-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
نيشان

تحالف‮ ‬الفساد‮.. ‬والمضاربة

محمد عباس
  • 3822
  • 5
تحالف‮ ‬الفساد‮.. ‬والمضاربة

تململ الشارع الجزائري – أمام تردي أحوال المعيشة على الصعيدين المادي والمعنوي – يقتضينا أن نذكر ببعض أبجديات الحكم التي تتضمن جانبا منها الآية الكريمة: “وأطعمهم من جوع وآمنهم من خوف”، فضلا عن حسن الأداء السياسي وسيادة العدل.

  • غداة سقوط حكم الداي حسين في الجزائر سنة 1830 بدا للكاتب الوزير حمدان خوجة أن يدعو لدى الباب العالي في اسطمبول، لتعيين الباي أحمد خلفا له. ترى بماذا مهّد لذلك؟ لقد امتدح مرشحه بخصلتين: استتباب الأمن ورخاء الأسواق في بايلك قسنطينة!
  •  في سنة 1980 زار الجزائر الوزير الأول التونسي محمد مزالي بدعوة من نظيره محمد بن أحمد عبد الغني الذي أدلى بالمناسبة بحديث للتلفزة التونسية. وبدا لتشريفات وزيرنا الأول أن تدعو بعض مسؤولي وسائل الإعلام الوطنية لحضور تسجيل الحديث!
  • في‮ ‬نهاية‮ ‬التسجيل‮ ‬فاجأ‮ ‬صحفي‮ ‬التلفزة‮ ‬التونسية‮ ‬عبد‮ ‬الغني‮ ‬بسؤال‮ ‬بروتوكولي‮:‬
  • ‮”‬كيف‮ ‬تتصورون‮ ‬مستقبل‮ ‬الجزائر؟‮”..‬
  • هذا‮ ‬السؤال‮ ‬الذي‮ ‬يغلب‮ ‬عليه‮ ‬طابع‮ ‬المجاملة‮ ‬أربك‮ ‬وزيرنا‮ ‬الأول‮ ‬فطلب‮ ‬وقف‮ ‬التسجيل،‮ ‬وخرج‮ ‬من‮ ‬القاعة‮ ‬لاستشارة‮ ‬مساعده‮ ‬الإعلامي‮ ‬خالفة‮ ‬معمري،‮ ‬والعودة‮ ‬بالجواب‮ ‬المناسب‮ ‬لهذا‮ ‬السؤال‮ ‬البروتوكولي‮!‬
  • بيت‮ ‬القصيد‮ ‬في‮ ‬هذه‮ ‬الحادثة‮ ‬الطريفة‮ ‬أن‮ ‬الوزير‮ ‬الأول‮ ‬لم‮ ‬يكن‮ ‬شخصيا‮ ‬يحمل‮ ‬أي‮ ‬تصور‮ ‬لمستقبل‮ ‬البلاد‮!‬
  • ومعنى‮ ‬ذلك‮ ‬أن‮ ‬سوء‮ ‬الأداء‭ ‬السياسي‮ ‬ـ‮ ‬الذي‮ ‬يعبر‮ ‬عنه‮ ‬هذا‮ ‬الموقف‮ ‬المأساوي‮ ‬ـ‮ ‬بدأ‮ ‬عمليا‮ ‬منذ‮ ‬رحيل‮ ‬الرئيس‮ ‬هواري‮ ‬بومدين‮.. ‬في‮ ‬أواخر‮ ‬1978‮..‬
  • ومن‮ ‬أبرز‮ ‬مظاهر‮ ‬التراجع‮ ‬السافر‮ ‬في‮ ‬الأداء‭ ‬السياسي‮:‬
  • 1‬وقف‮ ‬مسيرة‮ ‬الاستثمار،‮ ‬مع‮ ‬فتح‮ ‬أبواب‮ ‬الاستهلاك‮ ‬على‭ ‬مصراعيها‮ ‬قبل‮ ‬النهوض‮ ‬بالاقتصاد‮ ‬الوطني،‮ ‬وتحويل‮ ‬ثروة‮ ‬المحروقات‮ ‬الزائلة‮ ‬إلى‮ ‬ثروة‮ ‬إنتاجية‮ ‬دائمة‮.‬
