-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بسبب التضييق الأمني الناجح ضد عمليات الترويج في الجزائر

“بطون بشريّة” لنقل المخدرات..!

كريمة خلاص
  • 6235
  • 0
“بطون بشريّة” لنقل المخدرات..!
أرشيف

بعد التضييق والتشديد الأمني اللذين تشهدهما عمليات ترويج ونقل المخدرات في الجزائر من قبل مصالح الأمن الوطني في مختلف الحواجز الأمنية والمداهمات، لجأ تجار هذه السموم لاسيما باهظة الثمن منها، إلى استحداث طرق أخرى تتمثل في الاعتماد على “بطون بشرية” ناقلة للمخدرات عابرة للحدود، غير أنها الآن باتت تستعمل بين الولايات بشكل لافت جدا…
وازدهرت سوق النقل البشري للمخدرات الصلبة في الآونة الأخيرة، حيث يقع الاختيار على بعض الأشخاص المستعدين لابتلاع كميات معتبرة من هذه السموم، وقطع مسافات طويلة بها على أساس إعادة إخراجها طبيعيا مع قضاء الحاجات البيولوجية “البراز” في آجال تمتد بين 12 إلى 36 ساعة أو باستعمال أدوية مثبطة ومسهّلة، ومنه يتم تسليمها لأصحابها في المكان والزمان المتفق عليه مقابل مبالغ مالية مغرية.
وعادة ما يبتلع المهرّبون مع هذه الكبسولات الصغيرة بطارية صغيرة لإحباط اكتشافهم عبر محطات السكانير والتحاليل الإشعاعية التي قد يخضعون لها.
ويبتلع “الناقل” حتى 180 كبسولة وفق أقصى الحالات المسجلة ببلادنا، ويلجأ المهرب إلى حيل مختلفة ليحتفظ بالعبوات في الجهاز الهضمي أثناء الرحلة، مثل تناول جرعات عالية من مثبطات العبور المعوي والامتناع عن تناول الطعام للاحتفاظ بها مدة طويلة لغاية اجتياز المسافة المحددة.
وتكشف مصالح الأمن بين الحين والآخر عمليات من هذا القبيل، حيث يضبط الأشخاص في وضعيات مشبوهة، ويتم على إثر ذلك تحويل المشكوك فيهم نحو مصالح طبية متخصصة للخضوع للفحص والتصوير الطبي الذي غالبا ما يثبت وجود كميات معتبرة في بطون المعنيين الذين يخضعون للإسعافات الأولية وإنقاذ حياتهم.

80 بالمائة من الناقلين أجانب
وفي هذا السياق، أفاد البروفيسور رشيد بلحاج رئيس مصلحة الطب الشرعي بمستشفى مصطفى باشا الجامعي بأنّ المصالح الاستشفائية تتكفل برعاية الأشخاص الناقلين للمخدرات في بطونهم لتجنب موت أكيد لهم وتقوم بمرافقتهم في التخلص من كامل الكمية الحاملين لها بشكل آمن لا يضرهم صحيا، وذلك بسبب ما قد يحصل من حوادث تفسّخ جرعة في بطن الشخص، الأمر الذي قد يتسبب في موته.
وأضاف البروفيسور بلحاج أنّ هؤلاء الناقلين يجهلون المخاطر الصحية التي يعرضون أنفسهم لها مقابل ما يجنونه من أموال لن تغنيهم عن صحتهم وسلامتهم، مركزا على أنّهم مجرد “أجسام ناقلة” وليسوا تجارا أصليين فهم كما قال ضحايا ووسائل تستعملها “البارونات” الكبيرة لإغراق السوق بهذه السموم بعيدا عن أعين الرقابة.
ويتم اعتماد هذه الطريق، حسب المختص، في نقل المخدرات الصلبة مثل الهيروين والكوكايين التي تعتبر باهظة الثمن وتدرّ أرباحا جمّة، يتخوف أصحابها من اكتشاف أمرهم خلال عمليات المراقبة الروتينية عبر الحواجز الأمنية.
ولفت بلحاج الانتباه إلى أنّ الظاهرة تعرف انتشارا أكثر من السابق وأغلبية المنفّذين لها من الأجانب بنسب تتجاوز 80 بالمائة، غير أنّها كانت تقتصر في وقت سابق على الحدود الخارجية للوطن، لكنها اليوم أصبحت تنظّم بشكل أكبر داخل تراب الوطن وبين الولايات بالنظر إلى تشديد المصالح الأمنية رقابتها.
وكشف البروفيسور بلحاج رشيد عن تسجيل مصالح الطب الشرعي، بالأخص مصلحته بمستشفى مصطفى باشا لحالات وفاة متزايدة وسط الشباب بجرعات زائدة منها بالأخص الكوكايين و”التشوشنا” التي تعد خليطا من المخدرات والمهلوسات، وهي ظاهرة كما قال لم تعد تقتصر على الأشخاص البائسين والفقراء الذين يعانون الحرمان أو المشاكل الاجتماعية، بل أصبحت تسجل على مستوى عائلات غنية ومترفة ما يبعث على التساؤل ويدعو إلى الوقوف على الأسباب والخلفيات.

