-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

الولايات المتحدة “الإسرائيلية”!

الولايات المتحدة “الإسرائيلية”!

من الصعب أن تجد في تاريخ الإنسانية علاقة “متينة”، بين دولتين أو شعبين أو كيانين أو كائنين، مثل هذه العلاقة “الروحية الخبيثة” ما بين الولايات المتحدة الأمريكية والكيان الصهيوني، حتى أنك تحتار، إن كنت أمام ولايات متحدة صهيونية، أو كيان أمريكي. فبغض النظر عما قاله ذات مناسبة، الرئيس الأمريكي الحالي – وهي إهانة لهذا الكيان المتواجد على أرض فلسطين – عندما قال جو بايدن، بأنه كان سيخترع “إسرائيل” لو لم تكن موجودة، فإن درجة الذوبان الكيميائي ما بين الكيانين، هي ظاهرة غريبة، لا تحيّر العالم فقط، وإنما الأمريكان واليهود أنفسهم.

انتحار شاب أمريكي حرقا احتجاجا على السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، هو أقل ما يمكن لمواطن أمريكي أن يقوم به، وهو يرى رئيس بلاده ووزير خارجيتها ووزير حربها، لا شغل لهم سوى، كيف يساعدون الكيان الصهيوني، المتواجد هناك، على بعد قارات، ببراكينها وزلازلها، ومحيطات بمدّها وجزرها، بل تشعر بأن ما يجنيه المواطن الأمريكي البسيط، في حقله ومخبره ومصنعه وجامعته، يُحوّل كل مساء، إلى الكيان، من دون أي استئذان أو تذكير بالشيء، وبأن طلبات نتنياهو ورفاقه، هي أوامر، لا تناقش، في بلاد العم سام، التي سعت وتمكنت على مدار عقود، بأن تسمي كل من يعادي إسرائيل أو يقول في حقها كلمة حق، بالإرهابي، وتٌجبر مملكات وإمارات وجمهوريات، على أن تضع “عصمتها” في أيدي اليهود.

يبلغ تعداد سكان الولايات المتحدة الأمريكية، أكثر من ثلث مليار نسمة، ولا يزيد عدد المتواجدين في الأرض المحتلة عن تسعة ملايين يهودي، ويدين الأمريكيون بالمسيحية البروتيستانتية، ولا يرى الصهاينة وجودا لهم من دون اليهودية، ولا تجد تاريخيا ولا جغرافيا، أية علاقة، بين هذا الكيان وذاك، أو هذا الكائن وذاك.

فلا تأسيس أمريكا ساهم فيه اليهود ولو بلمسة عابرة، ولا وعد بلفور ساهم في خطّه أمريكي واحد، ومع ذلك ذابا في بعضهما البعض، حتى صار كل طرف قابل لأن يضحي بوجوده من أجل الآخر.

في لحظات الردّ الإيراني على العدوان الصهيوني، كان حال قادة الولايات المتحدة وكأنهم المعنيون بالمسيّرات المنطلقة من طهران، ففي الوقت الذي اجتمع فيه نتنياهو، بزمرته في تل أبيب، كان جو بايدن يجرّ عسكريي أمريكا إلى اجتماع طارئ، وقد لاحظ العالم بأن أمريكا التي لم يهمها أطنان النار، التي تهاطلت على غزة على مدار أكثر من نصف عام، تألمت لمفرقعات إيرانية، كانت تحاول التسلل لبعض دقائق، إلى قلب الأرض المحتلة.

وإذا كان الكيان الصهيوني قد سارع كعادته لتقديم فاتورة حربه مع إيران، التي دامت بضع دقائق، وأوصلها إلى رقم مليار ونصف مليار دولار، فهو يدرك بأن الولايات المتحدة الأمريكية، لن تنام ليلتها حتى تدفع “كاش” ما كتب رقمه الصهاينة، ولا يهم مصدر الدفع، إن كان من الكيان الأمريكي، أو من إمارة هنا أوهناك تحت التصرف.

منذ أكثر من قرنين نجحت معاهدة سايكس بيكو في ابتلاع المنطقة العربية وإفريقيا وآسيا، تحت شعار فرّق تسد، وهو مصطلح سياسي وعسكري واقتصادي، كان يقسّم المتحدين ليتسيّدهم.

تصوروا فقط، لو تحدُث فرقة لبعض الوقت فقط، بين الكيان الصهيوني والكيان الأمريكي؟

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!