الرأي

الوحدة أولى الأولويات

صالح عوض
  • 516
  • 3
ح.م

عندما تثار قضايا عديدة في وجه الشعب ونخبه السياسية والثقافية ويختلط الأمر تكون اللحظة حساسة بما تحمل من اختلافات وتناقضات.. وكلما كانت الأمة والشعب في حالة من التركيز حول الأولويات كان بإمكانها أن تجعل من الاختلافات سبيلا لإثراء التفكير.
نقول هذا الكلام فيما يواجه الشعب الجزائري استحقاقا كبيرا بعد حراك استمر أشهرا كريمة عزيزة أظهرت لياقة الشعب وفعالياته الجادة وقدرة قواته المسلحة على السير بهدوء وثبات وحزم نحو اللحظة الضرورية.
بالتأكيد هناك مطالب عديدة نتجت عن احتياجات لم يُبتّ فيها في المراحل السابقة أو لعلّ التجاوزات ذهبت بالفرص بعيدا، إلا أنه برغم كل شيء ينبغي أن لا يتم تقديم الحقوق عن الواجبات؛ فالواجب الآن حماية الوطن وحماية مسيرته وحماية المجتمع وهويته، وذلك كله بأن يتم الإصغاء باحترام كبير إلى صوت الشعب وهتاف ضميره فهو صاحب الأمر يضع من يشاء ويعزل من يشاء، وهو من يمتلك الحق في التنصيب ومن يمتلك كل شيء في البلاد، وكل من يأتي إنما بتوكيل من الشعب في أي مهمة كانت سياسية أو أمنية أو اقتصادية…
لقد قطع الشعب الجزائري أشواطا مهمّة بعد نصف الرحلة، فلقد كان تحرير الجزائر هو نصف الرحلة الحضارية، وها هو في معركة التحرر واستعادة امتلاك أمره وثرواته وخياراته يسير بيقين، والأمر يحتاج فورا إلى خطوة جامعة لإخراج المجموع من التناقضات التي قد تُحبط الحراك وتُفسد على البلد فرصته.
الخطوة التأسيسية هي الانتخابات، وللسير نحوها بيقين لا بد من لجنة مستقلة ذات صلاحيات وفعالية مكونة من رجال يشهد لهم الجميع بالنزاهة والوطنية والوعي.. والشعب الجزائري بهذا سيضرب مثلا عظيما في الخروج من الأزمة وستصبح تجربته مثالا يحتذى به في وطن عربي منكوب بمعارضات تتخبط وأنظمة تستبدّ.. وستكون هذه الخطوة الكبيرة هي نقطة انطلاق لبناء جمهورية ثانية ونهضة عظيمة بشعب يمتلك من الغيرة الوطنية ما يكفي لكي ينافس أقوى الدول الغربية المتحضرة.
إن الجزائريين قادرون بلا شك أن يضعوا اسم الجزائر مرة ثانية على لائحة العبقرية بعد أن كانت ثورتهم المجيدة ملهمة القارة الإفريقية والوطن العربي للتحرير من ربقة الاستعمار.. وهم الآن بأدائهم الجميل القويّ الواعي يرسمون معالم مرحلة جديدة أمام العرب والمسلمين وسيسجل التاريخ للجيش الجزائري أنه جيشٌ وطني شعبي بامتياز وأنه أمين على العهد والرسالة وهو في مستوى الشعب وتطلعاته.. نصر الله الجزائر وحماها وحفظها من كل مكروه.

مقالات ذات صلة