-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
الشراء متعة حُرِم منها الزبون بفعل فاعل

تجّار “يفترسون” المستهلك بقلّة الاحترام!

سمير مخربش
  • 6694
  • 0
تجّار “يفترسون” المستهلك بقلّة الاحترام!
أرشيف

أثارت الحملات التي تشنها المصالح الأمنية وجهاز العدالة ضد التجار المضاربين والفوضويين، تساؤلات حول إمكانية تحسن ظروف التسوق التي لازالت بعيدة عن القواعد والمعايير المعمول بها، ولازالت تؤرق المستهلك الجزائري في ماله وصحّته.
الحملات المضادة للمضاربة عبر مختلف ولايات الوطن أعطت نتائج طيبة من حيث الدّخول في الصف، وانضباط تجار المواد الغذائية الذين تشهد محلاتهم اليوم عقلية مغايرة تختلف عما كانت عليه في السابق، فاليوم حليب الأكياس معروض بسعره المقنن بـ25دج، ويباع بدون شروط وبدون إلزام المستهلك باقتناء مواد أخرى لا يحتاجها من لبن وشاربات وحتى ياوورت، وكذلك مادة الزيت متوفّرة في كل المحلات، خاصة في الفضاءات الواسعة، أين أصبحت تعرض في الرصيف والناس يمرون عليها مرور الكرام، وعند الخبازين هي بداية الوفرة للخبز العادي الذي يباع بـ10 دج إلى جانب الخبز المحسن الذي يبقى اختياريا.
وقد بدأت هذه الثقافة تنتشر وسط التجار على غرار ما هو موجود في ولاية سطيف على سبيل المثال، بعد الحملات التي شنتها المصالح المعنية التي رفعت “العصا لمن عصى”، ولعبت العدالة دورها وضربت بيد من حديد كل من سولت له نفسه التلاعب بهذا القطاع الحساس، فأصبح السجن يهدد أي تاجر يخالف الإجراءات القانونية.

هؤلاء أيضا مضاربون يضربون الزبون بأيديهم وبأسعارهم
وحسب المواطنين المهتمين بهذا الشأن فإن اللجوء إلى الردع كان ضروريا وتدخل رئيس الجمهورية شخصيا لتشديد العقوبة على المضاربين كان في محله – كما قال يوسف أستاذ ثانوي – لأننا أصبحنا نعيش وسط تجار بعضهم بعقلية وحوش “تفترس” المستهلك في كل منعرج، وتستنزف جيبه ودمه. والضرر الذي يلحق بالمواطن يشمل الأسعار المرتفعة والنوعية الرديئة وظروف البيع التي لا تتناسب إطلاقا مع مظاهر احترام الإنسان.
وعلى سبيل المثال جولة قصيرة في أسواق ولاية سطيف تشعرك بأنك غير محترم في نظر بعض الباعة والتجار، فهم يعرضون بضاعتهم في أماكن غير لائقة، تتنافى مع شروط التسوق، والعديد من المواقع تجدها تحت رحمة الأوحال في الشتاء والغبار في الصيف، كما هو حال السوق الفوضوي للخضر الموجود بحي عين موس بسطيف، الذي فرضه الباعة بعد مطاردات متكررة، فاختاروا أرضية ترابية تقع بمنحدر وتداخلوا فيما بينهم وتزاحموا بطريقة فوضوية لا يحكمها أي نظام.
وهنا يقول نسيم أحد المتسوقين الذي التقيناه بهذا المكان “لقد فرضوا علينا منطقهم بحكم البعد عن وسط المدينة، فهذا الحي جديد ولا توجد به أسواق ومحلات كافية لبيع الخضر، فوجدنا أنفسنا تحت رحمة الباعة الفوضويين الذين يلزموننا بشراء خضر وفواكه رديئة بأسعار غالية”، وبالفعل ذلك ما وقفنا عليه عند بائع للفواكه الذي يعرض تفاحا حباته لا تزيد على حجم التين، وهي من النوعية الرديئة التي من المفروض أن يتخلص منها الفلاح بعد تساقطها من الشجر، ورغم ذلك يبيعها التاجر بسعر 300 دج للكيلوغرام!

