الرأي

انهيار خارطة الطريق الأممي إلى ليبيا

ما كان الأمر مفاجئا بإعلان بعثة الأمم المتحدة عن فشل ملتقى الحوار الليبي في جنيف بالتوافق على قاعدة دستورية لآلية إجراء الانتخابات المرتقبة في 24 ديسمبر2021، في أول مؤشر على انهيار خارطة الطريق المرسومة وفق قرارات المجتمع الدولي.

القفز فوق المراحل لاختصار طريق طويل، عائق في طريق الوصول إلى نهايته في مسار آمن، وتضحى الأهداف المرسومة مجرد حبر على ورق.

هكذا هي خارطة الطريق التي رسمتها الأمم المتحدة من أجل الوصول إلى ليبيا بلا أزمات أو صراعات تنعكس سلبا على واقع الأمن الإقليمي والأمن العالمي.

محادثات استمرت خمسة أيام بين الأطراف الليبية في جنيف برعاية الأمم المتحدة، انتهت بفشلها المتوج لجولات من الحوار اختتمت جميعها ببيانات إعلامية لم تتحقق مضامينها.

عجزت الأطراف الليبية المتحاورة في حضن أممي، على التوافق المفروض حمله في حقائبهم قبل الذهاب إلى جنيف، ومعهم مقررات الحوار الوطني في تونس، ومخرجات مؤتمر برلين 1 و2، التي تعد قاعدة تفاهمات لا تقبل تجدد الجدل حول الآليات المناسبة لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية في موعدها المعلن.

وألقى الأمين العام المساعد ومنسق بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، باللائمة على المشاركين في ملتقى الحوار بجنيف، الذين لم يستثمروا كل الفرص التي أتيحت لهم على مدى خمسة أيام، حتى فقد الحوار مصداقيته، مبشرا بمساوئ فشله على العملية السياسية بأكملها.

المقترحات التي جاء بها المشاركون من أجل إيجاد قاعدة دستورية، كانت بحد ذاتها مدعاة لجدل يعزز الصراع حول طاولة المفاوضات، ويعرقل تنفيذ الأجندات المتفق عليها مسبقا.

إجراء الانتخابات المقررة لم يكن ممكنا في ظل فشل حوار جنيف الذي غذى صراعا نسف كل ما جرى التخطيط له، وكأن الأمر عاد إلى نقطة الصفر، وستبقى الأوضاع على ما هي عليه، منذرة بخطر أكبر قد يعجز الجميع عن احتوائه.

كنا قد تساءلنا مع اختتام ملتقى الحوار الليبي بتونس في 18 نوفمبر 2020: “في أيِّ خانة نضع اتفاق إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في موعد محدد، في غياب سلطة تنفيذية حاكمة تستند على قاعدة دستورية؟

هذا ما تمخضت عنه محادثاتُ تونس بين شخصيات ليبية اختارتها الأمم المتحدة، لطي صفحات أزمة أمنية سياسية تختتم عامها العاشر، وجزأت البلاد إلى أقاليم ثلاثة، ومجلس رئاسي محاصَر في العاصمة طرابلس، تكاد ميليشيات مسلحة تختطف سلطته لولا ضغط عالمي يستند على قرارات الأمم المتحدة.

فشلٌ أولي في حسم أولوية تعيد الدولة إلى مسارها الصحيح، فشلٌ يرسم فشلا منطقيا في تنفيذ اتفاق إجراء انتخابات في ظل غياب سلطة تنفيذية تتوحد في منظومتها المؤسساتُ الوطنية المشتتة في سلطات متفرقة.

إجراء الانتخابات وفق خارطة طريق المجتمع الدولي، هي المخرج الوحيد حاليا من زنقة الأزمات التي تحاصر ليبيا، وفشل ملتقى الحوار في جنيف، الفشل الوارد من نواقص ملتقى الحوار في تونس، سيجعل إجراءها أمرا مستحيلا إذا ما تمسكت الأطراف الليبية المتنازعة، بمصالحها الضيقة، على حساب المصالح الوطنية الكبرى.

هذه نتائج القفز فوق المراحل لاختصار طريق طويل بلا قاعدة دستورية تلتقي حولها ليبيا المتصارعة بأقاليمها الثلاثة.

مقالات ذات صلة