الرأي

تاريخٌ مشرّف للكويت وأميرها

رشيد ولد بوسيافة
  • 1065
  • 4
رويترز
أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح خلال قمة مجلس التعاون الخليجي في العاصمة السعودية الرياض يوم 10 ديسمبر 2019

“نحن نشارككم في كفاحكم، فلا تهنوا ولا تحزنوا، سيزداد مقدار إعانتنا على مقدار ما ستزداد مداخيلنا، ستجدون عندنا بحول الله ما تحبُّون”، هذا ما قاله أمير الكويت لمبعوثي جبهة التحرير الجزائرية إبان الثورة وبينهم أحمد توفيق المدني، وبعد إعلان أول حكومة مؤقتة للجمهورية الجزائرية زار رئيس الحكومة فرحات عباس عددا من الدول العربية من بينها الكويت فقال له أميرُها: “كنا معكم قلبا، ثم صرنا معكم قلباً ومالاً، وكلّما اتسعت أموالنا زدنا في إعانة الجزائر، لا نتقيد بميزانية ولا نحدد المدد بعدد”، وهو النّهج الثابت الذي سار عليه من خلفه، ومنهم الشّيخ صباح الأحمد الجابر المبارك الصباح الذي لعب أدوارا محورية في دعم كفاح الشعب الجزائري، إذ كان يرأس اللّجنة الشعبية لجمع التبرعات للثورة الجزائرية، وقد جمعت في أسبوع واحد 1.6 مليون دولار وتم تسلميه لممثلي جبهة التحرير الوطني.

وعلى الرّغم من عدم نيل الكويت استقلالها التام إلا في سنة 1962، إلا أنّها لم تتخلَّف، وهي تحت الحماية البريطانية، عن دعم الجزائر، وكانت جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ترسل العشرات من الطّلبة الجزائريين لمتابعة دروسهم في الكويت. وبعد اندلاع الثورة التحريرية تواصل إرسال الطلبة الجزائرية باسم جبهة التحرير الوطني، وقد وجدوا هناك فضاءً للنضال لصالح القضية الجزائرية ونظموا أنفسهم ضمن رابطة الطلبة الجزائريين في الكويت سنة 1955، كما ساهم الطلبة الجزائريون في الكويت بشكل فعَّال في تأسيس رابطة الطلبة الجزائريين في المشرق العربي.

وقد أغدقت حكومة الكويت على الطّلبة الجزائريين وتكفلت بمصاريف دراستهم وسفرهم، بل كانت تدفع لهم منحا لقضاء العطل الصيفية في الخارج، وذلك على الرغم من محدودية الإمكانات، وتشير الإحصائيات الرّسمية إلى أن الكويت كانت تحتل المرتبة الرابعة عربيا من ناحية استقبال الطلبة الجزائريين والتكفُّل بهم، بعد كل من تونس والعراق ومصر، وبذلك تفوَّقت الكويت، التي لم تكن مستقلَّة حينها، على دول عربية عريقة في دعم القضية الجزائرية والتكفل بالطلبة الجزائريين.

هذا التاريخ المشرِّف لدولة الكويت في دعم القضية الجزائرية سارت عليه منذ إلغاء الوصاية البريطانية، واستقلالها في نوفمبر 1962. وتعدُّ الكويت الدولة الخليجية الوحيدة التي لم تلاحقها شبهاتُ التّطبيع السري والعلني مع الكيان الصهيوني، وحافظت في عهد الراحل صباح الأحمد الجابر المبارك الصباح على نفس الخط، ولم تتخلّ عن القضية الفلسطينية، ورفضت الانسياق مع تيار التطبيع الذي فضح العديد من مشيخات الخليج، كما رفضت قبل ذلك حصار قطر وسعت في حل الخلافات الخليجية بالحكمة والحوار.

مقالات ذات صلة