استخراج المخدرات من البطون تحت حراسة مشددة
وفصّل البروفيسور رشيد بلحاج في عملية استقبال المشبوهين والتكفل بهم، حيث قال “بعد تقديم الأشخاص المشبوه فيهم للفحص في المصالح الاستعجالية تقوم مصلحة الطب الشرعي بفحصهم بواسطة جهاز “السكانير” وعندما يتبين وجود أشياء مشبوه فيها بالبطن نقوم بعدها بإدخالهم إلى وحدة خاصة وحيدة على المستوى الوطني هي “وحدة التكفل بالأشخاص الحاملين للمخدرات” من الناحية الإنسانية فيه خطر كبير على صحتهم وحياتهم فلو تتمزق كبسولة واحدة فقط يكون الموت الحتمي بواسطة التسمم بهذه المواد الخطيرة “الكوكايين أو الهيروين”.
وهنا يكون عمل طبي تنسيقي تحت إشراف مصلحة الطب الشرعي وطبيب الأشعة والإنعاش والجراح طبيب الفحص بواسطة المنظار “الأمراض الهضمية” كما يتم إجراء تحاليل كاملة وشاملة تحسّبا لأي طوارئ قد تحدث إذا تحتم إجراء عملية جراحية، فهذه الحالة استعجالية تتطلب تدخل مختص ومستعجل كما أنّ المواد الموجودة في البطن تعتبر دليلا قضائيا لأن مصالح الأمن تقوم بحراستهم فأي كمية تخرج من الجسم تعتبر دليل جريمة وأثناء الاستخراج يستوجب حضور المصالح الأمنية.
ويمكث الشخص في المصلحة بين 5 أيام إلى أسبوع لإخراج كامل الكمية وفي أغلب الحالات المدة لا تتجاوز 48 ساعة، وذلك حسب الكميات التي يتناولها، حيث يقدم له أدوية تسهل عملية الاستخراج بدون إسهال أو تعقيدات صحية ويبقى تحت المراقبة بعدها تخرج الكمية على مراحل كل 3 ساعات تقريبا.
وأثناء إخراج المخدرات خصّصت الوحدة مكانا خاصا في شكل مرحاض اصطناعي احتراما لكرامة الإنسان وتوفير النظافة، حيث يجلس فيه الشخص بأريحية احتراما لحرمته ففضلاته لا ترمى في مجاري الصرف الصحي، وإنّما تصفّى وبعدها تستلم هذه الكميات من المخدرات.

98 شخصا ناقلا للمخدرات في البطن خلال العامين الماضيين
وكشف البروفيسور بلحاج، عن تقديم 98 شخصا مرّوا على المصلحة في غضون السنتين الأخيرتين، تم فحصهم بالمصلحة أغلبهم من الساحل الإفريقي وكلّهم شباب تتراوح أعمارهم بين 22-40 عاما.
وأوضح المتحدث أنّ الأشخاص الوافدين من دول المغرب العربي يحملون القنب الهندي، أما الوافدون من دول الجنوب الجزائري ومن دول إفريقية فيجلبون مواد خطيرة مثل الكوكايين والهيروين.
وأشار البروفيسور بلحاج إلى أنّ الظاهرة دخيلة على بلادنا، وبعض الأشخاص يتنقلون إلى الحدود لتناول هذه المواد ويمرون على هذه الحواجز، واصفا القائمين بهذه المهمة بضحايا عصابات إجرامية خطيرة وهم عبارة “عن بغال” يحملون عليها سمومهم الظاهرة كانت معروفة في أمريكا الجنوبية وهي دخيلة على بلادنا انتشرت مع انطلاق مطار هواري بومدين الجديد وينفذها بالأخص رعايا أفارقة.

