الرأي

“الوسادة” ولا البنك!

جمال لعلامي
  • 1655
  • 3

بنك الجزائر “يتهم” جزائريين بدسّ نحو 40 ألف مليار في “الوسادات” ببيوتهم، في عزّ الأزمة المالية التي تسبّبت في تآكل الأجور والسيولة النقدية في البنوك، وكذا انهيار القدرة الشرائية وتراجع قيمة الدينار، وإن دلّت هذه الكتلة “المدسوسة” فإنما تدلّ على “عدم الثقة” والخوف من “الزلط” نتيجة استمرار محنة البترول وما تبعتها من آثار وخيمة على الجميع!
أتذكـّر عندما كنا صغارا بداية الثمانينات، عندما بدأ الجميع يتحدث بخوف عن “تغيير الدراهم”، وشرع المهدّدون في الجري نحو البنوك العمومية آنذاك، بعدما سحبوا ما في وساداتهم من أموال خضعت للاكتناز، ونجحت السلطات العمومية، من خلال الإعلان عن تبديل أوراق نقدية، بظهور الملايير التي كانت تتداول خارج البنوك وفي سراديب “التراباندو”!
لكن، هل المواطن البسيط، والموظف الكحيان، والفلاح المزلوط، والتاجر الذي قضى عليه “الكريدي”، هم الذين سارعوا إلى طابور البنوك لتغيير أموالهم قبل فوات الأوان؟..
الإجابة لا تقتضي الكثير من التخمين والتحليل، فالمهرولون كانوا في أغلبهم من حاملي شارة “شهبندر التجار” وبعض المنتجين والمصنعين -على قلتهم في ذلك الوقت “المهرود” اقتصاديا- ولذلك “نجحت” العملية، وانتهى التهديد الضمني باسترجاع “الكنز” الذي كان يخبّؤه أصحاب “الشكارة”!
اليوم، ونحن في 2018، نفس الحكاية تقريبا تتكرّر، لكن مع فارق، تغيّر الكثير من المعطيات، وإن كانت النتيجة واحدة: أزمة مالية ضربت الجيوب والتجارة والاقتصاد والقدرة الشرائية وعمليات البيع والشراء، والأهم والأخطر من كلّ ذلك، أدخلت الهلع إلى نفوس الناس، وهو ما جعل شرائح منهم يلجؤون إلى خيار ملء الوسادات بالأوراق النقدية في سياق “أقرى للزمان عقوبة”!
الإشكالية، الآن، هي هل سيستجيب المعنيون ويُخرجون أموالهم المختفية، والتي لا يعرف مكان تواجدها سواهم؟ أم أنهم سيقاطعون “نداء” المؤسسات المالية، ويستمرّون في ستر ملاييرهم والتستّر عليها، من باب أن “القرش الأبيض” مدسوس لليوم الأسود، لكن ماذا لو تمّ الاستمرار في إخفاء هذه الأموال، وانتهت “المهلة” وأصدر بنك الجزائر أوراقا جديدة مغايرة لتلك المخفية؟
عندما يلجأ البعض أو الكلّ إلى إخفاء كتلة مالية معينة، بالملايين والملايير، في بيوتهم، أو في متاجرهم أو مصانعهم، أو يتمّ “تهريبها” إلى ما يسمى بالملاذات الآمنة، سواء بالداخل أو الخارج، في إطار تحويل العملة، أو عن طريق وسائط غير قانونية، عندما يحدث هذا، فلا بدّ من مراجعة السياسة المالية والاقتصادية، وحتى التفكير الاستهلاكي، للمؤسسات والمواطنين معا!

مقالات ذات صلة