-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
القرارات المشبوهة والاستفزازات تتوالى بحق الجاليات المهاجرة

باريس تكلف سفيرها السابق في الجزائر بتقرير حول الإسلام بفرنسا

محمد مسلم
  • 1431
  • 0
باريس تكلف سفيرها السابق في الجزائر بتقرير حول الإسلام بفرنسا
أرشيف
سفير باريس السابق بالجزائر، فرانسوا غوييت

في خطوة مثيرة للشبهات، أقدمت السلطات الفرنسية على تكليف سفير باريس السابق بالجزائر، فرانسوا غوييت، ووالي (محافظ) مقاطعة “إيفلين، باسكال كورتاد، بإعداد تقرير مفصل حول “الإسلام السياسي وحركة الإخوان المسلمين”، وتأثيرهما على الداخل الفرنسي، في توجه يندرج ضمن إطار محاربة إدارة الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، لما تسميه “الانفصالية الإسلامية”.
ووفق بيان صادر عن وزارة الداخلية الفرنسية، فإن موعد تسليم هذا التقرير للحكومة، يجب ألا يتعدى منتصف شهر سبتمبر المقبل، وهو يستهدف بالأساس محاولة تلمس “تأثير الإسلام السياسي في فرنسا”، وتؤكد الوزارة التي يقودها جيرالد موسى دارمانان، أن “مكافحة النزعة الانفصالية (عند الجالية الإسلامية)، تتطلب فهم هذه الظاهرة برمتها، وإدراك المؤسسة السياسية التي تمثلها”.
ومن بين المبررات التي ساقتها الوزارة الوصية للإقدام على هذا العمل، أن “الانفصالية الإسلامية هي مشروع سياسي ديني نظري، يتميز بالانحرافات المتكررة عن مبادئ الجمهورية (الفرنسية) بهدف بناء مجتمع مضاد”، في خطوة من شأنها أن تضع الجاليات المسلمة على رأسها الجالية الجزائرية الكبيرة، في مرمى الاستهداف المبرمج، الذي تقوده أوساط يمينية فرنسية متطرفة.
وسبق الإعلان عن هذا القرار المثير للجدل، تسريب أرقام أعدتها مخابر فرنسية متخصصة (سبق ليومية “الشروق” أن تطرقت إليها قبل يومين) عن الجاليات المسلمة، وضعت الجالية الجزائرية في مقدمة الجاليات المسلمة المقيمة في فرنسا، التي تحافظ على هويتها الدينية والمجتمعية، مقارنة بغيرها من الجاليات المغاربية والشرق أوسطية والإفريقية.
كما يأتي هذا القرار بعد سلسلة من الإجراءات التي اتخذتها السلطات الفرنسية والتي استهدفت الجاليات المسلمة دون سواها من الجاليات الأخرى وهي كثيرة ومتعددة، مثل منع استقدام الأئمة إلى فرنسا، من كل من الجزائر والمغرب وتركيا، بداية من مطلع العام الجاري، وكذا تعليمة أخرى وجهها وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد موسى دارمانان، إلى مسؤولي المقاطعات الفرنسية بضرورة تسريع عملية طرد المهاجرين ممن قدرت وزارة الداخلية أنهم يشكلون خطرا على الأمن العام في فرنسا، وذلك بعد إقرار قانون جديد للهجرة، كان محل انتقادات كبيرة من قبل الطبقة السياسية الفرنسية، باستثناء التيارات السياسية المتبعة بالأفكار المتطرفة والمعادية للمهاجرين، على غرار اليمين واليمين المتطرف، الذي أصبح له أكثر من حزب سياسي، بعد تشكيل، إيريك زمور، الأكثر تطرفا، ما أسماه “حزب الاسترداد”.
وكان إمام مسجد تولوز الكبير، الجزائري محمد تاتيات، قد تم ترحيله إلى الجزائر في 20 أفريل المنصرم تاركا وراءه عائلته هناك، بتهم تتعلق بمعاداة السامية تعود إلى عام 2017، ولم تترك له مصالح وزارة الداخلية الفرنسية، التمتع بأبسط حقوقه القانونية، بالطعن في قرار الترحيل، وفق ما أكده دفاعه، حاله حال إمام مسجد بانيول سير ساز، التونسي، محجوب محجوبي، الذي تم ترحيله قبل ذلك بأسابيع قليلة، من دون تمكينه من الطعن في القرار وفق ما تقتضيه الأعراف القانونية المعمول بها في فرنسا.
وما يزيد من حدة الشكوك في خلفيات الخطوة التي أقدمت عليها الحكومة الفرنسية، هو تكليف الدبلوماسي المتقاعد فرانسوا غويات، والذي عمل بالجزائر كسفير إلى غاية شهر أوت المنصرم، بإنجاز هذا العمل. فالسلطات الفرنسية يبدو أنها تسعى إلى الاستفادة من الخبرة التي راكمها هذا الدبلوماسي خلال عمله في الجزائر، من أجل محاولة فهم تنامي الظاهرة الإسلامية في فرنسا، والتي يعتبر تطورها عاديا وطبيعيا لصيرورة مجتمع متشبع بالدفاع عن هويته، كغيره من المجتمعات الأخرى.
تراكم القرارات والإجراءات التي تتخذها السلطات الفرنسية من حين إلى آخر بحق الجاليات المسلمة، والتي عادة ما تكون الجزائر المستهدف الأول من ورائها، تدفع إلى التساؤل حول الخطوة المقبلة التي ستقدم عليها حكومة غابريال أتال، في الأيام والأسابيع المقبلة بحق الملايين من الفرنسيين من أصول مغاربية وإفريقية وشرق أوسطية، والذين يقدر عددهم بأكثر من 11 بالمائة من مجموع الشعب الفرنسي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!