تودي بحياة العشرات يوميا، لأنه لا يحترم قوانين المرور.
هذه اللغة، سمعناها كذلك على لسان المسؤولين في موضوع انتشار وباء الكوليرا، حيث اتجهت الاتهامات كلها إلى المواطن، الذي لا يحترم شروط النظافة ولا يتورع عن استهلاك مياه المنابع غير المراقبة وغير النظيفة، وكأن المسؤولين ـ ما شاء الله عليهم ـ يقومون بالواجب، والتقصير كله من المواطن.
فوزيرة البيئة، فاطمة الزهراء زرواطي، حمّلت المواطن مسؤولية انتشار الأوساخ والقاذورات وافتقاده الحس البيئي، لكنها لم تحدثنا عن مسؤولية وزارتها التي تعنى بشأن البيئة، ولم تحدثنا عن مسؤولية البلديات على المستوى الوطني في الحفاظ على البيئة وفرض قواعد صارمة في التعامل مع النفايات المنزلية.
يكفي أن تقوم السّيدة الوزيرة بجولة واحدة هذه الأيام في العاصمة أو في أي مدينة كبيرة لتكتشف أن المتسبب الأساسي في انتشار القاذورات هو الإدارة وليس المواطن، أكوام من الزبالة تبقى في مكانها ليوم أو يومين ثم يأتي من يحدثنا عن عدم التزام المواطن بمواقيت إخراج القمامة من البيوت.
صحيح أن المواطن مسؤول عن المظاهر المؤسفة التي نراها يوميا في شوارعنا، لكن مسؤولية الإدارة أكبر لأنها تهاونت في الإجراءات الردعية ضد أولئك الذين يتجاوزون في حق البيئة ويقومون بالتخلص من نفايات كريهة الرائحة كبقايا الدجاج على قارعة الطريق، وغيرها من المظاهر السلبية التي تفشت خلال السنوات الأخيرة.
لقد سمعنا إلى غاية الآن عويلا وصراخا بشأن البيئة ونظافة المحيط لكن لم نر عملا ومبادرات حتى من أولئك الذين يكثرون النقد على مواقع التواصل الاجتماعي بينما لا وجود لأبسط جهد لتنظيف المحيط والالتزام بقواعد النظافة، والأسوأ أن المسؤولين الذين لهم الصلاحيات وبأيديهم الإمكانيات انضموا هم كذلك إلى صفوف المتذمرين من الوضع، واكتفوا بوصف الوضع المأساوي، دون أدنى جهد لتغييره.

مقالات ذات صلة