الرأي

تأجيل قمة العرب حتى يحضر أمير عكة

حبيب راشدين
  • 4288
  • 17

قبل سنة كتبتُ مقالا تحت عنوان (قمَّة البحر الميت لتحنيط جامعة بلا روح) تطيرت فيه من اختيار ضفاف “البحر الميت” بأسفل نقطة تحت البحر في العالم وعلى مرمى حجر من فلسطين المحتلة منذ 70 سنة لقعد القمة العربية، لنُصدم هذا الأسبوع بقرار سعودي يؤجل عقد القمة الـ29 لجامعة الدول العربية بحجة انشغال السيسي بتدبير فوز “صعب” على عبد الفتاح!

القرار السعودي فيه إهانة لعموم العرب وتسفيهٌ لعقولهم، واحتقارٌ للإنسان العربي الذي بات يخشى على نفسه، ومصالحه، وأرضه، وعرضه، وسلامة عقله من قادته، أكثر ما يخشاه من قادة أي عدو تقليدي من الصهاينة ورعاتهم من الغرب والشرق.

يقينا، ليس للانتخابات الرئاسية المصرية دورٌ يُلتفت إليه، وقد كان موعدها معلوما منذ شهور، وليس للأزمة الخليجية دور؛ إذ لم يمنع النزاع مع قطر انعقاد قمة دول الخليج بالكويت، لنعلم بعد تحييد عذرين هما أقبح من ذنب، أن السبب الحقيقي ينبغي أن يُبحث عنه عند رب البيت الأبيض الأمريكي الذي يكون قد نطق بفيتو يمنع انعقاد أيّ قمة عربية، قبل نجاح قادة الخليج في ليِّ ذراع قادة السلطة الفلسطينية وإلباس عباس تاج أمير عكة.

قرار تأجيل القمة سبقته أنباء تقول: إن رئيس السلطة الفلسطينية يتعرَّض لضغوط لا تُطاق من بن سلمان والسيسي وحكام الأردن والمغرب والإمارات، تحثه على القبول بقرار ترمب، والإقلاع عن العناد، وإعداد القيادة الفلسطينية لقبول صفقة القرن الأمريكية الصهيونية، التي يمهِّد لها عسكر مصر بإخلاء “أرض الميعاد الفلسطيني” بصحراء سيناء، وتمهد لها سعودية بن سلمان بمشروع “نيوم” المُعَدّ للتطبيع الرقمي على إيقاع “عمي يا صاحب الجمال السح الدح امبو ادي الواد لابوه” بالأرض التي شهدت معركة تبوك مع فرنجة الروم. 

لنتذكر أن هذه الزمرة من القادة إنما تريد من المسلمين أن يسلِّموا أولى القبلتين وثالث الحرمين من دون قتال، في وقتٍ لم ينجح فيه لا الكيان الصهيوني، ولا حليفته أمريكا في تحقيق نصر عسكري  بيِّن على العرب وهم في أسوأ حال، لا في العراق حتى بعد تدميره، ولا في سورية حتى وهي تُدمَّر، ولا في لبنان الصغير الذي استعصى على شارون وأولمرت، ولا في غزة المحاصَرة من الجار العربي قبل العدو الصهيوني.

فكيف يطلب من الفلسطيني اليوم التنازلُ عن أرضه، والتفريط في عرضه إلى يوم القيامة، وهو ما يزال في رباط، لم يهزم الكيان الصهيوني روح المقاومة عنده، ورأينا صبية يقاتلون بأيديهم العارية كما فعلت الطفلة عهد التميمي، وشبابا يقاتل بالحجارة والسكين، ولم يعد أحدٌ منهم يعوِّل على الأشقاء، لا بدعم مالي محرَّم عليهم، ولا بحشد جيوش هي منشغلة بقتل المسلمين بأرض المسلمين، ويكفيهم أن يرفع الأشقاء عنهم أيديهم، فلا يساومونهم بالوكالة في حقوقهم.

وحتى لا يسوقنا أحدٌ إلى شعاب المواجهة المذهبية الباطلة التي يضحك بها علينا قادة عربٌ ومسلمون ومن والاهم نقول: هم عندنا سواء، يديرون حربا بالوكالة على المسلمين في العراق وسورية واليمن، ويخدعون الفلسطينيين وعامة المسلمين، وقد تساووا في جريمة الخيانة: خيانة الله ورسوله، وخيانة عامة المسلمين، وليس لهم أي تفويض شرعي أو وضعي للتسليم من دون قتال في أرض قد سالت فيها، وحولها، ولأجلها، دماءُ مقاتلين شرفاء من المشرق والمغرب.  

مقالات ذات صلة