بعد توقع الأطباء وفاته.. صلاح يرفع التحدي مرتلا ومؤذنا

تلتقي في الشاب صلاح الدين بوداود، المولود بتاريخ 24 أوت 2003 بالمسيلة، منذ أن كان طفلا جملة من خصائص الإنسان الذي يبحث عن المناخ الاجتماعي الذي يدعمه ويحفزه لكي يفجر طاقاته الكامنة. وذلك منذ أن قطع من عمره مرحلة حرجة بين الحياة والموت، فقد خضع لعملية جراحية على الدماغ عند ولادته، كانت لحظة عسيرة وقلقة بالنسبة لوالديه، بل هناك من اعتقد بأنه مفارق للحياة في أي لحظة، الأمر الذي طالما كرّره طبيبه في حضرة والديه، على اعتبار أن العملية التي أجريت له معقدة ودقيقة في نفس الوقت.
استمر وضع صلاح بين الاستقرار تارة وبين الحرج والخوف على حياته تارة أخرى، ولكن قدرة الله شاءت أن تستمر الحياة في جسده المنهك، كانت الرحلة مستمرة وشاقة لوالديه وذويه بين الأطباء والعيادات الاستشفائية، أملا في أن يتعافى من الحالة التي عاشها لأكثر من سنتين، غيبوبة تارة وتوتر تارة أخرى، ونفحات حياتية تارة أخرى، كانت علامات النباهة والفطنة وحب التفوق تتجلى في شخصية صلاح كلما تقدم في السن، كان يتحدث بطلاقة دون تردد يخاطب الكبار بأفكار ولغة الكبار، بل كان منذ الصغر يحبذ ويميل لمجالس الكبار.
كان محيط صلاح الدين الاجتماعي يتساءل عن نوع هذه الشخصية الكامنة في أعماق هذا الطفل، الذي كبر قبل أن يكون طفلا كما كان يردد أفراد أسرته بل حتى معلموه في المدرسة، كانت مرافقتهم له على أساس ما يمتلكه من مميزات وعلامات ربما لا تتناسب مع الكثير من الأطفال الذين كان يجلس معهم في القسم، لقد كان يتصرف في الكثير من الأحيان على أساس أنه قائد، وكان في كل مرة يريد من والده أن يدفع به إلى إحدى الزوايا لحفظ القرآن، حيث أتم لحد الساعة حفظ 35 حزبا، واستمر على هذا النحو كله، اجتهاد وتطلع لأجل أن يكون مرتلا لكتاب الله ومؤذنا في المساجد.
التقت به “الشروق” في أكثر من مناسبة، كان يبادر بافتتاح الجلسات وختمها بالدعاء، ويحدث أن يؤم الناس، وكثيرا ما يرفع الأذان للصلاة، ويعقد للزواج القران الشرعي، وشارك صلاح الدين في العديد من المسابقات الخاصة بتجويد القرآن وترتيله وفق الأحكام، وفاز بعدة جوائز تقديرا له على اجتهاده المتواصل في العديد من المناسبات، أكد لـ”الشروق” أنه تحدى كل الظروف لأجل أن يصبح حافظا لكتاب الله ومن المقرئين في الجزائر، ومن حين إلى آخر يتقدم لإمامة المصلين.
باشر تجسيد طموحه حاليا في إكمال حفظ كتاب الله وعلى هذا الأساس اختار زاوية بولاية برج بوعريريج لتحقيق هدفه.