الرأي

بايدن يرفع الحماية عن دول الخليج

ح.م

هل يكرر الرئيس المنتخب جو بايدن دعوة الولايات المتحدة الأمريكية إلى قيام دول الخليج العربي بالاعتماد على قدراتها العسكرية في الدفاع عن نفسها؟

سؤال يُطرح بقوة بعد انتهاء عهد الرئيس دونالد ترامب، مع الاعتقاد بمتغيرات منتظرة في السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط سيلجأ إليها بايدن.

ثماني سنوات عاشتها دول الخليج العربي في أعلى حالات القلق والحذر إبان عهد الرئيس السابق باراك أوباما وراسم سياسته بايدن الذي تبنى خطة إعادة تأهيل الدور الإيراني في الشرق الأوسط، بعد الاتفاق النووي في 2015.

في عهد الرئيس أوباما، أبلغت دائرة البنتاغون دول الخليج العربي بضرورة الاعتماد على قدراتها العسكرية في حماية نفسها، دون انتظار عون أمريكي، وجدد الرئيس ترامب موقف سلفه وهو يبلغ حلفاء بلاده في الشرق الأوسط بـ”فعل المزيد من أجل الدفاع عن النفس”.

دعوة أمريكية حملت قرار التخلي عن دور واشنطن التقليدي، في الحفاظ على الأمن الإقليمي، الذي يعدُّ من ركائز القوة في المنطقة، وعامل ضمان استقرارها السياسي.

تدرك الإدارة الأمريكية حدود قدرة دول الخليج في الدفاع عن نفسها، أمام قوى إقليمية، يتصاعد سقف أطماعها بعد أن امتلكت قدرات عسكرية وتسليحية فائقة القوة، وضمنت لها قواعد حضور متنوع، في عمق جغرافي لا يستهان به، منذ احتلال أمريكا للعراق وأفغانستان.

تدرك الولايات المتحدة أن إعلان تخليها عن حماية دول الخليج، سيفتح الباب واسعا أمام القوى الإقليمية المتربصة، لفرض هيمنتها على المنطقة بتوسيع خارطتها الجغرافية في غزوة عسكرية محتملة.

تجدد الولايات المتحدة دعوة “الحماية الذاتية الخليجية”، وهي اختارت قطر مقرّا متقدما لمركز عملياتها العسكرية، وعززت قواعدها المنتشرة في الخليج العربي مجتمعة، دون أن تتساءل وتجيب عن معنى هذا الوجود العسكري المتعاظم في دول ناشئة لا تمتلك مؤهلات خوض حرب دفاعية، أمام قوة إقليمية، لا تضاهيها قوة أخرى في المنطقة؟

دعوات أمريكية تتجدد، تتخلى أمامها دول مجلس التعاون الخليجي عن التماسك والتوحد، وتلغي قرار إنشاء قوة عسكرية تحت قيادة خليجية موحدة سنة 2016 بسبب الأزمة القطرية، وتتخلى عن أولويات الأمن القومي المصيري رغم حجم التحديات التي تهدد الجميع دون استثناء.

قال الرئيس السابق أوباما: “إن دول الخليج مستفيدة دون مقابل، من خلال دعوتها الولايات المتحدة الأمريكية للتحرك دون المشاركة بنفسها”.

وحذا الرئيس ترامب حذو باراك أوباما وقال: “إن الفضل في وجود دول الخليج العربي يعود للولايات المتحدة التي تتحمل أعباء حمايتها ماديا وبشريا، ومن دون مقابل”.

مقولاتٌ أمريكية لا معنى لها سوى ابتزاز دول الخليج، وإفراغ ما تبقى في خزائنها منذ عصر ذهبي فات، رحل الناطقان بها، وقد يعيد نطقها الرئيس القادم جو بايدن، قبل صياغة فعلها في أرض الواقع، دون حساب ثمن تواجد قواعد بلاده العسكرية المكلفة بمهام الأمن الأمريكي الإستراتيجي العابر للقارات.

مقالات ذات صلة