الجزائر
زحف الإسمنت يطال الأراضي الخصبة

تحقيقات تستهدف 1600 مستثمرة فلاحية في المسيلة

الطيب بوداود
  • 1250
  • 1
ح.م

لا تزال ولاية المسيلة تتخبط وسط كومة من المشاكل منذ نشأتها كولاية، رغم استنزافها الملايير. فعلى ضوء التقارير والأرقام وبعض المؤشرات المتعلقة بالتنمية، بقيت المسيلة التي تتربع على 18 ألف كلم مربع، تبحث عن اللحظة التي يوضع فيها قطار التنمية على السكة.

ولعل الأبرز في هذه المشاكل المساس بحرمة الأراضي الصالحة للزراعة، خاصة تلك التي كانت تسقى بمياه سد القصب.
حيث وبسبب غياب نظرة شاملة تعرضت الولاية في مواقع عدة إلى اعتداءات صارخة، على أكثر من مساحة صالحة للزراعة والسبب هو الزحف العمراني العشوائي الفوضوي، ومثال ذلك الأراضي المتاخمة لعاصمة الولاية.

فقد تحولت خلال 30 سنة الماضية إلى مبان أغلبها فوضوي، والحال نفسها نجدها على مستوى الجهة الشرقية للمدينة، حيث كانت هناك أراض خصبة تنتج القمح والشعير تعرضت، حسب مختصين تحدثوا لـ “الشروق” إلى نكبة حقيقية. فبعد أن دمر جزء من شبكة السواقي الإسمنتية التي يعود تاريخها إلى حقبة الاستعمار الفرنسي، تحولت في الوقت الحاضر إلى مجرد ذكريات وحكايات قد لا تصدق من قبل أجيال الحاضر، وهي وضعية أسالت الحبر الكثير، ووردت على مستوى التقارير، سواء التي تناولتها الصحافة الوطنية أم تلك التي قدمتها بعض الهيئات المنتخبة والإدارية، وتلخص جميعها الوضعية المشار إليها، وتبرز ما فقدته وما تفقده الولاية جراء غياب رؤية استراتيجية لقطاع الفلاحة، وعدم المحافظة على الأراضي الزراعية.

علما أن عملية استنزاف الأراضي الفلاحية، لم تتوقف على جهة معينة بل شملت كل جهات المنطقة التي فقدت البريق الفلاحي خاصة وكان بالإمكان وقتها توجيه العمران إلى مناطق تصلح للبناء، لكن هذا لم يحدث وغرقت الولاية ومدنها الرئيسية وعلى رأسها عاصمة الولاية في أتون سياسة لم تحترم وقتها الأراضي الفلاحية، واختفت في ظل تلك الممارسات أجزاء من السواقي الإسمنتية وتقلصت المساحة التي كان يغطيها سد القصب التاريخي، الذي تعرض هو الآخر، يقول عدد من الخبراء، إلى نكبة نتيجة تراجع منسوب مياهه بسبب ارتفاع نسبة الطمي التي تعدت كل التقديرات وحاولت السلطات الولائية مرارا تخفيف الضرر الذي لحق بهذا السد الذي كان يغطي 04 بلديات في مجال سقي الأراضي الفلاحية، حيث سخرت له آلية مهمتها إزالة أطنان الأوحال والطمي المترسبة، لكن كان لذلك انعكاس مباشر، حيث فقدت المنطقة أزيد من 100 ألف شجرة مثمرة خاصة المشمش على مستوى مناطق نوارة وبوخميسة والمطارفة ومزرير والبساتين المحيطة بوادي القصب.

والصور التي لطالما التقطناها تجسد هذه الوضعية التي لطالما وصفها ناشطون وفلاحون بالكارثية، خسرت بسببها البلديات المذكورة مئات أشجار المشمش الذي كان قبلة لعشرات التجار من مختلف مناطق الوطن، بل حتى عملية الاستثمار في هذا القطاع شابها نوع من الخلل في عدد من الأماكن حيث محيطات فلاحية في غير مكانها ومثال ذلك ما عرف منذ أكثر من 10 سنوات ” بمحيط بوخميسة” الذي أصبح جنبا إلى جنب المنطقة العمرانية الجديدة وتحديدا القطب الجامعي والقطب الحضري الجديد وأخرى حبر على ورق، بينما بعضها اختفى وذهبت مقدراته إلى المجهول والأكيد أن هذا الملف أخذ بعدا آخر وكان محل متابعات وتحقيقات آخرها القرارات التي اتخذها والي الولاية اوشان إبراهيم، حيث إن التحقيقات استهدفت 1624 مستثمرة فلاحية أين أصدر الوالي عددا من القرارات تتضمن إلغاء استفادة 32 فلاحا من الأراضي الفلاحية التي استفادوا منها في إطار قانون حيازة الملكية العقارية الفلاحية بواسطة قانون الاستصلاح 83/18 والبلديات التي شملتها قرارات الإلغاء، عين الملح 18 فلاحا والمعاريف 08 فلاحين، بينما في بلدية مناعة 06 فلاحين.. وعن الأسباب التي أدت إلى اتخاذ هذا القرار تمت الإشارة، إلا أن المعنيين لم يقوموا ببرنامج الاستصلاح الفلاحي منذ عقود من الزمن وتركوا الأراضي الفلاحية مهملة وغير مستغلة.

مقالات ذات صلة