-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

تبعات سياسة بريطانيا لا يتحمّلها الإسلام

حسين لقرع
  • 3750
  • 5
تبعات سياسة بريطانيا لا يتحمّلها الإسلام

حينما يزعم رئيسُ الوزراء البريطاني الأسبق أن “المشكلة تكمن في الإسلام الذي يأمر أتباعه بالجهاد ضد أتباع باقي الديانات”، وبهذه الصيغة المطلقة، فإنه يقوم في الواقع بتبرير تصاعد أعمال الكراهية ضد المسلمين ومساجدهم في المملكة، حتى أنها تجاوزت تسعين ومائة جريمة عنصرية بعد أسبوع واحد من مقتل الجندي البريطاني في لندن بالساطور على يد مسلمين اثنين.

بلير الذي شارك مع بوش في جريمة غزو العراق بعد فبْركة أكذوبة أسلحة الدمار الشامل، يريد بهذا التصريح المتجنّي أن يُبعد تماماً أية مسؤولية عن نتائج السياسة العوجاء لبلده، من خلال مهاجمة الآخرين ومعتقداتهم، تلك السياسة التي كان أحدَ صناعها حينما كان رئيساً للوزراء.

بريطانيا ساهمت مع فرنسا في تقسيم الوطن العربي واحتلاله بموجب اتفاقية “سايكس بيكو” في عام 1916م، وهو التقسيم الذي لايزال سائداً إلى الآن لإبقاء العرب في حالة ضعف ووهن فلا تقوم لهم قائمة، كما أصدرت “وعد بلفور” سنة 1917م، ومنحت فلسطينَ لمن لا يستحقها، وساهمت بذلك في إقامة ما يُسمّى “دولة إسرائيل” في الأراضي الفلسطينية بعد تشريد شعبها، وبقيت تؤازر هذا الكيانَ اللقيط وتقوّيه على العرب منذ 1948 إلى الآن، وساهمت مع أمريكا في حروبها ضد العرب والمسلمين، ومنها غزو أفغانستان واحتلاله في أكتوبر 2001 ثم غزو العراق في مارس 2003، والمساهمة في تدميره وقتل مئات الآلاف من أبنائه، ثم المشاركة مع “الناتو” في ضرب ليبيا وقتل الآلاف من أبنائها.. وصولاً إلى دعم المعارضة السورية بكل الأشكال ومنها مدّها بالسلاح خِفية، قبل أن تساهم في قرار الاتحاد الأوروبي الأخير برفع الحظر عن تزويد المعارضة بأحدث الأسلحة، ما يعني أنها تدق مسماراً في نعش مؤتمر “جنيف 2” قبل أن يبدأ وتمدّد عمر الأزمة السورية أشهراً أو سنوات أخرى.

لقد ارتكبت بريطانيا بحق العرب والمسلمين جرائمَ كثيرة وشاركت في قتل الملايين من أبنائهم لعقود طويلة، وهي تصرّ على تبني نفس السياسة المعادية لهم، ومع ذلك كله لا يرى بلير أي عوَج في سياسة بلده، ولا يحمّلها أدنى مسؤولية في ردود أفعال المسلمين تجاهها، وآخرها جريمة قتل الجندي بساطور في لندن.

لقد قلنا إن هذه الجريمة الوحشية، التي ارتكبها مسلمان فقط وليس 2.5 مليون مسلم يعيش ببريطانيا، مُدانة وغير مبرّرة وتشكل إساءة بليغة للإسلام والمسلمين وتمنح ذريعة إضافية لمتصيِّدي هكذا أخطاء لمواصلة حملتهم التشويهية القذرة ضد الإسلام وكل أتباعه بشكل تعميمي مقصود، ولكن يجب القولُ كذلك إن السياسة العدوانية البريطانية ضد العرب والمسلمين، ولاسيما في العقدين الماضيين، مُدانة أيضاً؛ فهي ظالمة جائرة متغطرسة، مليئة بالعجرفة والتعالي على العرب والمسلمين واحتقارهم، ومن ثمة، فإنها تتحمل جزءاً من مسؤولية ما حدث لجنديِّها في لندن.

