-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

بناء البشر أهم من الحجر!

حفيظ دراجي
  • 7250
  • 0
بناء البشر أهم من الحجر!

بمناسبة مناقشة قانون المالية 2016 وما ترتب عنه من تداعيات، استوقفني مثل غيري هذه الأيام تزايد الحديث في الجزائرعن المال ورجال الأعمال والمؤسسات والمشاريع والإنجازات المادية وكأن المجتمعات والأمم وحتى الدول تبنى فقط بالمال والاستثمار في المشاريع الاقتصادية دون غيرها من مشاريع التنمية البشرية والفكرية والعلمية والصحية، ودون تثمين للقيم واهتمام بالقدوة وبناء للأسرة باعتبارها الخلية الأساسية في المجتمع.

السلطة والمعارضة والصحافة وفئات كثيرة من المجتمع انشغلت كلها بالأسعار والأرقام وتكاليف الانفاق والعوائد، ونسيت بأن الاهتمام بالبشر هو أولى وأهم لأن الإنسان هو الذي يصنع الحضارة ويشيد المرافق، ويبني المستقبل وهو رأس المال الحقيقي الذي ترتكز عليه كل الأمم؛ وراحت تستثمر في العنصر البشري قبل الصناعة والفلاحة والسياحة.

كم من أمم ليس لها بترول ولا غاز ولا موارد طبيعية ومادية، لكنها تحتل المراتب الأولى في التنمية لأنها اهتمت ببناء الإنسان على أسس أخلاقية وفكرية وحضارية وعلمية، واهتمت بالأسرة والمدرسة والطفل والمرأة، وطورت منظومتها الصحية والاجتماعية قبل الاقتصادية والمالية، وبلغت فيها نسبة النمو أعلى معدلاتها مما ساهم في استقرار تلك الدول ونموها!

رغم أن ديننا يدعونا للاهتمام ببناء الفرد والاهتمام بالطفل والمرأة والأسرة، لكننا انشغلنا بالأمور المادية على الفكرية والثقافية والعلمية فتفشىت فينا مساوئ الأخلاق وارتفعت نسبة الطلاق والجريمة والعنف ضد المرأة وضد الأطفال، وتراجعت منظومتنا التربوية والصحية والثقافية، فصارت مجتمعاتنا هشة ومتخلفة ومعرضة لكل الأزمات.

اهتمام الآخرين بالإنسان تجسد في الاهتمام بالقدوة وتثمين مجهوداتها وإنجازاتها، في وقت انقلبت عندنا المعايير وصرنا نقتدي بالفاشلين والرديئين وأصحاب المال والمناصب عوض الدفع بالكفاءات من العلماء والمفكرين والناجحين في مختلف المجالات لنجعل منهم قدوة للآخرين بدل التشكيك فيهم وتخوينهم، والتقليل من شأنهم حتى لا تصغي إليهم الأجيال الصاعدة ولا تقتدي بهم!

المعلم والإمام والأب والأم لم يعد لهم شأن في المجتمع، والأسرة والمدرسة والمسجد تخلت عن رسائلها وفقدت مصداقيتها، وجمعيات المجتمع المدني والمنظمات الجماهيرية انشغلت بالسياسة، وتخلت عن مهامها في التأطير والتنظيم والتوعية ومساعدة كل الفئات الاجتماعية على تجاوز مشاكلها عوض المساهمة في بناء الإنسان الذي يبقى من مسؤوليتها كما هو من مسؤولية مؤسسات الدولة!  

كل الجزائريين اليوم يتحدثون فقط عن قانون المالية والاستثمارات والأموال والخسائر والأرباح جراء انخفاض أسعار البترول وتراجع قيمة الدينار وارتفاع نسبة التضخم وأسعار المواد الأولية وكأننا خلقنا من أجل ملء بطوننا وجيوبنا فقط؛ في وقت راحت الأمم الأخرى تحسب الربح والخسارة بمعايير أخرى لا تزول ولا تنتهي!  

القضية إذن ليست قضية أموال وموارد وثروات مادية بل هي مسألة أخلاقية وعلمية وفكرية وحضارية كان لابد من إعطائها الأولوية في بناء الفرد والمجتمع على أسس تسمح لنا بتجاوز كل الصعاب المترتبة عن الصعوبات المادية التي تواجهنا، وكان علينا أن نهتم بالأم والمعلم والقدوة باعتبارهم أطراف معادلة لا يمكن سوى أن تكون رابحة على المدى الطويل! 

