-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
مشاريع فرنسية معطلة ومصير غامض لصادرات الغاز

برودة في العلاقات الجزائرية الفرنسية رغم التطور الحاصل

محمد مسلم
  • 2003
  • 0
برودة في العلاقات الجزائرية الفرنسية رغم التطور الحاصل
أرشيف

العلاقات الجزائرية تتحسن، لكنها لم تصل بعد إلى المستوى الذي تبحث عنه باريس والرئيسي الفرنسي، إيمانويل ماكرون، على وجه الخصوص، حيث حصل تقدم في بعض الملفات، لكن الكثير منها ولاسيما الحساسة، لا تزال تراوح مكانها.
وتولي فرنسا أهمية قصوى لعلاقاتها الاقتصادية مع الجزائر، لقد التهمت كثيرا من الكعكة التي وفرها لها نظام الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، وهي اليوم غير مستعدة تماما لتكبّد المزيد من الخسائر على هذا الصعيد، ويؤشر على هذا، الوفد الذي رافق الوزير الأول، إليزابيت بورن، إلى الجزائر يوم التاسع من أكتوبر المنصرم، والذي ضم نصف أعضاء الحكومة (14 وزيرا).
في تحقيق أنجزته صحيفة “لي زيكو” الفرنسية، تحدث رئيس قسم الطب العام في مجموعة الأدوية الفرنسية الشهيرة “سانوفي”، أوليفيي شارميل، عن صعوبات كبيرة تواجهها الشركة في إطلاق مشروع جديد في مدينة سيدي عبد الله، وكان يشير إلى إجراءات جمركية، تحول دون الشروع في إنتاج مصل الأنسولين، ودواء ضغط الدم.
أوليفيي شارميل كان ضمن الوفد الذي رافق رئيسة الحكومة الفرنسية إلى الجزائر الشهر المنصرم، على أمل تجاوز المشاكل التي تعاني منها مجموعة “سانوفي”، إلا أنه وعلى الرغم من مرور نحو شهرين على تلك الزيارة، لا يزال المشكل قائما، يقول شارميل.
ما قاله المسؤول في مجموعة الأدوية الفرنسية، لا يعد الانشغال الوحيد بالنسبة للجانب الفرنسي في علاقاته مع الجزائر، فالغموض يلف قضية أخرى أكثر أهمية بالنسبة لباريس، وهي الرفع من صادرات الغاز الجزائري إلى فرنسا بنسبة 50 بالمائة، كما جاء على لسان أكثر من مسؤول فرنسي، خلال زيارة إيمانويل ماكرون إلى الجزائر في 25 أوت، وإليزابيت بورن في 09 أكتوبر الأخير.
وللتأكيد على رغبة الطرف الفرنسي في حسم قضية رفع صادرات الغاز نحو فرنسا قبل نهاية العام الجاري، كانت كاثرين ماك غريغوري، المسؤولة التنفيذية للشركة الفرنسية المعنية بهذا الملف “إنجي”، حاضرة في زيارة الرئيس الفرنسي ورئيسة حكومته، كما تحدث الناطق باسم الحكومة الفرنسية أوليفيي فيران غداة زيارة ماكرون عن “إعلان قريب” عن زيادة محتملة لشحنات الغاز الجزائري إلى فرنسا.
وقبل أيام تحدثت تقارير إعلامية نقلا عن مصادر جزائرية لم تكشف عن هويتها، قولها إن المفاوضات بين الجزائر وباريس بشأن رفع صادرات الغاز الجزائري إلى فرنسا تعثرت، وأكدت أن إتمام الصفقة قبل نهاية العام الجاري لم يعد ممكنا، عكس ما كانت تتمناه باريس.
ومنذ اندلاع الأزمة مع إسبانيا، واتخاذ الجزائر من إيطاليا منفذا لتصدير غازها نحو أوروبا، حاولت فرنسا استغلال الظرف وسعت إلى الرفع من وارداتها من الغاز الجزائري إلى النصف لتعويض الغاز الروسي، غير أن الأمور لم تسر وفق ما كانت تتمناه باريس.
ووفق المصدر ذاته، فإن الجزائر رفضت إجراء أي مفاوضات مع فرنسا قبل نهاية هذا العام كما كان متفقًا عليه سابقًا، وقررت تأجيل الحديث إلى العام المقبل (2023)، ما يؤشر على أن هناك خلافات في بعض الملفات، لاسيما وأن الجزائر عمدت خلال الأشهر الأخيرة إلى توظيف دبلوماسية الغاز في الدفاع عن مصالحها، كما حصل مع إسبانيا التي تكبدت زيادات كبيرة في أسعار الغاز في إطار العقود المبرمة، بعد ما خسرت امتياز الزبون التفضيلي، إثر تعليق العمل ببنود معاهدة الصداقة والتعاون، من جانب واحد في جوان المنصرم.
ومن بين الملفات العالقة بين الجزائر وباريس، قضية التأشيرة، اذ لا تزال السلطات الفرنسية تتماطل في رفع الحواجز أمام تنقل الأشخاص استنادا للاتفاقيات الثنائية ومن بينها اتفاقية 1968، وقد أكدت تصريحات الرئيس الفرنسي من تونس، على هامش قمة الفرانكوفونية، على مواصلة تعنتها.
كما يشكل ملف الذاكرة من بين المسائل العالقة، ويبدو أن تجاهل ماكرون للذكرى الـ68 لاندلاع الثورة، وعدم قيامه بأية خطوة تتماشى وتطلعات الجزائريين، من قبيل الاعتراف بجرائم الاحتلال والاعتذار والتعويض عنها، أغضب الطرف الجزائري، الذي ربما بدأ يفكر في إعادة النظر في الانخراط في مسعى اللجنة المختلطة من المؤرخين لحل مشكلة الذاكرة، التي أعلنها ماكرون خلال زيارته للجزائر.
أما المسألة الأخرى، فهي موقف فرنسا من القضية الصحراوية على مستوى هيئة الأمم المتحدة، وبالضبط خلال جلسة التصويت على تجديد مهمة بعثة لأمم المتحدة للاستفتاء في الصحراء الغربية “المينورسو”، التي جرت بعد أسبوعين من زيارة رئيسة الحكومة الفرنسية للجزائر، إذ صوتت باريس بالإيجاب، فيما كان الطرف الجزائر ينتظر الامتناع على الأقل. وإن تراجعت باريس خطوة إلى الوراء، بعدم تبرير موقفها، كما جرت العادة بدعم مخطط الحكم الذاتي، هذه المرة، إلا أن ذلك اعتبر من قبل الطرف الجزائري، لا يتناسب والتطور الذي تشهده العلاقات الثنائية في الآونة الأخيرة.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!