المشكلة ليست في الإسلام وتعاليمه كما يزعم بلير؛ بل تكمن في السياسة الظالمة والعدوانية لبلده ضد العرب والمسلمين على مرّ التاريخ، وإذا اخطأ بعض المتعصبين، فالإسلام لا يتحمل المسؤولية، وما على بريطانيا إلا أن تعيد النظرَ في سياستها تجاه 1.7 مليار مسلم، وأن تعاملهم بما يستحقون من إنصاف واحترام.     

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • بدون اسم

    و يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين

  • بدون اسم

    هم أحـــرار في أوطانهم.أتحداك أن تكشف لنا (المغتربين أو المهاجرين) البريطانيين اوغيرهم من الغربيين في البلاد العربية على غرار الحراقة والمغتربين الجزائريين....هم يأتون الى البيداء العربية(ولاأقول البلادالعربية)لأننا في أمس الحاجة اليهم.والى علمهم....يأتون في مهمات رسمية ويعودون الى دولهم عكس العرب الجزائريين خاصة الذين ماأن تنتهي مدة الاقامة حتى يختفون ولا يظهر لهم حس اوخبر...احتلال العراق بمباركة العرب.وايضاافغانستان بمباركة عربية اسلامية..لوكنت غربيا لفرضت عليكم الجزية كبيركم وصغيركم ودابكم

  • بدون اسم

    أضف الى ذلك هؤلاء الأفارقة (ولا يخفى على عاقل أفعالهم)من اجل المال يمكن أن يكونوا مسلمين أو نصارى او يهود حسب الطلب الا من رحم ربي و ما قصة قتلهم لهذا الجندي ألا حكاية لذر الرماد على العيون و تحريك الجمر حتى لا تنطفأ نار كراهية المسلمين
    لا يصلح حال الأمة الا بكتاب الله و سنة نبيه محمد صلى الله عليه و سلم التي إبتعدنا عنها

  • محمد رايس

    السياسة الاستعمارية والعنصرية لبريطانيا و الغرب عموما , معروفة و لا تحتاج نقدا او ادانة . ولكن المنطق يقول ان الخطا موجود ايضا في االاسلام . الكلام الذي قاله توني بلير عن الاسلام صحيح مائة بالمائة و لا ينكر ذلك عاقل . نعم , الاسلام يامر اتباعه بابادة اتباع المعتقدات الاخرى . هل هذا خاطئ او مغلوط لا اعتقد ذلك بما انه موجود في القران و كتب الحديث و من قراهما بالتاكيد يعلم هذا . اعتقد ان الحل بالنسبة للمسلمين يكمن في الاجتهاد و اتباع اسلام حداثي معاصر يحترم المواثيق الدولية و حقوق الانسان .....

  • ابو محمدالحسن

    كثيرمن الساسة و المثقفين الغربيين لا يؤمنون بالديمقراطية والحرية
    خارج اوطانهم,لذلك استعبدوا و اذلوا شعوبا و قارات ردحا من الزمن.
    و قول بلير هذا لا ينم عن جهل بالاسلام و تعاليمه,و انما يدل على
    حقد و بغض للاخر وخاصة المسلمين لاعتبارات عقدية و تاريخية.
    و من هنا ندرك ان الثقافة الغربية هي ثقافة اقصائية استعلائية لا
    تؤمن بحوار الحضارات’و انما تؤمن بالتصادم معها و محاولة الغائها.
    و على حكوماتنا ان تتبنى مشاريع مجتمعية نابعة من ثقافتناو تربتنا
    تمكننا من النهوض ببلداننا وتحصين شبابنا من كل فكر متطرف...