  • 2‮ ‬استبدال‮ ‬احتكار‮ ‬المضاربين‮ ‬باحتكار‮ ‬الدولة‮ ‬في‮ ‬مجالات‮ ‬حساسة،‮ ‬كالمواد‮ ‬الغذائية‮ ‬الأساسية‮ ‬ومواد‮ ‬البناء،‮ ‬فضلا‮ ‬عن‮ ‬الأدوية‮.‬
  • 3 ‬إسناد‮ ‬المهام‮ ‬السياسية‮ ‬إلى‭ ‬غير‮ ‬أهلها،‮ ‬وبطريقة‮ ‬عشوائية‮ ‬مغرضة‮ ‬يندى‮ ‬لها‮ ‬جبين‮ ‬الساسة،‮ ‬من‮ ‬معاوية‮ ‬إلى‭ ‬بومدين‮ ‬مرورا‮ ‬ببورقيبة‮ ‬والحسن‮ ‬الثاني‮!‬
  • فهل‮ ‬نستغرب‮ ‬في‮ ‬ظل‮ ‬مثل‮ ‬هذا‮ ‬التراجع‮ ‬في‮ ‬الأداء‮ ‬السياسي‮ ‬على‭ ‬مدى‮ ‬30‮ ‬سنة‮ ‬كاملة،‮ ‬أن‮ ‬تؤول‮ ‬الأمور‮ ‬إلى‭ ‬ما‮ ‬نحن‮ ‬فيه‮ ‬اليوم‮: ‬وضع‮ ‬البلاد‮ ‬والعباد‮ ‬رهينة‮ ‬التحالف‮ ‬الخطير‮ ‬بين‮ ‬المضاربة‮ ‬والفساد؟‮!‬
  • لقد استبدّ المضاربون بالاقتصاد الريعي، وأصبحوا يبتزّون حكّامنا جهارا نهارا بالضغط المتواصل على المواطنين، عبر التلاعب، بالمواد الغذائية ومواد البناء والأدوية، من حيث افتعال الندرة والزيادة المستمرة في الأسعار..
  • ويجد المضاربون نعم الحليف في الفساد المستشري على نطاق واسع، الأمر الذي أشاع وسط عامة الشعب الشعور بأن المال العام بات هملا، يتداول على نهبه أقوياء الساعة، من أشباه الساسة والمسيّرين وحلفائهم المضاربين،.
  • أمام‮ ‬هذه‮ ‬الوضعية‮ ‬التي‮ ‬تكاد‮ ‬تخنق‮ ‬أنفاس‮ ‬البلاد‮ ‬والعباد،‮ ‬هل‮ ‬يمكن‮ ‬أن‮ ‬نستغرب‮ ‬تململ‮ ‬بركان‮ ‬الشعب‮ ‬وانفجاره‮ ‬بين‮ ‬الفينة‮ ‬والأخرى‮ ‬هنا‮ ‬وهناك؟‮! ‬
  • ويمكن اعتبار سوء الاتصال بين الحكام والمواطنين عاملا إضافيا – قويا – لتغذية التململ الشعبي وانتفاضاته المتكررة. فالقاضي الأول يلازم الصمت لفترات طويلة، ولا يتحدث إلا في مناسبات متباعدة، ولا يكاد يخاطب ناخبيه مباشرة.. وعندما يخطب يتناول غالبا مواضيع بعيدة عن‮ ‬اهتمام‮ ‬عامة‮ ‬الشعب،‮ ‬مما‮ ‬يعمّق‮ ‬الشعور‮ ‬بضعف‮ ‬التواصل،‮ ‬ويزيد‮ ‬من‮ ‬وطأة‮ ‬الإحباط‮ ‬المتولّد‮ ‬عنه‮.‬
  • ولم‮ ‬يعد‮ ‬ـ‮ ‬إلى‭ ‬جانب‮ ‬هذا‮ ‬الفراغ‮ ‬في‮ ‬القمة‮ ‬ـ‮ ‬للوسائط‮ ‬السياسية‮ ‬والاجتماعية‮ ‬حضور‮ ‬جدي‮ ‬فعال‮ ‬في‮ ‬الميدان؛‮ ‬حضور‮ ‬جدير‮ ‬بمواجهة‮ ‬التململ‮ ‬الشعبي‮ ‬والتنفيس‮ ‬عنه،‮ ‬أو‮ ‬التخفيف‮ ‬من‮ ‬حدّته‮ ‬على‭ ‬الأقل‮.. ‬
