الجزائر
وصفها بأنها أصعب مهمة تنتظره

بعد تنصيب تبون.. أي حكومة لمرحلة استثنائية؟

الشروق أونلاين
  • 5419
  • 6
ح.م

استهل عبد المجيد تبون مهمته في قصر المرادية، بالتخلي عن خدمات نور الدين بدوي على رأس الحكومة وتكليف وزير الخارجية صبري بوقادوم بقيادة الطاقم الوزاري الحالي لتصريف الأعمال، إلى غاية تعيين حكومة جديدةـ تبدو ظروف تشكيلها جد معقدة.

واعترف تبون في أول خرجة إعلامية له بعد إعلان نتائج الانتخابات، أن “أصعب مهمة” تواجهه حاليا هي تعيين حكومة جديدة تلقى قبولا في الشارع، وتجسد وعوده بإحداث قطيعة مع المرحلة السابقة وتحقيق التغيير المطلوب.

وأعطى الساكن الجديد لقصر المرادية إشارات عن تصوره لأول حكومة في فترة حكمه، بأنها ستكون منفتحة على عنصر الشباب من الجنسين بالدرجة الأولى، لكن دون توضيحات أكثر حول طريقة تشكيلها رغم أن الجميع يرجح أن تكون تركيبتها من تكنوقراطيين.

وفور تسلمه مهامه وكما كان متوقعا، أبعد تبون الوزير الأول نور الدين بدوي من رئاسة الحكومة بقبول استقالته، في رسالة تهدئة للشارع بحكم أن ذلك ظل مطلبا لأشهر كما أبعد وزير الداخلية صلاح الدين دحمون لنفس الأسباب أيضا.

وستكون الخطوة القادمة لرئيس الجمهورية الجديد، هي مباشرة مشاورات لتشكيل الحكومة الجديدة، وهي عملية تكون قد بدأت أصلا، وأهم شق فيها هو تعيين وزير أول تبدو معايير اختياره جد معقدة ودقيقة وتخضع لعدة اعتبارات سياسية وحتى قانونية.

وفي الشق القانوني ينص الدستور على أن رئيس الجمهورية يستشير الأغلبية البرلمانية في تعيين الوزير الأول، وهي استشارة وإن كانت شكلية لكنها مهمة لتسهيل حصول الحكومة الجديدة على الثقة لتنفيذ برنامجها.

ويقود الحديث عن الأغلبية البرلمانية، إلى تركيبة المجلس الشعبي الوطني بالدرجة الأولى والذي يسيطر عليه حزبا جبهة التحرير الوطني والتجمع الوطني الديمقراطي بأغلبية يصفها الشارع بـ”المفبركة”، كما أن الانتخابات الرئاسية الأخيرة، أظهرت حجمهما في الواقع.

وتبدو إمكانية تعطيل الحزبين لمسار منح الثقة لبرنامج الحكومة الجديدة مستبعدة، كونهما يعيشان حالة أزمة داخلية وضعف للقيادة، فضلا عن أن انتخاب سليمان شنين رئيسا للمجلس الشعبي الوطني، أظهر استعدادهما للتنازل تحت ضغط الشارع وتغير المعادلة السياسية في القمة.

أما التحدي الآخر للحكومة الجديدة وهو الأهم فهو “إقناع الشارع”، مع تواصل الحراك الشعبي الذي يطالب بتغيير جذري للوجوه والممارسات السابقة في تقلد المسؤوليات، وبالتالي فرئيس الجمهورية مطالب بتقديم طاقم حكومي بالتأكيد لن يحقق إجماعا ولكن من أجل تأكيد تعهداته بإحداث التغيير، لكن كيف سيتحقق ذلك؟

ستكشف الساعات القادمة إن كان تبون سيفتح المشاورات حول تسمية وزير أول بصيغة “التوافق” بين مختلف التيارات، تمهيدا لفتح النقاش حول تعديل الدستور، أم سيكون شخصية جديدة تكنوقراطية تكلف فقط بتنفيذ برنامجه وخاصة في شقيه الاجتماعي والاقتصادي لكسب رهان الجبهة الاجتماعية.

ويبدو تحقيق توافق واسع أمرا صعبا في هذه المرحلة، كون بعض التيارات في الساحة، ترفض من حيث المبدأ أي تواصل مع السلطة ممثلة في رئيس الجمهورية، ولا تعترف حتى بالمسار السياسي الحالي، وهو أمر سيدفع إلى تجاوز هذه العقبة، بالتركيز على تقديم فريق حكومي قادر على تجسيد وعود الرئيس المستعجلة في هذه المرحلة.

لكن إعلان رئيس الجمهورية عزمه فتح ورشة تعديل الدستور خلال أشهر أو أسابيع، يحيل على الاعتقاد بأن الحكومة الجديدة ستكون أيضا لفترة وجيزة، من أجل إطلاق ما أسماها إصلاحات اقتصادية واجتماعية مستعجلة في انتظار ترتيب الأوراق السياسية في الساحة.

وما يدفع إلى هذا الطرح، هو أن تعديل الدستور عبر استفتاء شعبي والذهاب إلى تعديل قوانين تسير الحياة السياسية، مثل قانوني الانتخابات والأحزاب، في السنة الأولى لعهدة تبون، ستكون أول محطة بعده هي حل البرلمان والمجالس المنتخبة والذهاب إلى انتخابات مسبقة.

وسيكون هذا المسار بمثابة العودة في النهاية إلى تغيير حكومي آخر، يتماشى مع وضع سياسي وقانوني جديد يفرزه الدستور، الذي يرجح أن يقر العودة إلى ثنائية السلطة التنفيذية بين الرئيس ورئيس الحكومةالمنبثق من الأغلبية البرلمانية التي ستنتج عن الانتخابات القادمة.

مقالات ذات صلة