الرأي

انقراض‭ ‬التلفزيون‭!‬

قادة بن عمار
  • 6988
  • 29

وزير الاتصال ناصر مهل بات لا يترك فرصة ولا مناسبة، إلا ويستبيح فيها شرف وكرامة هذا التلفزيون المسمى عموميا ووطنيا، وهو في حقيقة الأمر، تلفزيون حكومي فئوي، بلا شرف ولا كرامة، حتى أن البعض بات يعتقد بأن الوزير مهل جاء لتنفيذ مهمة واحدة تتعلق بتفكيك هذا التلفزيون‭ ‬المضّر‭ ‬بكل‭ ‬شيء‭ ‬حتى‭ ‬بالصحة‭ ‬وليس‭ ‬فقط‭ ‬بالحقيقة‭!‬

الغريب أنها المرة الأولى التي يتفق فيها وزير للاتصال في الحكومة غير الشعبية مع ما يفكر فيه الشارع، حيث أن الجميع صار مدركا خطورة التلفزيون وإضراره بالشأن العام والمصلحة العليا للبلد، من خلال عجزه عن إبراز الحقيقة كاملة عن الجزائر في ظل منافسة شرسة للقنوات العربية، والتي تقدّم جميع الأخبار المتعلقة بوطننا، من الأمنية والسياسية والرياضية وحتى ما تعلق بأسعار البطاطا والطماطم.. أما الأغرب، فهو اتفاق العاملين في هذا التلفزيون على أنهم لا يقومون بواجبهم الحقيقي، وهم عاجزون عن المنافسة أو جذب المشاهدين، ناهيك عن مساهمتهم وتواطئهم في تخريب الرأي العام بأخبار زائفة وبرامج ميتة سريريا، لكنهم رغم ذلك، يحتفظون بمناصبهم، ولا يتجرؤون على الاستقالة، ويحلمون بربع فرصة تنقلهم من هذا الخراب المهني المنظم إلى واحات الإبداع في الفضائيات العربية والخليجية.
الوزير ناصر مهل، حذّر أيضا من انقراض وشيك للتلفزيون، وهو كلام إن صدقناه فإننا نعتقد أيضا بأن الانقراض لن يشمل التلفزيون وحده والقائمين عليه، ولكنه انقراض يجب أن يمسّ الوزارة التي يسيرها ناصر مهل أيضا، طالما أنها لا تحقق مستوى الرضى المطلوب، وهي غير مقبولة لا من طرف المهنيين ولا من معظم العاملين في القطاعين العمومي والخاص، حتى أن جلسات التشاور التي عقدها الوزير ناصر مهل قبل فترة مع مهنيي القطاع في غرب وشرق البلاد، تبين أنها كانت مجرد عبث ومضيعة للجهد والوقت، واستعراض خرافي لإصلاحات لا أساس لها واقعيا، بل الهدف‭ ‬منها‭ ‬تكميم‭ ‬الأفواه‭ ‬بطريقة‭ ‬أكثر‭ ‬تهذيبا‭ ‬بعدما‭ ‬كانت‭ ‬في‭ ‬فترة‭ ‬سابقة،‭ ‬ممارسات‭ ‬استبدادية‭ ‬مباشرة،‭ ‬على‭ ‬طريقة‭ ‬فرض‭ ‬قانون‭ ‬العقوبات‭ ‬بدلا‭ ‬من‭ ‬قانون‭ ‬الإعلام‭.‬
ليس التلفزيون الحكومي وحده من يجب أن ينقرض، بل هنالك العديد من الهيئات والمؤسسات التي ما فتئت تنهب المال العام دون فائدة ولا نتيجة، ولا نعرف حتى الآن لماذا استسهلت الحكومة قبل فترة حلّ جميع المؤسسات المفلسة في الوقت الذي لم يتم التعامل مع التلفزيون بالطريقة ذاتها..! ألم يقم اللبنانيون قبل سنوات، حين وجدوا أن تلفزيونهم العمومي قد فقد جميع حواسه وأخل بوظائفه، بغلق هذا التلفزيون لأشهر، من أجل إعادة إصلاحه داخليا وترميم أفكاره القديمة والأهم من كل هذا وذاك، استبدال رموز الفشل بمهنيين جدد..!؟

مقالات ذات صلة