-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مبادرة رمزية بتسمية علي بومنجل على شارع في فرنسا

باريس بخطوات محتشمة لا تشجع على تفعيل العلاقات الثنائية

محمد مسلم
  • 2289
  • 0
باريس بخطوات محتشمة لا تشجع على تفعيل العلاقات الثنائية
أرشيف

بعد شهر من الذكرى الـ68 لثورة التحرير الوطني، أقدمت السلطات الفرنسية على قرار تمثل في تسمية أحد الشوارع في فرنسا باسم المناضل والثوري الجزائري، علي بومنجل، احد ضحايا البطش الوحشي لفرنسا الاستعمارية، غير أن هذا القرار يبقى خطوة جد محتشمة من قبل باريس، في معالجة ملف الذاكرة الذي يضغط بقوة على العلاقات بين البلدين.
وتم ترسيم هذه التسمية عشية الثلاثاء بحضور عائلة الشهيد، في أحد شوارع المدينة، القريب من شارع آخر يحمل اسم مديرة سابقة لمدرسة بالمدينة، فاني باش، وواحدة منتخبي المدينة السابقين، التي ولدت بالجزائر وغادرتها بعد الاستقلال، في خطوة رمزية من قبل اليساري الذي يقود المدينة جان بيار بلازي، لمصالحة الذاكرة بين البلدين.
القرار يعتبر “سابقة”، كما قال المؤرخ الفرنسي بنجامان ستورا، في رسالة وجهها لمسؤولي مدينة “غوناس” الواقعة في الضاحية الشمالية للعاصمة الفرنسية باريس. وهو القرار الذي يعتبر من التوصيات التي ضمنها ستورا في التقرير الذي أعده وسلمه لقصر الإيليزي في جانفي 2021، بطلب من الرئيس الفرنسي، إيمانوزيل ماكرون، فيما عرف بمشروع تهدئة “حرب الذاكرة” بين الجزائر وباريس.
في الرسالة تحدث ستورا عن العذاب الذي تعرض له المناضل الجزائري، قبل تصفيته من قبل المجرم بول أوساريس، بعد سنوات من الإنكار والتشويه الذي مارسته السلطات الفرنسية بحقه، بهدف تشويهه، قبل أن يقدم ماكرون السنة الماضية على الاعتراف، باسم الدولة الفرنسية، بمسؤولية جيش الاحتلال بتصفيته، مكذبا مزاعم الانتحار التي روجت لها السلطات الاستعمارية.
وكتب بنجامان ستورا في الرسالة “إنها المرة الأولى، في حدود علمي، يسمى شارع في فرنسا باسم هذا المناضل الجزائري من أجل الديمقراطية والسلام، ومن أجل استقلال الجزائر”، وذلك بعد أن اعتذر لعدم تمكنه من المشاركة في هذا الحدث، لاعتبارات صحية كما قال، أن ينهي رسالته بتوجيه الشكر لرئيس بلدية غونيسي، جان بيير بلازي، الذي التقى به في عام 2010 لأول مرة بمبادرة من عائلة بومنجل.
واقتبس ستورا من نجل علي بومنجل، الراحل سامي، شهادة سمعها منه في عام 2013 عندما توفي أوساريس: “مات جلاد والدي للتو، لدينا فكرة واحدة فقط: دعه يذهب إلى الجحيم، حيث ينتمي، لقد قتل السلام بقتل رجل عادل. وذلك بترويج كذبة انتحاره لإذلاله حتى بعد وفاته.. هذا الجلاد المؤكّد والمثبت أصبح كاشف للقصة الحقيقية لأفعال الجيش الفرنسي في ذلك الوقت”.
هذه المبادرة الرمزية جاءت بعد نحو شهر عن موعد الفاتح من نوفمبر، الذي كانت السلطات الجزائرية تنتظر خطوة فاعلة من باريس، على صعيد ملف الذاكرة، ويبدو أن باريس رسبت مرة أخرى في اختبار هذا الملف الحساس، لأنها لم تتمكن بعد مرور ستين سنة عن الاستقلال، ورغم الفرص التي أتيحت لها، من توجيه رسالة صادقة للجانب الجزائري، يؤكد نيتها التعاطي مع ملف الذاكرة بجدية ومسؤولية.
ويعزز هذا المعطى قرار الجزائر بعدم اندفاعها في مصالحة الذاكرة مع فرنسا، ومن ثم بقاء العلاقات الثنائية رهينة ملفات موروثة منذ عهد الحقبة الاستعمارية، ما يؤكد مرة أخرى أن الرئيس الفرنسي، لم يتمكن بعد من التحرر من الدوائر الحالمة بالجزائر الفرنسية، كما لا يزال مقيدا بأغلال عصب في دواليب الدولة الفرنسية، وذلك بالرغم من أنه من جيل الاستقلال، كما يقول عن نفسه ويقدمه الآخرون.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!