أسواق الوحل والحشر لا أمن فيها ولا نوعية
وإلى جانب الأسعار، يكمن الإشكال أيضا في ظروف التسوق التي تبقى كارثية، وغير آمنة أحيانا لتواجد طاولات العرض بالقرب من الطريق التي أصبحت حوافها تهدّد السائق والمار والبائع والشاري، وجميعهم رضوا بهذه الصورة الفوضوية التي تشوه المنظر العام.
وقد اعتاد الزبون على المعاملة السيئة التي يلقاها من بعض الباعة الذين احترفوا القساوة مع غلظة اللسان، وتصادفك في هذه الأسواق الفوضوية شجارات حادة تنتهي أحيانا بجرائم قتل، وما أكثرها بولاية سطيف التي شهدت حوادث مؤلمة أزهقت فيها الأرواح بسبب عدم التفاهم حول بضاعة، أو اختلاف على مكان العرض، وقد سبق لبائع أن قتل زميله، لأنه استولى على المكان الذي احتكره القاتل منذ مدة، فإذا دخلت هذا النوع من الأسواق فحياتك محل تهديد، وكم من زبون كان ضحية اعتداء بائع يحمل معه عصا ويخفي أسلحة بيضاء محظورة، وهي في متناولهم دوما عند بيع البطيخ.
وإذا نجوت من هذا التهديد تصدمك الأسعار المرتفعة التي تفوق في بعض الأحيان أسعار المحلات الراقية، وتفجعك أيضا النوعية وكذلك الخداع الذي أصبح من عاداتهم.
وقد وقفنا على ظاهرة غريبة يلجأ إليها باعة العنب الذي يختارون لك العنقود المغري، لكن يضعونه في كيس أسود فيه كمية مخفية لا تراها ويزنون لك الكمية كاملة، وعندما تعود إلى البيت تكتشف أنهم خدعوك وأنت في غفلة من أمرك. ونفس الشيء مع باقي الخضر أين يظهرون لك ما لا يبطنون، والواجهة ليست دوما كالخلفية القريبة من البائع. ومنهم من يحلف لك بالله أن بضاعته هي الأفضل في السوق وحلوة كالعسل، وإذا عدت الى البيت تجدها رديئة ومرة كالعلقم، فتتأكد أن قسمه كان على كذبة يعتبرها من شطارة التجارة.

عرضوا عليهم أسواقا منظّمة رفضوها وفضلوا الفوضى
هؤلاء الباعة عرضت عليهم الأسواق المنظمة فرفضوها، فقد شهدت ولاية سطيف بناء العديد من الأسواق التي اختارت لها اللون الأزرق وهي الآن خاوية على عروشها، ولكل من أراد أن يزورها يجدها في حي الهضاب قرب الجامعة، وفي حي الحاسي بسطيف، وكذلك بحي البخاري بالعلمة، وهي أسواق تنتشر في العديد من ولايات الوطن بنيت لتنظيم الباعة في مكان نظيف يليق بمقام الزبون، إلا أن أغلبية هذه المشاريع فشلت، وللظاهرة عينات في مختلف ولايات الوطن. وحسب بعض الباعة الذين تحدثنا إليهم فإن هذه البنايات لا تتناسب مع نشاطهم، لأنهم يفضلون الأماكن المفتوحة التي تجلب الزبائن وتسمح بعرض البضاعة أمام أعين الناس، فتجدهم يفضلون الطرقات العمومية والأرصفة والمساحات المحاذية للمساجد والأزقة الضيقة، أين يزاحمون المارة والسيارات، وإذا غادروا المكان تركوه مجمّعا للقاذورات والأوساخ.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!