  • ‬فهل‮ ‬يمكن‮ ‬أن‮ ‬ننتظر‮ ‬تدخلا‮ ‬حاسما‮ ‬في‮ ‬التصدي‮ ‬لهذا‮ ‬التململ‮ ‬من‮ ‬الوزير‮ ‬الأول‮ ‬وأمين‮ ‬عام‮ “‬التجمع‮ ‬الوطني‮ ‬الديمقراطي؟‮!”.‬
  • وهل‮ ‬ننتظر‮ ‬نجاعة‮ ‬أكبر‮ ‬من‮ ‬شريكه‮ – ‬ومنافسه‮ – ‬أمين‮ ‬عام‮ ‬جبهة‮ ‬التحرير‮ ‬الوطني؟‮! ‬
  • ‬وهل‮ ‬أصبح‮ ‬للنقابة‮ ‬الرسمية‮ ‬حضور‮ ‬يذكر‮ ‬في‮ ‬الميدان‮ ‬الاجتماعي؟‮!‬
  • لقد تكلّست الوسائط السياسية والاجتماعية جميعا، وتحنّط “خطابها” ـ إن كان لها خطاب أصلا! ـ وأصبحت بذلك أعجز ما تكون عن معالجة الضغط المتزايد على المواطنين، جراء تفاقم الشعور بغياب الدولة أو ضعف حضورها من جهة، وتكالب بارونات المضاربة والفساد من جهة أخرى..
  • قال‮ ‬الفقيد‮ ‬بن‮ ‬طبال‮ ‬غداة‮ ‬تصفية‮ ‬رمضان‮ ‬عبان‮ ‬أواخر‮ ‬1957‮: “‬إنني‮ ‬أرى‮ ‬المستقبل‮ ‬أسود‮”!‬
  • ترى‮ ‬ماذا‮ ‬يمكن‮ ‬أن‮ ‬يقول‮ ‬شباب‮ ‬اليوم‮ ‬أمام‮ ‬استمرار‮ ‬الوضع‮ ‬الراهن‮ ‬وآفاقه‮ ‬المظلمة؟‮!..‬
أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
5
  • انا

    هاهاهاهاهاهاااااااااااا

  • عبد النور

    يا أخي أصحاب الشهرية و يشتكوا من الأسعار ماذا نقول نحن البطالة حتى الحرقة داروا قانون يعاقبها ... هذي سياسة "كسر و لا موت "

  • y

    please we need at least one good new about Algeria or (nakde banaa when you analyses the problem give us some solutions.

  • مواطن واعي

    رواد العولمة و عملاؤهم جعلوا الحياة على أهوائهم و صارت أسعارالسلع في الدول المتخلفة تقارن بالعملة الأجنبية . فهل يقد رالمواطن ذو الدخل الضعيف أن يعيش بجانب من وصل دخله الشهري كموظف فقط إلى 30مليون. وعندما تلاقت مصالح النافذين في الحكومة بمصالح أصهارهم من كبار البرجوازيين ومن على شاكلتهم حوصرت كرامة المواطن ليس في الجزائر فقط إنما في العالم كله .وهذه هي العولمة!!!

  • mohamed

    الفساد يمكن أن نفهمه ، ولكن ماذا تعني بالمضاربين، يمكن أن نسميهم المافيا، أمثال ربراب ومعاوينه !!!