الجزائر
نشطاء افتراضيون بـ 6 مليون مشترك و"سوق التدوين" تنتعش منذ 22 فيفري

“بلوغرز” و”فايسبوكرز”.. جزائريون “يسترزقون” من الحراك!

مريم زكري
  • 782
  • 0
"بلوغرز" و"فايسبوكرز".. جزائريون "يسترزقون" من الحراك!

بالرغم من غياب إحصائيات دقيقة حول عدد المدونين عبر الفيديو وحتى أصحاب صفحات التواصل الاجتماعي في الجزائر، إلا أن جولة سريعة في الفضاء الأزرق، وحتى موقع أنستغرام، تكشف عن أسماء أصحاب الحسابات الذين تمكنوا من حصد أكبر عدد من المتابعين خلال الأشهر الأخيرة وتصدر اهتمامات الجزائريين، والملفت هذه المرة أن أشخاصا نشروا صورا عن الحراك الشعبي ومقاطع من المسيرات المليونية التي تشهدها الجزائر كل جمعة، استطاعوا في فترة وجيزة جمع ملايين المشاهدات والإجابات والاشتراكات والمتابعات.

“كوين رانيا” أو حسناء المظاهرات.. حساب جديد لأنستغرام بــ 100 ألف مشترك

“كوين رانيا”، أو ما تعرف في أوساط الجزائريين وعشاق “أنستغرام” بجميلة المظاهرات، استطاعت أن تحجز لنفسها مكانا مرموقا في عالم تسويق مواد التجميل، والملابس النسائية، منذ الجمعة الأولى للحراك بعد أن فتحت حسابا جديدا ونشرت صورة لها من ساحة أول ماي، فجلبت 11 ألف معجب و422 تعليقا، لتتوالى بعدها 266 صورة ، معظمها من الجمعات الـ16، فظفرت في الأخير بـ100 ألف متابع وعروض تسويق منتجات مواد التجميل لعلامات تجارية مشهورة وحتى عباءات إسلامية، وتتحول في ظرف أسابيع إلى ممارسة مهنة “فاشينستا” ومحترفة “ماكياج”، على اليوتوب وأنستغرام مقابل دخل معتبر، متفوقة بذلك على من سبقوها للمهنة بزمن بعيد، ليصبح الحراك بوابة الشهرة وجني المال بالنسبة لها.

صفحة دوبل كانون.. مليون مشترك جديد بعد الحراك

واحتل مغني “الراب” الجزائري لطفي دوبل كانون، المرتبة الأولى عبر صفحة الفيسبوك، وهو رقم ارتفع بأزيد من مليون مشترك، منذ بداية الحراك الشعبي وقبله بأيام، في ظل الحديث عن خروج الجزائريين في مظاهرات شعبية، وترويجه للحراك ونشره لمقاطع فيديو وحتى تسجيلات تتحدث عن ذلك، وبعدها نشر فيديوهات لايف من رحم الحراك، كل ذلك مكنه أن يجمع 5.9 مليون مشترك شهر جوان الجاري بعد أن كان عددهم 4.5 مليون مشترك شهر جانفي الماضي، وتمكن دوبل كانون من التربع على عرش اليوتوب أيضا بتسجيل أزيد من مليون مشاهدة لمعظم فيديوهاته، والأغاني المروجة لتغيير النظام، وحتى صوره عبر أنستغرام جمعت أزيد من مائة ألف “معجب”.

هذه “الصفحات المليونية” الأكثر انتعاشا منذ 22 فيفري

وغير بعيد عن ذلك، طفت العديد من صفحات عبر الفايسبوك للواجهة خلال فترة الحراك، وحملت العديد من الأسماء على غرار “في بلادي ألجيري” التي تنشر أخبارا وتجمع آراءا حول الوضع السياسي، ومقتطفات من “الجمعات الـ16″، والتي تضم اليوم 3.06 مليون مشترك، وكذا صفحة “ألجيري تيم”، أو فريق الجزائر، حيث لا تخلو منشورات هذه الصفحة من عبارات “تتنحاو قاع” و”كليتو البلاد يا السراقين”، وغيرها من الشعارات فاستطاعت أن تتفوق في ظرف شهرين وتحظى بـ4.1 مليون مشترك، فيما ظفرت صفحة ” الجزائر وما أدراك ما الجزائر” بـ2.8 مليون مشترك، و”بنات ألجيري” التي تنشر أكثر مضامين عن “الحراكيات النساء في الجزائر”، والتي حظيت بـ1.1 مليون مشترك.

