المونديال.. الشجرة التي تغطي الغابة
انتهى المونديال البرازيلي، وانتهت معه المغامرة الجزائرية التي تبقى راسخة في الأذهان، مثلما احتفظت ذاكرتنا بجيل فاز على الألمان، أسال العرق البارد للبرازيليين، وأوقف زحف الإنجليز، وتأهل للدور الثاني في عهد روراوة وخاليلوزيتش، رغم أن التاريخ الذي لا يرحم ولا يحتفظ بسوى المتوج بالتاج العالمي، وبعد سنوات سننسى مشاركة 2014 وجيل فيغولي وبراهيمي وحليش، خاصة إذا تمكن الجيل القادم من تحقيق تأهل لأدوار متقدمة من كأس العالم، وهو أمر غير مستحيل في ظل السياسة التي تنتهجها اتحاديتنا في البحث عن لاعبين جزائريين ينشطون في أكبر الأندية الأوروبية بعد فشل بطولتنا العقيمة من تزويد منتخبنا الوطني بلاعبين محليين همهم الوحيد هو البحث عن المال ثم المال وبعدها المال لا غير، وعدم إيجاد حلول ناجعة من الوزارة و”الفاف” لبعث مراكز تكوين بإمكانها اكتشاف مواهب كروية، وكم هي موجودة في جزائرنا الشاسعة لو وجدت من يعتني بها.
لقد أعطت كرة القدم في الأيام السابقة فرحة لا توصف لكل الجزائريين من هرم السلطة إلى غالبية الشعب بتأهل تاريخي للدور الثاني وإقصاء مشرف أمام الألمان، جعل البعض منا يجزم أننا كنا نستطيع الذهاب بعيدا في هذه المنافسة ولعب حتى نهائي كأس العالم بلاعبين ينشطون في أوروبا تدربوا وحضروا طيلة الموسم مع أنديتهم في القارة العجوز، بعد الفشل الذي يحوم على كرتنا منذ سنوات، دون أن تتحرك السلطات وتفتح تحقيقات مع كل الأندية لمعرفة أسباب الفشل وتبعد كل المسؤولين الذين قضوا كل حياتهم في الوسط الكروي دون أن يمنحوا الجزائر ولو لقبا قاريا واحدا، ولا يبحثون إلا على المال والجاه والبقاء في مناصبهم على حساب تشريف الجزائر في المحافل الدولية.
حقا لقد فرحت كغيري من الجزائريين بالإنجاز الذي حققته النخبة الوطنية بالبرازيل.. الذين أعطوا للعالم دروسا في الإرادة، وحب الوطن، وتشريف الراية الوطنية.. كنت أتمنى أن يفتح البرلمان الجزائري نقاشا حول عجز البطولة الوطنية التي تمنحها الدولة الجزائرية أموالا طائلة لإيجاد وتكوين لاعبين ومدربين للمنتخب، ألم يحن الوقت لتحاسب الدولة الجزائرية مسؤولي الأندية الذين لم تتحرك مشاعرهم وهم يشاهدون المنتخب الوطني بالبرازيل بدون أي لاعب من “بطولتنا المنحرفة”، فهل ترضى الجزائر دوما بجلب لاعبين من الخارج لمختلف المنتخبات الوطنية، وإذا كانت النتيجة دائما واحدة، و”الخضر” حاضرون في المحافل الدولية رغم أنف هؤلاء المسؤولين الذين لن يغادروا مناصبهم، فلماذا تمنح الدولة الأموال للأندية؟
لا نريد أن يكون مونديال البرازيل الشجرة التي تغطي الغابة، وتعطي حماية أخرى ولسنوات لمسؤولين لا يهمهم المنتخب الوطني، فهل تتحرك الدولة مستقبلا وتحاسب هذه الأندية التي لم تستطع أن تقدم ولو لاعبا واحدا للخضر، فلو قدم كل فريق ينشط في البطولة المحترفة لاعبا واحدا للمنتخب الوطني لشاركنا في مونديال البرازيل بمنتخب مشكل من لاعبين محليين تصرف عليهم الدولة أموالا طائلة… ولله في خلقه شؤون.