الرأي

انقلاب على رضا مالك!

قادة بن عمار
  • 4642
  • 12

من تابع حوار الأمين العام لحزب التحالف الوطني الجمهوري بلقاسم ساحلي على شاشة “الشروق نيوز” قبل يومين سيخرج بعدة انطباعات، أهمها أن ساحلي ومن معه انقلبوا بالكامل على ميراث رضا مالك، اللائكي الذي أسّس الحزب وأراده منبرا لكل المنتمين له إيديولوجيا ضدّ ما سماه “الخطر الاسلاماوي” المحدق بالبلاد والعباد في ذلك الوقت، أي في عام 1995!
ساحلي الذي شغل منصب كاتب الدولة لدى الخارجية المكلف بالجالية لفترة قصيرة قبل أن يتم إبعاده عن الحكومة منذ خمس سنوات، قال إن علاقته بالرئيس بوتفليقة ودعمه اللامحدود للنظام، لا تحكمهما المناصب، بالرغم من أن رضا مالك، وبعدما خرج من الحكومة قرر أن يكون معارضا للنظام من الداخل، بل وطلّق العمل السياسي فيما بعد، لاستيائه من حالة التمييع التي كانت عليها الأحزاب والطبقة السياسية حينها!
الآن وبعد رحيل آخر مفاوضي إيفيان عن دنيانا، فإن جميع من يستمع لخطاب وكلمات خلفه بلقاسم ساحلي سيلاحظ وجود إرادة حقيقية للانقلاب على ذلك الميراث الذي تركه رضا مالك، صاحب مقولة إنه( يجب على الرعب أن يغير معسكره)، فالحزب لا تزعجه مثلا طريقة الاحتجاجات بالصلاة في الشوارع ويتضامن (دون أن يثير غضب السلطة) مع سكان المناطق الداخلية الذين يعانون من “قلة التنمية “كما أنه يريد إبعاد المدرسة عن الصراع الإيديولوجي المقيت، لكنه مع استمرار بن غبريط في منصبها”، وهي كلها أهداف متناقضة مع الخط الذي رسمه رضا مالك وسليم سعدي ومصطفى الأشرف؟!
وجود بلقاسم ساحلي وولد عباس وبن حمو والكثير من الشخصيات المشابهة على رأس الأحزاب، جعل الساحة السياسية عندنا مقسّمة إلى قسمين لا ثالث لهما، موالاة ومعارضة، دون أن تفرز أي جهة برنامجا سياسيا مستقلا وواضحا، فالكلّ على دين السلطة، لا ليبرالية ولا علمانية ولا إسلامية ولا يسارية، وإنما سلطوية وفقط!
هذا المستوى الهزيل من التعاطي السياسي مع الأحداث يجعلنا نتفهم كثيرا سبب عزوف المواطنين عن الممارسة السياسية ومقاطعة الصندوق الانتخابي، ناهيك عن حالة الإحباط الشديد من المستوى الذي تدهورت إليه البلاد، والذي يجعل من حاضرها مثيرا للقلق ومن مستقبلها مثيرا للغموض!

مقالات ذات صلة