المدونون والبلوغرز.. حزب المعارضة و”البزنس” الجديد

وحسب الخبير في المعلوماتية والتكنولوجيا يونس قرار، يسعى المدونون عبر المواقع التواصل الاجتماعي والانستجرام وحتى مواقع الويب لإطلاق فيديوهات ومنشورات كل حسب المجال الذي يبدع فيه، وتجاوزت الفن والرقص والغناء لتمتد نحو بعض المجالات العلمية، وقال الخبير إن المواهب في وقت سابق كانت تسعى لتحقيق ظهور على الطريقة التقليدية بعد مدة طويلة من النشاط، لتكسب في النهاية البروز عبر شاشة التلفاز، غير أن الأمر اختلف مؤخرا وأصبح هؤلاء المبدعون ينشطون بفضل مواقع التواصل الاجتماعي ومن خلاله يتم تحقيق شهرة واسعة في ظرف ساعات فقط، وحصد ملايين الاشتراكات، وتجمع الآلاف لمشاهدة خطاباتهم المباشرة عبر النت، بعد برمجتهم مواعيد لبثها و التي تصل إلى 30 ألف متابع على الانترنت.

ويضيف قرار أن هؤلاء يسعون لنشر أفكارهم وتوجهاتهم بأسماءهم أو حتى بأسماء مستعارة، وتكون قناعتهم عالية اتجاه الأفكار التي يروجون لها لتحقيق النتيجة المطلوبة.

من جانب أخر لفت يونس قرار خلال حديثه إلى “الشروق أونلاين” عن بروز فئة مدونين في المجال السياسي مع بداية حراك فيفري، الهدف منها يكون التعبير عن أرائهم وإبداعاتهم ومعارضاتهم للنظام بتقديم اقتراحات وحلول قد تكون مخرجا للازمة السياسية، ولمح قرار إلى أن الحراك فتح المجال وأعطى لهؤلاء فرصة ثمينة لتحقيق شهرة واسعة و انتشار كبير، إذ أن بعض الصفحات أصبحت تحقق أرباحا طائلة وعائدات مالية بصفة مباشرة عن طريق الإعلانات والإشهار لبعض المؤسسات الاقتصادية ، وغير مباشرة تكون بعرض الصفحات للبيع والمزايدة بين رجال الأعمال والشخصيات السياسية الراغبين في الحصول عليها.

100 دولار شهريا عن كل 30 ألف متابع لجزائريي اليوتوب

وقال يونس قرار أن المداخيل التي تجنى عن ذلك تكون ضخمة مقارنة بما يتم الحصول عليه عن طريق مشتركين بتطبيق اليوتيوب الذي يعرض ما بين 70 إلى 100 دولار شهريا لكل مشترك مقابل تحقيق 30 ألف متابع، وقد يتضاعف هامش الربح مع ازدياد نسبة المتابعة، التي قد تصل الى ملايين الاعجابات.

صفحات جزائرية في المزاد الإلكتروني.. لمن يدفع أكثر

و حسب ذات المتحدث تعتبر الصفحة أو المدون قد حقق تأثير عبر المنصات الإلكترونية، في حالة بلوغ عدد المتابعين له مابين 10 الى 30 ألف متابع و يكون في أغلب الحالات دون مقابل ، غير أن الانتشار يتسع ليصل إلى ما بين مليون و 5 ملايين شخص آو إعجاب، وهناك تسعى شخصيات نافذة ورجال أعمال وأحزاب لشرائها واستثمارها، وفي بعض الحالات يكون إصرارهم على إسترجاع صفحات إستغلت سابقا لنشر أخبار ومعلومات تضرهم بإيعاز من جهات أخرى، لتحويلها إلى صالحهم والتكذيب عبرها ما تم الترويج له ضدهم، وحسب قرار قد تحدث صراعات الكترونية والمزايدة بمبالغ خيالية حول تلك الصفحات للفوز بها، وهنا ذكر المتحدث انه يفتح المجال للاستغلال السلبي لمواقع التواصل الاجتماعي خاصة منها “الفايسبوك”، كما انه توجد صفحات مأجورة غالبا ما تكون بدعم من أطراف مجهولة يصل امتدادها لخارج الوطن، بهدف زرع الفتنة والأفكار التطرفية والعنصرية بين أبناء الشعب، ولا يعرف من يكون وراءها.

