بن غبريط وامتحان العتبة..
حديث الوزيرة بن غبريط عن مصداقية البكالوريا وضرورة رد الاعتبار لهذا الامتحان المصيري، بإلغاء العتبة يكشف أنّ وزارة التربية هوت بمصداقية البكالوريا إلى الحضيض بتجاوبها مع المطلب الغريب للتلاميذ الذين كانوا يخرجون إلى الشارع، ويطالبون بحذف دروس كثيرة من المقرر الدراسي، وكانت الوزارة في كل مرة ترضخ لضغط التلاميذ باعتماد عتبة الدروس التي لا وجود لمثيلتها في العالم.
لكن يجب التذكير أنّ الوزير السابق، بابا أحمد، أطلق تصريحات مماثلة حول عزمه إلغاء العتبة، وبعد خروج التلاميذ إلى الشارع تراجع وأقر العتبة ضاربا بذلك مصداقية البكالوريا في الصميم. وهو نفس الأمر الذي قام به سلفه أبو بكر بن بوزيد، وهو ما شكل انحرافا كبيرا كانت نتائجه كارثية على المستوى الدّراسي للتلاميذ.
لذلك، فإن الوزيرة بن غبريط أمام امتحان حقيقي هو استعادة مصداقية البكالوريا بإلغاء العتبة أولا وبإعادة الانضباط في أوساط التلاميذ، لأنه لا يعقل أن يتدخل التلاميذ في المنهاج الدّراسي وطرق التسيير بحكم أنّهم غير مؤهلين للخوض في هذه المسائل. وعليه فإن الوزارة مطالبة باعتماد حد أدنى من الصرامة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه في السابق على الأقل.
وليس من العيب أن ترفض الوزارة الاستجابة لأي مظاهرة بهذا الخصوص، وذلك بعد أن توفّر كافة الشروط لإنهاء المقررات الدّراسية في وقتها، حينها يمكن أن تتخد عقوبات ضد التلاميذ الذين يخرجون إلى الشارع بدل الاهتمام بدروسهم وبذل الجهد في التحضير للبكالوريا.
ظاهرة أخرى لا تقل خطورة عن العتبة، وهي ظاهرة مقاطعة تلاميذ النّهائي للامتحانات الرسمية فور حصولهم على الاستدعاء الخاص بالبكالوريا، بل إن الكثير منهم لا يدخل امتحانات البكالوريا البيضاء التي كانت في ما مضى تمثل خطوة أساسية باتجاه النّجاح في البكالوريا لأنها تتيح للطّالب فرصة اختبار نفسه في التّعامل مع مواضيع البكالوريا وتجاوز العامل النفسي الذي يؤثر سلبا على الممتحنين.
وعليه، فإنّ التّوجه نحو البطاقة التّركيبية التي تأخذ نتائج الامتحانات الفصلية بعين الاعتبار في التّوجيه بالجامعة خيار سليم، على أن يقتصر الأمر عند ذلك، لأنّ فتح المجال للإنقاذ في البكالوريا يطعن في مصداقيتها بشكل أكبر مما فعلته عتبة الدّروس.
إن إخراج المدرسة من الوضع الكارثي التي هي عليه، يتطلّب تعاونا بين كل الفاعلين في القطاع، لأنّ التّجربة أثبتت أنّ العمل المنفرد والقرارات الارتجالية كارثة، وأن التّعامل مع 8 ملايين تلميذ كفئران تجارب خطيئة كبرى في حق هؤلاء.