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
  • الشيخ الفاعوص

    تلعثم محمد الهادي تعثمنا ***فصاح عثمان إياك لا تجارني تلعثما

  • حاج براهيم

    ولكن ماتقوله لو نطبقه على واقعكم العربي يا حفيظ نجد ك انسان تمويهي اعطيك مثال واحد من جنسك ومحيطك
    منذ1948 والاعراب تموت بفلسطين هل فعلت وفعلتم شيء لهؤلاء البشر
    لكن لما اسرائيل ارادت ان تهدم المسجد الاقصى *عبارة عن بناية بالحجر لا فيه لاروح لا عضم اقمتم القيامة
    فهم روحك وعربك ثم تعال وتقيأ على الجزائريين

  • الياس

    لذيك مثال حي امامك في سياسة السعودية و قطر كيف تبني الانسان في سورية و اليمن و اخرجت عمالقة من جامعاتها من بن لادن الى الظواهري و العلامة الكبير الذي استظيفة في قناة الجزيرة المدعو الجولاني

  • جزايري

    بناء البشر ب350مليون لل" اللاعب" و الملاييير "للمطربين"
    انت من اشهر وجوه المروجين لما يسمى "صناعة الترفيه" التي تخرج أبطالا ونجوما ليس في الطب و الفيزياء ولا العلوم الإنسانية ... بل في الكرة والغناء والرقص و المجون...
    ....أخي حفيظ :لن تصلح الناس وأنت فاسد ** * هيهات ما ابعد ما تكابد

  • سالم/ فيض البطمة

    المجتمع الجزائري الان لاينتج الا الفاسدين في كل إدارة في كل مؤسسة لانرى سيوى
    الفساد الأستاذ لا يتحصل على منصبه الا بوسيط او رشاوي اي موظف لا يشغل منصبا
    الا بوسيط او رشاوي كل رئيس البلدية لا يصل الى ما هو عليه الا بشراء الذمم و التحالف
    مع الادارة الفاسدة و المجتمع التائه الذي لا يبحث الا عن سكن او منصب شغل فكاتير
    ولتذهب الأمة للجحيم ..أكرر وأقول نحن بحاجة اى أبا روحي بحاجة الى ثورة أخلاقية
    إجتماعية تجعلنا نعيش لهدف ونفرح معا ونبكي معا.

  • الحاج ساعد

    انا أشد بيدك وأن تواصل تنوير أفكار الجزائريين فإن العاقبة للمتقين .

  • سالم/ فيض البطمة

    صحيح ان هم السلطة كان تجسيد المجسمات وبناء البنايات لكي توحي لنا أنها قدمت للوطن خلال هذه السنوات ما لم يقدم منذ الاستقلال الى الأن ، والحقيقة هي أجسام
    بلا روح وشعب بلا هدف سيوى ملىء الرصيد وبناء فيلات أغلبها خاوية على عروشها
    فنحن الأن بحاجة ألى أبا روحي والى قائد شجاع و عطوف سوى تمثل في شخص او
    في هيئةتشريعية او حكومية ، نحن بحاجة الى ثورة أخلاقية ثورة تزرع فينا الروح وتجعلنا
    نعيش لهدفا معين ولغاية نعمل من أجلها جميعا اليد في اليد نريد التغيير نريد التغيير
    نريد التغيير ....................

  • youcef

    رغم احترام لك ممكن تغير كلمة بناء بتربية و يكون العنوان تربية البشر اهم من البشر نريد منك حفيض تجسيد افكارك في الواقع لا في الجرايد و كدلك اصحابك ماجر و بلومي الدين هبلونا في التحليل لكن باش بواجهون الواقع وكل واحد مثلا بن الشيخ يحكم المولودية ويبيننا اين دو تاعوا و ماجر النصرية ويبيننا التالو ديالو بالتوفيق

  • كمال ابن الاستقلال

    هذا للاسف حال كل الدول العربية الغنية(بفضل البترول) كدول الخليج وانت تعرف هذا اكثر مني استثمرت في البنيان واهملت الانسان. سائق الطائرة ,مدير المستشفى, الخادم البسيط ,الصحفي . باختصار كل شيئ لاننا شعب مستهلك بامتياز. (دبي مثلا يكفيها صاروخ واحد فتمحى من الوجود والحديث قياص يا حفيظ)

  • Said

    الله سوف يحاسبنا لأننا سمحنا لهم ان يفعلوا ما فعلوه ببلادنا

  • نورالدين الجزائري

    في مقوّمات الدعاء و فهمه قبل الدعاء نفسه! و التفقه في فهم الواقع و أن ننزل النصوص و الأفكار و سن القوانين عدلا قسطا حقا على مواضيعها و لا نحاول غرق السمكة في الماء لقد رزقنا عقلا لنفكر به لا أن نضحك عليه و بالتالي يسخر منا الغير
    كفانا من الذين يبللون أيديهم بالدماء لتغسلها الدموع البريئة؟
    إن مخيّلة المجرم مهما كانت تسطو فهي ضعيفة، فلو تخيّل المشنقة أمامه لما أجرم! و لكن أين هم هؤلاء الذين يزرعون الأمن العدل و القسطاس و الذين هم يحبون أشياء أخرى غير أنفسهم يشعرون بما يصيّب الأخرين و يؤلمهم ؟!!