النشطاء الجدد يواجهون مستقبل غامض .. “مداخيل الحراك” لن تستمر!

من جهته خبير تكنولوجيات الإعلام والاتصال إيهاب تيكور اعتبر أن الفايسبوك والمدونات الإلكترونية، وحتى التدوين عبر الفيديو ومنصات “بلوغر” أصبحت وسيلة جديدة لجني الأرباح منذ بداية الحراك يوم الجمعة 22 فيفري، وسلاحا فتاكا في أيدي شباب الويب الذي ظل يبحث لأشهر وربما لسنوات عن طريقة تمكنه من جعل صفحته أو مدونته الإلكترونية تجمع متابعين بالملايين، وتدخل مرحلة “المردودية المالية”.

ويقول تيكور أن استغلال الحراك لجني المال عبر جمع المتابعين والحصول بعدها على عروض إشهارية، من طرف بعض المتعاملين الاقتصاديين، أو حتى صفقات بيع وشراء صفحات التواصل الإجتماعي، بعد بلوغ “المليونية”، أو مليون متابع، أمر محفز ومربح في بدايته، لكنه لن يدوم، فهؤلاء الناشطون مطالبون بعدم الوقوف عند هذه النقطة، وإنما مواصلة العمل والإبداع حتى لا تصطدم صفحاتهم بعزوف المشتركين والمتابعين وإلغاء الإعجاب تلقائيا بمجرد هدوء الحراك وعودة الاستقرار للجزائر بعد الانتخابات الرئاسية.

لا إحصائيات حول مستخدمي الويب في الجزائر منذ 2017

ونفى تيكور وجود إحصائيات رسمية، حول العدد الحقيقي لأصحاب المدونات الإلكترونية في الجزائر، أو مستخدمي منصة بلوغر، وحتى رواد مواقع التواصل الإجتماعي وأصحاب الصفحات، مشيرا إلى أن آخر الأرقام الرسمية تم نشرها سنة 2017، مطالبا الحكومة اليوم بإعادة إجراء دراسة جديدة لجرد جمهور الويب ونشطاء الفيسبوك وأنستغرام، وهم الذين يلعبون دورا هاما في “البزنس الجديد”، ممثلا في جمع المشتركين والمتابعين وإعادة بيع الصفحات، أو جني المال عبر متابعي الفيديو من موقع يوتوب، وحتى الاستفادة من إشهار المتعاملين الاقتصاديين، وكلها تصب في هدف واحد وهو رفع مداخليهم.

وذهب المتحدث أبعد من ذلك مؤكدا أن القانون اليوم يمنع بيع وشراء الصفحات الخاصة بالتواصل الاجتماعي، حيث تكتفي معظمها بتمرير رسائل إشهارية لبعض المتعاملين والمؤسسات مقابل عمولة مالية، داعيا إلى فرض رقابة أكثر في هذا المجال.

وفي ظل كل ما تشهده سوق التدوين الإلكتروني وحتى بورصة صفحات التواصل الاجتماعي في الجزائر من تطور، ازدادت وتيرتها مع بداية الحراك الشعبي يوم 22 فيفري الماضي، إلا أن الواقع الذي يعيشه الجزائريون ، يفرض ضرورة استحداث سلطة ضبط لتقنين نشاط هؤلاء وملأ الثغرات القانونية التي قد تكون منفذا لبعض الجهات لاستغلال النت بطريقة مشبوهة.. فمتى سيقنن الفضاء الافتراضي في الجزائر؟

مقالات ذات صلة