حذار.. تعقيدات صحية قاتلة
وتحدّث البروفيسور بلحاج عن تعقيدات صحية خطيرة قد تصيب الناقلين للمخدرات في بطونهم ومنها بالأخص النزيف الدموي وانسداد في الأمعاء أو الموت الحقيقي في حال طول مدة استخراج الكبسولات أو تمزقها داخل البطن.
ويحاول الفريق الطبي استخراج المخدرات بالمنظار أو بشكل طبيعي وإذا لم تسر العملية على الشكل المطلوب واستحالت يتم إجراء عملية جراحية، مشيرا إلى وفاة ثلاثة أشخاص أحدهم في المطار، وبعد التشريح تبين أن الشخص كان يحمل 1 كلغ من الهيروين وإحدى الكبسولات فتحت وهو ما كان سببا مباشرا للوفاة.
وذكر المختص أنّ النقل لا يقتصر على الرجال فقط بل أحيانا الأزواج أيضا والإناث وهو ما يعني أنّ الإجرام المنظم يخطط جيدا لاستدراج كامل الفئات، وذلك مقابل مبالغ تصل 10 ملايين سنتيم أصحابها كلهم في ظروف اجتماعية صعبة، حيث تجند العصابات هؤلاء الأشخاص لأغراضها.

هكذا تطور الإدمان في الجزائر
عرف المجتمع الجزائري بعد الاستقلال وفق لدراسة أعدها فرقي طبي بمصلحة الطب الشرعي لمصطفى باشا مراحل مختلفة للإدمان، حيث أفاد بلحاج بأن من أهم الظواهر السلبية التي كانت تسجل لدى الأفراد عقب الاستقلال هي استهلاك الكحول وممارسة القمار، بعدها برزت ما يعرف بالصحوة الإسلامية وتم محاربة هذين السلوكين ليبرز على إثر ذلك الكيف بشكل كبير خاصة في وجود بلد مجاور وبعد التطور العلمي الكبير في الصناعة الصيدلانية بدأت تظهر المهلوسات والمؤثرات العقلية ومررنا بفترة أخرى هي القنب الهندي الآن نحن في مرحلة أخطر هي الهيروين والكوكايين وهنا يتساءل المختص هل لأن سعرها انخفض فالجميع يعلم أنها مخدرات الأثرياء، حيث إنّ سعر الغرام سابقا كان يتراوح بين 30-40 ألف دج، الآن الغرام يتراوح بين 10 و20 ألف دج حسب النوع.

فليكسي الدم.. آخر صيحات الإدمان
ومن آخر صيحات الإدمان التي تحدث عنها المختص بالنظر إلى ما يصله من حالات ما يعرف في أوساط الشباب بـ”فليكسي الدم”من قبل من لا يملكون المال لشراء الكوكايين أو الهيرويين، وهنا قال بلحاج “والظاهرة العجيبة التي تذهل سامعيها وتعد آخر صيحات الإدمان والتعاطي هي ظاهرة “فليكسيلي” والتي تعني أن الشخص الذي تعاطى الكوكايين يحقن دمه في حقنة ويعيد حقنها للشخص الآخر من أجل الشعور بالسعادة الاصطناعية المؤقتة.
ودقّ البروفيسور بلحاج ناقوس الخطر تجاه هذه الظاهرة المدمّرة للمجتمع الجزائري والتي تعصف بخيرة ومستقبل الوطن، حيث تستهدف الشباب الذي يعوّل عليه لاستلام المشعل، داعيا الأولياء وجميع الفعاليات في المجتمع إلى فرض يقظة أكبر على أبنائهم ومتابعتهم يوميا وتوعيتهم بما يخططه ويكيده لهم هؤلاء المجرمون.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!