  • نورالدين الجزائري

    يسبح عكس التيار و لا يتبلل ! يحتقر كل جميل و يعجز عن فهم كل منير ! حتى وصلنا إلى هذه الموبيقات المهلكات من سفك للدماء إنتحار و خطف للبراعم ، فلا يعقل أنها سقطت علينا فجأة و لا يعقل أن تفوح غابة من روائح تعلوا فيها أشجار مّرة كالعلقم ، لو لا التربة و البذرة و مَن الذي اختار الغرس فيها ؟! الجزائر بستان جميل و لكنه يحتاج لمَن يعلم و يتقن زرع النباتات و يحب اللون الأخضر ، و الأطفال هي زهور تلك الحديقة الرائعة !
    هذا رأي قد يكون مقنعا و قد يكون منفرا أسأل ربي : ألطف أرحم و إهدنا سواء السبيل ، و إلى

  • نورالدين الجزائري

    مجتمع فاضل أو ظالم دواليب هذه المسؤولية في يد الدولة الراعي الأول و الأكبر مراقبة لكل طيش و زيغ في الأسرة أو المدرسة أو مرافق المجتمع لماذا ؟ لأن سلطة الآمر و الناهي في يدها : قوة تنفيذ القانون ! و تزيد مهمة الراعي بقدر و حجم سلطته ، و لا أعتقد أن النظام كفيف لا يرى إنهيار القدرة الشرائية للمواطن ؟ لا أظن أنه لا يعيّ إنهيار المنظومة التعليمية ؟ لم يكتشف له ميزان فقر الفقير و فحش الغني ؟ و يا آسفاه ! كيف تغير عندنا مفهوم الراعي لراعيته كيف أصبح المسؤول عن الرعية بمجرد جلوسه على كرسي الراعي يتأله

  • نورالدين الجزائري

    يل عنيف الأفكار و السلوكيات و تلك هي العلاقة الآسنة بين الناس إلا القليل منهم ، لا أظن بتاتا أن علماء النفس لهم الوصفة السحرية لظواهر جنّ عليها جن الإنس بسحر أعمق و أعظم من فلتات لسان أو حركة سكين أو إزهاق نفس خطأ أو ضغط نفسي ؟!! نحن نعيش ثقافات عنيفة جدا كلما سمحت لها الفرصة زادت ذروتها تخندقت في سلوكياتنا اليومية ، تزيد و تنقص حسب الظروف المواتية و الحق المهضوم، سياسة رعناء أفقدت المرء إحترام نفسه ليدمر غيره...
    كلكم راع و كل راعي مسؤول عن رعيته ؟ هذه المسؤولية تبدأ من الأسرة و المجتمع لتنتهي

  • نورالدين الجزائري

    بالدرجة الأولى أفرز أمراض عصفت بنا و صفعت سلوكنا : الرشاوي التعسف الإجتماعي التعامل بالفوضى والمحسوبية الخيانة و الإختلاسات.. و هذا و غيره يجر المجتمع لركوب أمواج عاتية حيث الفرد فيها هو مرغماً لا بطل ، يحاول بقاربه الهش النجّاة بكل طريقة و حيلة في مجتمع إختلط الخير بالشر فظهر عليه ، و الطيّور على أشكالها تطير و تحط ! تدني منظومة التعليم التي تحافظ على كيان و نسيج المجتمع الثقافي للأجيال منهارة وأمر بديهي أنها تأثرت بل ساقتها الإنحطاطات الثقافية الأخرى،فبدل ما ننشأ جيل ثقافة العلم و النصر صنعنا

  • نورالدين الجزائري

    البيان لا خير تحت طائلتها في فهم جوهر الكلمة ! و الحق هو أن الثقافة لا تغرد تحت جناح طائر و لا في جحر صرصور غامر ! يستحيل و ألف مستحيل أن تتفشى في المجتمع ظاهرة الإختطاف الإغتصاب والقتل بدون سبب إنهيار مرافق المجتمع ، بدأ بالأسرة إلى التعليم ثم المجتمع في غياب قوانين وضعية أو أحكام شرعية تنظمه و تسيّره . تفشي أمراض سلوكية خطيرة كالتي نعيشها لم تحدث بالصدفة و إنما تراكمات من مظالم حان وقتها لتنفجر على قلوبنا و تذهب بأمننا ، فصحنا ننادي و نناجي : الإعدام! الإعدام !
    لكل شر و قبيح ! الفساد السياسي

  • نورالدين الجزائري

    سألت عن مرض الزمان ؟ بكى و قال لي : المجتمع ينهار يا عــمي !
    ليس هناك ما هو أخطر من الثقافة ـ إذا فقهنا معناها ـ بأطيّافها التي تضم في حزمتها جم هائل و جم من العلوم و المعرف : الأخلاق القيّم التقاليد الأعراف أنماط الحياة التفكير التسيير و كذلك الحب و الكراهية السلم و الحرب الكرامة و الوضاعة ... نحن نعيش و نتألم ثقافات الإنحطاط في باطننا و ظاهرننا ، و يكفينا أن وزارة ثقافتنا لا تعيّ إلا الموسيقى المهرجنات و صالونات الشعر و وزيرها شاعر ! يتقن لغة الترادف في الكلمات و هي نظرية يعلمها أهل اللغة و