الرأي

الموجة الثانية.. والدهشة الثانية!

الشروق أونلاين

كل المؤشرات الوبائية توحي، بأن الفيروس القاتل، مازال على قوته الأولى، كلما رمى، أصاب، وإنما غيّر أو أجبر على تغيير مواقعه، من القارة الأوروبية، حيث البكاء على الموتى وعلى الاقتصاد له صدى عالميا، تُغرق دموعه بقية القارات، إلى مواقع أخرى في البرازيل والمكسيك والهند وباكستان ومصر، حيث تدخل المآسي ضمن الحياة اليومية و”القدر المحتوم”.

والخوف من موجة ثانية أكثر فتكا، في بعض البلدان دون أخرى، بدأ يصنع الحدث ويقتل بعض الشعوب رعبا أكثر من الوباء نفسه، وصار تلمّس الصراع السياسي والاقتصادي والعلمي والنفسي يظهر من يوم إلى آخر في حكاية الوباء الذي ابتليت به البشرية فلم يعد لها من شأن غيره.

في الجزائر، من الخطأ أن نقول بأننا نجحنا في التعامل مع فيروس القرن، فما بين أول حالة سُجلت في الجزائر في الرابع والعشرين من فيفري، عندما لم يكن عدد الحالات في الكرة الأرضية غير ألفين وخمسمائة حالة، وما بين الوقت الحالي عندما ارتفع عدد الحالات الموجودة في العناية المركزة إلى أكثر من خمسين يتهددهم الموت، وعدد الحالات المسجلة في العالم يُجاور التسعة ملايين حالة، هو زمن طويل، كان من المفروض على المواطنين أن يحوّلوه إلى تحدّ، لتجاوز المحنة، ولا يتركون لما يسمى بالموجة الثانية أن تظهر ملامحها.

المشهد اليومي الذي يظهر عليه البروفيسور جمال فورار، وهو يعطي أرقاما لم تنعش راحة وطمأنينة الناس، ويتبعها بتقديم نفس النصائح المطالبة بالوقاية من ارتداء للكمامات وتباعد اجتماعي وغسل لليدين بالماء والصابون، صار يشبه حال معلم ابتدائي يكرّر نفس الدرس على تلامذته طوال سداسي كامل، فلا هو غيّر من أسلوبه، ولا “التلاميذ” أخذوا بنصيحته، والنتيجة أننا أصبحنا، على بؤر عديدة وفي مدن هامة جدا من كل النواحي، بعد أن كنا مع بؤرة واحدة أو بؤرتين للوباء.

عندما تتحدث بلدان العالم عن رفع الحجر الكلي الذي كان مفروضا عليها، إنما تطلب عودة للنشاط الإقتصادي والعلمي الحيوي قبل الترفيهي، من أجل أن لا يفقد اقتصادها مزيدا من مناصب الشغل والأسهم في البورصات العالمية، بينما فهم بعض الناس عندنا، بأن رفع الحجر هو لهفة على إقامة الأعراس والانطلاق إلى الشوارع والتهافت على الكماليات، و”انتقام” من أيام الحجر المنزلي التي يبدو أنها خنقت الناس معنويا وليس اقتصاديا، بدليل التجمعات الليلية إلى ما بعد منتصف الليل، التي يقيمها مدمنو “الدومينو” و”الشيشة” و”الرغي”، ولا نتحدث عن مدمني “الهملة” و”التسكع” في الشوارع من دون طائل على مدار اليوم.

النصر الحقيقي، هو النصر الكامل، الذي لا يترك للعدو أي أثر في البلاد، وما تحقق في شوط الحرب الأولى من محاصرة الوباء في ولاية البليدة وتضامن الجزائريين مع المنطقة، كان انتصارا جزئيا “جميلا”، لكن أن يعود الوباء إلى ذات الولاية وينتشر بأكثر حدة في ولايات اخرى ويهدّد بعودة الحجر الكامل هو بالتأكيد نسف لما تحقق في شوط الحرب الأول.

مقالات ذات صلة